رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ابن أمه.. عروس تطلب الخلع بعد سنة زواج

ابن أمه
ابن أمه

أهلَّ عليها الصبحُ، بعد ليلٍ داج مليء بالصراعات والمشادات، كان طريقها خاليًا، إلا من بعض المشاة والذاهبين إلى أعمالهم، كان الوقتُ لا يزال مبكرًا، والشمس بالكاد تُداعب وجنةَ النهار، هكذا كان حال طريق «جهاد» الطويل إلى محكمة الأسرة بزنانيري.

 

اقرأ أيضًا:

جبروت رجل.. ذئب ينهي حياة ابنته بمساعدة شقيقيها

العم الذئب.. استغل غياب أخيه واغتصب ابنته المعاقة

 

وطأت قدم الشابة العشرينية عتبات قاعة المحكمة، تختلس النظرات، وكأنها تختبئ بسبب دفعها للمجيء هناك عن الناس قاطبةً لئلا يعلموا أمرها، لكن هيهات، ها هو أمرها على وشك الذيوع والظهور. قصدت رواقًا ينتصب على جانبيه أبواب خشبية، مثبت عليها قطع معدنية صغيرة مدوَّن عليها عبارة: «مكتب تسوية المنازعات الأسرية»، تمسك بيدها حافظة مستندات باهتة اللون تحوي أوراقًا لم يهتك حبر القلم بياضها بعد، مرتدية ملابس رثّة مرتبكة كهيئتها، عباءة سوداء مطرزة من أعلى الصدر، تخفي خلفها جسدًا نحيلًا منهكًا مقاومًا للسقوط، وتطوق رأسها بحجاب حريري أظهر ما علق بقسمات وجهها من آثار للضرب، وتتحايل على البريق الذي هجر عينيها من شدة الحزن والبكاء بخط أسود عريض.

بدأت ذات الـ25 ربيعًا سرد قصتها ويُمناها على وجهها المنتفخ، يشوب بكاؤها وجع مُبرح، تطلق الآهات تلو الآهات وهي تتمايلُ من ثِقل جسدها المنهك ذات اليمين وذات الشمال قائلة: «شتّان بين البار بأمه و«ابن أمه» ذلك المصطلح الذي سطّر نهاية زواجي الذي لم يدم سوى عام واحد، عشت زوجة لرجل يسمع لوالدته في كل شيء حتى الأذى من دون تميز، سمح لها بالتدخل في حياتنا الخاصة وفرض رأيها في كل ما عظم وصغر، ينصاغ وراءها كأبله بلا عقل يزن الأمور، ويفلتر الأحداث، حاولت الحفاظ على زواجي بشتَّى الطرق، خصوصًا أنني كنت عاشقة لزوجي، الذي كان بالنسبة لي حُلمًا راود خيالي طيلة 5 سنوات منذ أن كنّا زميلين بالجامعة، صار الحلم واقعًا بالزواج، لكن أفعال والدته وألاعيبها كانت أقوى وأشد، فلم تترك لي خيارًا آخر سوى الهروب بعد عام من هذا الجحيم».

تنهدت «جهاد» تنهيدة عميقة كأنها نفثة مصدور يئن من وجع مُمِضّ، ثم نظرت إلى السماء مشرئبة بعنقها، وأعادت الطرف بوجه يخيم عليه البؤس وتعلوه الخيبة قائلة: «منذ أول يوم وطأت فيه قدماي بيت الزوجية، دأبت حماتي على ضيقي وإزعاجي، وخلق المشكلات، فهي تتعامل معي كأنني عدوة لها، وكأن البيت الذي يجمعنا ساحة حرب، كانت تأسرني بتصرفاتها المشينة تجاهي، وتصرِّح بكرهها لي وعدم رضائها عن إتمام تلك الزيجة، فقد كانت متعلقة بابنها بشكل جنوني، لم تكن تتصور أن يبتعد عن حضنها يومًا أو تشاركها فيه امرأة أخرى، وليظل بجوارها وتحت سيطرتها، اشترطت أن نسكن في العقار ذاته الذي تسكنه بحجة أنها بحاجة لرعايته، ولأنني كنت أحبه قبلت بهذا الشرط، وتوهمت بأن الأوضاع ستستقر بعد الزواج، وأن معاملتي الحسنة لها ستمحو الكره الذي تكنّه لي في صدرها وتطفىء نار غيرتها، لكنني كنت مخطئة في ظني كل الخطأ».

سكتت «جهاد» بُرهة كأنها اكتشفت أن الكلام لن يزيدها إلا ألمًا فلاذت بالصمت، نظرت شاردة مر في ذهنها شريط حب خمس سنوات متصلات.فانهملت عيناها بالدموعِ قائلة: «كانت دائمة التردد على شقتي فور خروج زوجي لعمله، وتنتهك حرمتها تجمع لي الأواني والسجاد والملاءات والمفروشات حتى وإن كانت نظيفة، وترغمني على غسيلها، وتتعمد تكرار هذا الموقف كل يوم، ورغم ذلك لم أتذمر أو أجذع من تصرفاتها، وأهوّن الأمر على نفسي بأنها مثل والدتي، وكل ما أفعله تجاهها يحسب لي عند الله تحمَّلت وصبرت على طباعها الحادة ولسانها السليط، ما لم أتحمله بعد هو إفشاء أسراري أنا وزوجي للعابرين، وهذا ما أكدته لي جارتي بأن حماتي تقص على مسامعها وغيرها ما يحدث في البيت، انتهكت خصوصيتنا لدرجة أنني أخشى الحديث عن أمور مهمة خوفًا من أن تلقنها على مسماع الغير».

