رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فى ذكري وفاته..

هل اختار الزعيم سعد زغلول جبانة الإمام الشافعي مرقدًا له؟

مدفن الزعيم سعد زغلول
مدفن الزعيم سعد زغلول بالإمام الشافعي

 تحل فى 23 أغسطس سنويًا، ذكرى وفاة زعيم الحركة الوطنية المصرية والوفد المصري، سعد زغلول، والشائع أن الزعيم دُفن بضريحه الشهير، المواجه لبيته ـــ مُتحف بيت الأمة حاليًا، وسط القاهرة، غير أن جبّانة الإمام الشافعي تضم قبرًا مماثلًا معنونًا حتى وقتنا هذا باسمه، وهو المرقد المؤقت الذي دُفن فيه الزعيم، إلى أن نقلت رفاته فى سنوات لاحقة إلى ضريحه الشهير وسط القاهرة. 

 

 فلم يكن سعد زغلول، يُخطط أن يدفن جوار بيته، أو يُقام له ضريح فخم بطراز العمارة المصرية القديمة، اختار الزعيم أن يُدفن فى مقابر عادية ككل المصريين، في جبانة الإمام الشافعي. 

 من مرويات شهود العيان على مكان المرقد المؤقت للزعيم سعد زغلول بمقابر الإمام الشافعي، وجنازته، الراحل نجيب محفوظ، يروي أديب نوبل بمذكراته «صفحات من مذكّرات نجيب محفوظ» التي كتبها الراحل رجاء النقاش.. أما يوم جنازة سعد زغلول فهو يوم من الأيام التي لا أنساها أبدًا، خرجت مع شلة العباسية وإنتظرنا موكب الجنازة فى ميدان الأوبرا، كان المنظر مهيبًا، وسرنا على الأقدام مع الجماهير الحاشدة التي رفعت نعش الزعيم على أكتافها حتى مدافن الإمام، قد كان الناس يحبونه لدرجة العبادة، وينزلونه منزلة التقديس والإجلال. 

 

 توفي سعد زغلول فى العاشرة مساءً وخرجت جنازته الحاشدة فى اليوم التالي مباشرة من بيته - مُتحف بيت الأمة حاليًا، حسب شهادة الأديب نجيب محفوظ فى مذكراته السالف الإشارة إليها. ساعة الوفاة وتاريخها وثقت لها السيدة صفية زغلول «أم المصريين» في بيت الزوجية، عندما أوقفت التقويم والساعة على تاريخ رحيل زوجها، وكأنها إعتبرت أن الحياة توقفت بعد رحيل سعد! 

 هي نفسها الزوجة الوفية التي ناضلت 9 سنوات لبناء وتخصيص ضريح يليق بالزعيم، إلى أن تولى الزعيم مصطفى النحاس رئاسة الوزارة، وصدر قرار نقل رفات سعد زغلول باحتفال رسمي من مقابر الإمام الشافعي إلي ضريحه الحالي بشارع الفلكي. 

 كتبت «صفية» إلى «النحاس» تشكره بعد صدور قرار نقل الرفات فى 12 يونيو 1936 وكانت لهجة الخطاب تقول إن الزوجة المخلصة ارتاح قلبها أخيرًا بعدما نجحت مساعيها فى تخليد اسم زوجها أبد الدهر. 

 تقول صاحبة العصمة.. «تشرفت بكتاب دولتكم الرقيق الذى تبلغنى به قرار مجلس الوزراء بنقل رفات زوجى المغفور له سعد زغلول باشا إلى الضريح الذى بنى من أجله، وقد كان لهذا القرار أبلغ الأثر فى نفسى، فلدولتكم وللمجلس جميعًا أوفر الشكر وأجزل الحمد.

 على أننى نظرًا للحوادث التى جرت فى هذا الشأن، وشعورًا بواجبى نحو فقيدى وفقيد البلاد، لا يسعنى إلا أن آذن بهذا النقل إلا إذا كنت على يقين من أن ما تفضلتم بتقريره من تخصيص الضريح بزوجى وبى، ويظل باقيًا أبد الدهر، فإن تكفل القانون بذلك فحبًا وكرامة». 

 

مدفن فريد من نوعه: 

 وسط صفوف المقابر التي تتراص بشكل عمودي منتظم فى الشوارع وتتقاطع أحيانًا، بجبّانة الإمام الشافعي، يقع مدفن سعد زغلول الذي لم يكن مميزًا فى مدخله فقد أحيطت وحدات المدفن بسور غير مرتفع وباب صغير من الحديد.

 

 كان التفرد والمغايرة هو اللافت فى مدفن سعد زغلول من الداخل مقارنةً بمنشآت الدفن الكثيرة فى مقابر «الإمام»، أقيمت حجرة الدفن الرئيسية بنظام الجمالون الفراغي وهو هيكل إنشائي مصنوع من الدعامات المتشابكة فى نمط مثلث من خامات الخشب والحديد وارتكز السقف على حوائط بنائية، ويعد هندسيًا من أحسن الأنظمة المستخدمة فى تغطية المساحات الواسعة دون الحاجة إلى أعمدة داخلية، ويمتاز هذا النمط بالشكل المغاير وتوفير الإضاءة والتهوية الطبيعية. 

المدفن من الداخل

 داخل غرفة الدفن ظهرت مزايا استخدام ذلك النمط الهندسي، حيث توافرت الرحابة والاتساع فى المساحة والتهوية والإنارة الطبيعية من خلال السقف والشرفات الخشبية فى الحوائط، ومع الرحابة كانت هناك البساطة فلا شواهد قبور فخمة ممهورة بخطوط مذهبة، مجرد طبقة مرتفعة تتوسط أرضية غرفة الدفن ومكسوة بالرخام الأبيض ويزينها أصيص صبّار! أما الجدران فكانت تزينها آيات من الذكر الحكيم. 

 

 وبقيت هذه المقبرة أو المدفن في حيازة سلسال عائلته من بعده، فقد حوت لوحة رخامية صغيرة على واجهة غرفة الدفن ما نصه.. «مدفن عائلة الحاجة صفية زيد حفيدة سعد باشا زغلول» على الجانب الآخر من هذه الواجهة لوحة أخرى باسم ورثة المرحوم شلبي إبراهيم زغلول.

 كما ضمت الواجهة لوحات  أسماء متوفين من العائلة.. محمود رشاد زغلول 2004، إبراهيم زغلول محمد البسيوني زغلول 2011، محمد عصام محمد شلبي بركات 2010، الدكتور محمد علاء الدين بركات 2012، المستشار محمد كمال زغلول مارس 2012، والشيخ محمد البسيوني إبراهيم زغلول يوليو 1979. 

فى الوقت ذاته لا يوجد تاريخ مُحدد لبناء قبره فى الإمام الشافعي فقد خلت غرفة الدفن من تاريخ الإنشاء، لكن المرجح أنه أقيم قبل سنة 1927، لأن سعد زغلول دُفن فيه فى اليوم التالي مباشرة لوفاته، وهو ما يُوكد أن المقبرة كانت متممة وجاهزة، ويمكن تقدير عمر المدفن بحوالي 96 سنة استنادًا على تاريخ وفاة سعد زغلول.