رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المخدرات تخرب بيت «غادة»

زوجة حزينة
زوجة حزينة

عصفت المشاكل الزوجية بمنزلها الصغير الهادئ ووقفت أركانه على أنقاض البناء، انتهت حياة أبويها وتناثرت أحلام الاستقرار والبقاء والصمود ومواجهة المصاعب والمتاعب ومجابهة المحال مهما تكالبت عليهما وحوشه، دارت الراح وراح كل هذا أدراج الرياح، فذهب الحب الكبير كأن لم يكن، وكان الانفصال الحل الأسلم ليسطّر بيده النهاية، وعاشت «غادة» ضحية طلاق أبويها، متنقلة بين أم وأب تتمسك بأمل العودة، ليرفع كلا منهما يداه مودّعًا إياها في ختام كل زيارة، ولا شكَّ أن ذلك ترك في نفسها أثرًا سلبيًا لا تزال حتى اليوم تتجرّع مرارته.

 

اقرأ أيضًا: سعيدة تسطر نهاية حزينة بـ«حبة الغلة»

 

وها هي الآن «غادة» الابنة الضحية تلعب دور البطولة ولكن في قصّتها هي! وكأنها على موعد غير منقطع مع الأحزان، خاصمها الأمان الدفء، فكيف تأمن وتدفأ وهي عارية العائلة.

 

«هنا قلوبٌ غير صالحة للاستخدام الآدمي كقلبي».. ردّدت «غادة» تلك العبارة منذ أن خطت قدماها عتبات محكمة الأسرة بزنانيري، وكأنها تندب حظها والظروف التي آوت بها إلى هنا، وقفت وسط وجوه عابسة تتنافر من حولها، وتتلاشى معها أصوات نحيب نساء متّشحات بالسواد، وكأنهن فى سُرادق عزاء، وصرخات أطفال مطحونين بين راحة أمهاتهم وسندان آبائهم، وغضب رجال من نسوة خربن بيوتهن وجلسن على عروشها الخاوية.

 

استندت على كرسي خشبي متهالك يُقاوم السقوط مثلها، بدت تائهة، خائفة، يمر عليها شريط حياتها بدءًا من الانفكاك الأسري الذي عانت منه منذ نعومة أظافرها وحتى قدومها إلى تلك القاعة المكتظة بالمتقاضين، لم يُخرجها من دوامة تفكيرها البائسة وتساؤلاتها سوى نبرة حادة تخبرها بقرب مثولها أمام القاضي كي يلقي على مسامعها الحكم في دعوى «الخلع» التي أقامتها ضد زوجها بعد عامين من الزواج مدعية أنه «مُدمن وسليط اللسان».

 

وقفت ذات الثلاثين عامًا تلَملم جراحها النّازفات وبقايا قَلبها المكسور وكرامتها المهدرة لتسرد تفاصيل زيجتها البائسة قائلة: «عشت طيلة حياتي أبحث عن الحب والاستقرار الذي هجر بيت أسرتي منذ سنوات، إلى أن وقعت في شباك زميلي في الجامعة، رأيته حالة خاصة ونادرة من البشر، معزوفة سحرية رائعة بدّلت مواويل قلبي طربًا، لا يشبه أحدًا من الرجال، كان في اعتقادي أنه لا شبيه له ولا مثيل، لم يكن مجرد زميل دراسة فحسب، بل كان حبيبي الأول، أول من داعب قلبي التعيس فدقّ له حبًا، تواعدنا سويًا على البقاء معًا رغم ظروف الحياة وصروف الليالي، كنت واضحة معه وضوح الشمس في رابعة النهار، كنت له كتابًا مفتوحًا، لم أنافقه ولم أتلوّن بأية حال، ولم أدِّعِ شيئًا ليس موجودًا في شخصيتي، أبهرني بحنيته وشهامته المزيفة، وما كان كل هذا سوى قناع اصطنعه لكي أنخدع فيه، وكان ينثر الوعود الزائفةَ بين يدي وأمام عيني ثم يتهرب منها، فبدأت مأساتي معه من منطلق هذا القناع، وكأن الراحة أقسمت ألَّا تطرق بابي، وكأن الحزن وعدني بأن يكون حليفي أينما أدبرت وجهي».

 

اكتسى وجهُ الزوجة الثلاثينية بغيمات دموعِ، وانتفض جسدها وهي تكمل روايتها بصوت متهدج: «ظننت أنه جاء لي اعتذرًا عن الأذى النفسي الذي تعرّضت له وأنه سيعوضني عن حالة التفكك الأسري التي لطالما عانيت منها، لم يخطر على بالي أنني لم أكن سوى فريسة وقعت في شباك صائدها، فكان يأتيني بكلام معسول، يحمل بين طياته أملًا غاب عني زمنًا، فإذا الحياة في نظري نعيم حاضر وجنة وارفة الأغصان، وكلما تكالبت على قلبي المتعب هموم ثِقال، هموم تنوء بحملها الجبال الرواسي، فتأتيني كلماته الرقراقة فتُنعشُ قلبي بعد يأس، ويسعد بعد بؤس، وتجري في أوداجه دماء الحياة من جديد، كلمات عذبة زرعت في قلبي البائس بشريات التفاؤل والأمل، كل هذا تحت مسمى «الحب» الذي هو أكبر أكذوبة تاريخية إنسانية على وجه الإطلاقِ، وهمٌ رقراق خدّاع حُلو فهو رغم لُطفه وهمًا، مجرد محض وهم، تجربتي معه أثبتت لي أنه لا يوجد في الحقيقة مُحب أو مخلص، إنما هي المصلحة الشخصية فحسب، فإن وجدت كان الحب وإن انتفت انتفى، إذن فما أتعس المحبين وما أشقاهم!».