التقطت الزوجة الشابة من حقيبتها الجلدية منديلًا تزيح بها ذرات الدموع المتناثرة على وجنتيها لترتكن برأسها إلى جدار متهالك كهيئتها هي تتابع سرد مأساتها قائلة: «نفذ صبري وأخبرت زوجي بكل شيء، فواجه حديثي بالصمت القاتل، وتلك هي أولى طعناته، فقد يتلقى المرء منّا طعنات من آلاف الغرباء لكنه يظل واقفًا صلبًا ثم تأتيه الطعنة من شريك حياته فتكون القاتلة! فلم يزدني صمته إلا ألمًا على ألم ووجعًا على وجعٍ، حينها فقط تيقنت أن الرجل الذي اخترته من بين كثيرين كي أُكمل معه ما تبقى من عمري، وبدأت أتخلى عن بعض طباعي الحادة وغيَّرت أسلوب حياتي وطريقة لبسي من أجله موقفه مع أمه كالميِّت بين يدي مغسله، كان يصرح لي بأنه لا يتخذ قرارًا إلا بعد الرجوع إليها حتى ولو كان هذا القرار خاصًّا بنا وبمستقبلنا، وما تأمره به يُطاع حتى ولو كان في معصية الخالق، عشت

زوجة لرجل تمسك أمه المتجبرة والكارهة للحياة والحب والاستقرار بزمام أمره، وتعبث بتلابيب عقله، كانت تحركه كالدمية، وهو يفعل ما تأمره به من دون تفكير ولا معارضة».

«كانت تتصنت علينا في خلوتنا».. هكذا همست في حشرجة صوت بعدما برأسها إلى الوراء وسحبت الهواء حتى يعلو صدرها ثم نفثته بهدوء، وبنبرة تتلون بالتماسك الزائف واصلت حديثها: «ذات مرة كشفت والدته وهي تتعمد التصنت علينا عنّفني قائلًا: «هي معدية بالصدفة ومش محتاجة تعمل كده لأني ببلغها بكل شيء»! نزلت كلماته على أذني كالصاعقة جعلتني أتسمّر مكاني، حاولت كثيرًا أن أفهمه أن حياتنا ملك لنا فقط، وعلينا أن نرسم ملامحها سويًّا دون تدخل من أحد، لكنه لم يستجب لي، وظل يلقي بأسرارنا في جعبتها، غير عابئ برغبتي في الحفاظ على خصوصية حياتنا الزوجية، لن أنسى تحذيرات المقربين من إتمام تلك الزيجة، سبق وأن أخبروني أنه «ابن أمه» وأكدوا على أن هذه الزيجة لن تدوم طويلًا، فالربيع والخريف لا يمكن أن يتقابلا يومًا، فكل منهما له أوان، والخطأ عندي أنا لأني وقتها ضربت بكلامهم عرض الحائط متمسكة بزمام الحب.

تحاول الزوجة الشابة الحفاظ على ابتسامتها الحزينة وهي تكمل حديثها: «لم يكن اكتشافي لضعف شخصية زوجي أمام والدته هي الصدمة الوحيدة التي تلقيتها خلال حياتي القصيرة معه، والتي لم يتعد عمرها العام، فمع مرور الأيام بدأت أشم رائحة الطمع والاستغلال في كل تصرفاته، خصوصًا وأنه تمادى في التهرب من الإنفاق عليَّ وعلى البيت، وصار يطلب مني أن أشتري له حتى ملابسه من مالي الذي ورثته عن والدي، ويدعي أن راتبه ضئيل، ليوهمني بضيق حاله، وأظل أنا انفق عليه وعلى البيت، ورغم ذلك لا أتذكر أنني قد عايرته يومًا بإنفاقي عليه وبتخلّيه عن مسؤولياته كزوج، ربما لأننى كنت واهمة بأننى بذلك أحافظ على بيتي من الانهيار».

تترقرق الدموع في عيني الزوجة الشابة وهي تسرد تفاصيل آخر ليلة لها في بيت زوجتها بعد أن وصفتها بـ«الليلة الدامية» قائلة: «وفي آخر مرة نشب بيننا خلاف بسبب تعرضي على حاله، أمطرني بوابل من الشتائم تعدى عليّ بالضرب، كانت حماتي تطرب بصرخاتي وتوسلاتي لابنها كي يرحمني ويكف عن إيذائي، حتى سقطت مغشيًا عليَّ واختفت ملامح وجهي من الزرقة وبطبيعة الحال تدَّخلت والدته، وتضامنت معه في ضربي، تسمرت مكاني من رد فعلها، خصوصًا وأن زوجي لم يمنعها ولم يحرِّك ساكنًا كالأصنام، حينها تركت له المنزل سريعًا، هربت من ضعف شخصيته وقررت الإفلات بجلدي من تحكمات حماتي وغيرتها التي قلبت حياتي رأسًا على عقب، متمنية الخلاص من هذا الرجل عديم الشخصية.

طلبت الطلاق لكنه رفض، فتقدمت بطلب إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية بمحكمة الأسرة بزنانيري، لتطليقى منه طلقة بائنة للخلع مقابل تنازلي عن حقوقي المالية والشرعية كافة ورد قيمة مقدم الصداق المبرم في عقد الزواج، وبعد تعذر حل النزاع وديًّا حركت دعوى الخلع ضده».

 

أخبار ذات صلة:

دماء تُراق بلا داعٍ.. هنا يرقد ضحايا اللحظة المحتومة

أحمد كريمة: التخلص من النفس الآدمية جريمة منكرة.. وقانوني: الجاني ينتظر حكم الإعدام

«تُقل العروسة دهب» و«التسويقة».. عادات دمرت «الرباط المقدس» في الصعيد

 

لقراءة المزيد من أخبار قــــــــصـــــــــــــة جـــــريــــــــمــــــــــــة اضغط هنـــــــــــــــــــــــا