 

صمتت «غادة» لبرهة تجمع فيها شتات نفسها المعذبة ثم استطردت في رواية حكايتها كوجع لو قِيل له تكلّم لاشتكى من طول المكوث بين جوانحها: «تمت الزيجة، والتي بدأت بالكذب حين أوهمني بأن الشقة التي عشت معه فيها بمنطقة

شعبية مِلكٌ له، ولم تمضِ سوى أيام على زواجنا حتى اكتشفت أن زوجي مدمن وسليط اللسان، فتركته وعدت للعيش مع أمي، فلم يحتمل زوجها مكوثي ولم أسلم من تمتماته الموبّخة، فلجأت لوالدي صِرت خادمة لزوجة أب لا تعرف الله، ولا تجد للرحمة مكانًا في صدرها، تلقمني بعبارات الإذلال والمهانة بين الحين والآخر، ضاقت بي السبل فرجعت إليه صاغرة ذليلة بدلًا من لجوئي إلى الشارع، فانتهز الفرصة واستغل ضعفي وقلة حيلتي واستولى على مصوغاتى وأجبرني على النزول للعمل كخادمة في البيوت لتطلبية متطلباته الشخصية والإنفاق على «مزاجه».

 

تسارعت أنفاس السيدة الثلاثينية وانهمرت الدموع من عينيها البائستين كنهرٍ جارفٍ وارتعش صوتها من الحسرة والبكاء وهي تكمل: «لم يكتفِ زوجي بتعذيبي نفسيًا، بل بات يتعدى عليَّ بالضرب المبرح ليلًا ونهارًا بسبب ومن دون سبب، ومرّ عامان على هذا الحال، عامان بالتمام والكمال من البؤس والمرار حتى طفح الكيل، عامان مرّا بما حملا من أحلام وأوهام، من آمال وآلام، واليوم يقف البيت على أنقاض بناء لا يمتلك غير قلب مكلوم وقصة وجع وشلال دموع! كانت لنا فيهما حروب صولات وجولات، يعنفني هو تارة وأهدده أنا باللجوء إلى المحاكم أخرى، وتحول حب البدايات في نهاية المطاف حفنة آلام وحسرات، بعد أن جعلني إنسانة ممزقة النفس، وحيدة بلا روح، ورغم ذلك تحملت وحاولت أن أصلح منه بشتى الطرق، من أجل ألا يعاني ابني من الحياة المفككة التي سبق وأن عشتها، لكنني اكتشفت أنني ظلمت نفسي عندما قبلت بهذا الوضع منذ كذبته الأولى، ومن قبلها ظلمت ابني باختياري أبًا له كهذا، تبرأت الأبوة من نسبه لها».

 

تحايلت الزوجة الثلاثينية على دموعها المنهمرة بابتسامة خفيفة تعلو ثغرها قائلة: «ازداد زوجي في طغيانه، وخصّص كل راتبه لشراء المخدرات، تاركًا البيت خاليًا من المال والطعام، حتى فاض بي الكيل، وطلبت منه أن يتحمل مسؤولياته كأب وزوج، ويرحمني من مد الأيدي للقريب والغريب كي أنفق على البيت، وأسد جوع صغيري، فردّد لي بنبرة متبجحة: «لو بإمكانك خلع البلاط فافعلي» فأخبرته: «لا ليس بإمكاني.. ولكن لا بأس فبإمكاني خلعك أنت»، وبالفعل لجأت إلى محكمة الأسرة وأقمت ضده دعوتي خلع ونفقة للصغير أُصحّح بهما خطأي، فلن أقبل أن يستمر العيش بيني وبين هذا الرجل الذي أذهبت المخدرات عقله، كل ما أتمناه أن أخلص منه في أسرع وقت، فلن أعود إليه حتى وإن اهتدى ولم يعد يغادر سجادة الصلاة لحظة فأنا تعلمت الدرس جيدًا».

 

موضوعات ذات صلة:

اجتمعوا في الشباب.. وتفرقوا في المشيب
طـــلاق.. فــــي خــريـــف الـعــــمر!

"الوفد" تكشف المسكوت عنه خلف الأبواب المغلقة:
التحرش بالصغار.. جريمة لا تسقط بالتقادم

جبروت رجل.. ذئب ينهي حياة ابنته بمساعدة شقيقيها

ابن أمه.. عروس تطلب الخلع بعد سنة زواج

العم الذئب.. استغل غياب أخيه واغتصب ابنته المعاقة

 

لقراءة المزيد من أخبار قــــــــصـــــــــــــة جـــــريــــــــمــــــــــــة اضغط هنـــــــــــــــــــــــا