صعيدي يُقنع الفنان محمد منير بالعودة للغناء.. ما القصة؟

 فى ديسمبر 2006، توفي «سمير» الشقيق الأكبر للفنان الكبير محمد منير، حزن «الملك» على شقيقه الأكبر حزنًا بالغًا، حتى إنه قرر التوقف عن الغناء، بالتزامن كان موعد حفلة «الملك» السنوية بدار الأوبرا المصرية بدأ يقترب. 

 فى الوقت نفسه كان «الملك» تربطه صداقة وطيدة بعمدة صعيدي من محافظة قنا، إذ إنه من معجبيه ومحبي فنه، ذلك العُمدة هو الذي أقنع الفنان محمد منير بإحياء حفلة دار الأوبرا والعودة للغناء. 

ما القصة؟ 

 ناصح محمد إبراهيم قاسم، أو العمدة ناصح قاسم، هو أحد أقطاب عائلة «قاسم» الشهيرة بمركز أبوتشت شمال قنا، التى تنتمى لقبيلة القليعات، أحد بطون قبيلة الهوارة، وهى عائلة برلمانية وتاريخية.

  وجده أحمد قاسم، عمدة قرية بخانس بمركز أبوتشت، الوحيد الذى حاز على لقب البكوية في مركز أبوتشت سنة 1912 من القرن الماضى، كما مثلت هذه العائلة التى تمتلك منطقة باسمها فى شرق مركز أبوتشت فى البرلمان، من خلال أبوزيد قاسم، عضو البرلمان فى سنة 1942 من القرن الماضى، وحازت العائلة على عمدية مجلس قروى بخانس.

 ولد الراحل، وفى فمه ملعقة من ذهب، وكان الابن الوحيد لوالده، الذى أورثه الزعامة وفض المنازعات وإنهاء الخصومات الثأرية، وارتبط بعلاقات قوية ومتينة مع العائلات والقبائل فى محافظة قنا ومركز أبوتشت، وكانت له كلمة مسموعة بينها لامتلاكه الدبلوماسية والمرونة فى التفاوض.

 لم تكن علاقات ناصح قاسم مقصورة على مركز أبوتشت، أو محافظة قنا، ارتبط العمدة الشهير بعلاقات واسعة فى القاهرة مع المشاهير والوسط الفنى والرياضى، بحكم تواجده فى القاهرة فى العقار الذى يملكه فى حى شبرا؛ حيث حصل على بكالوريوس التجارة في جامعة عين شمس.

 ورفض التعيين فى أكثر من وظيفة حكومية، كما استقال من وظيفته فى الهيئة العامة للاستعلامات، ليتفرغ لإدارة أملاكه الزراعية الواسعة التى ورثها عن والده.

 يقول ناصح قاسم، فى مقابلة سابقة لـ«الوفد»، قبل رحيله، عندما كنت طالبًا فى مدرسة الشهيد خيرت القاضى الثانوية بنجع حمادى ومنها ذهبت إلى الجامعة فى القاهرة، وقد كان زملائى يعتبروننى أكثر الطلاب شهرة فى نفس الوقت لأننى كنت الوحيد فى هذه الفترة من بين الطلاب الذى يملك سيارة خاصة، وكنت أذهب بها إلى المدرسة، كما كنت الوحيد الذى يدخل بسيارته إلى فناء المدرسة كل يوم.

الصداقة مع الملك: 

 لم يكن العمدة الشهير يسعى لمد جسور من التواصل مع المشاهير، يقول معظمها جاءت عن طريق الصدفة ولم أسعَ لتوطيد صلتى بأى منهم إلا محمد منير الذى أعشقه بشكل خاص، فهو أحد الفنانين المهمين فى تاريخ مصر، وأيضًا هو إنسان بسيط «ابن نكتة»، وتجمعنى به الكثير من الروابط الإنسانية والأسرية.

 فقد بدأت أسمعه كمطرب فى صيف 1979 بناءً على نصيحة أحد أصدقائى، ومنذ بداية الأمر عشقت صوته حتى قابلته فى 89 وصرنا أصدقاء، وتعمقت هذه العلاقة أكثر عقب الحفل الذى أحياه منير ونظمته له فى نجع حمادى فى سنة 1998.

 ومن أهم المواقف الإنسانية بيننا كانت عندما توفي شقيقه الأكبر وكان يجهز لحفلته السنوية فى دار الأوبرا، وقد بدأ يفكر فى إلغائها، ولكننى نصحته بألا يفعل وقلت له إن هناك أكثر من 100 ألف سيأتون لهذا الحفل لكى يعزوك، ولا يجب أن تمنعهم من ذلك، وقد استجاب لمطلبى وأحيا الحفل.

 وبالفعل وجد كثيرًا من الجمهور يرفع لافتات «البقاء لله يا ملك»، وبعدها بساعة كلمنى وشكرنى على إقناعه بالعدول عن موقفه السابق. 

الملك يُلبي رغبة العمدة بالغناء فى قنا: 

 توثقت هذه الصداقة بين الطرفين لدرجة أن محمد منير استجاب لرغبة ناصح قاسم بتنظيم حفل له بمدينة نجع حمادى شمال قنا، يقول كنت مصرًا على أن يقيم منير حفلاً برعايتى فى أى مكان فى الصعيد، خصوصًا أنه يعشق الصعيد بكل ما فيه.

  وكنت فى بداية الأمر أعتزم إقامة الحفل فى جامعة أسيوط، لكن الأمر تعثر ثم قررنا إقامته بنادى الألومنيوم، وأيضًا فشل هذا الاقتراح، فقررت أن يقام الحفل على ستاد مدينة نجع حمادى، تحت رعاية مركز الشباب.

 وكان قاسم من المعدودين الذين يسمح لهم الفنان محمد منير بزيارته فى منزله، ومن المدعوين المعدودين الذين حضروا حفل زفافه على داليا محمد يوسف، ذلك الزواج الذي لم يستمراً سوى 50 يومًا.

 فى صيف 2018، رحل العمدة الأشهر فى محافظة قنا، إثر أزمة صحية نقل بعدها لمستشفى بالسادس من أكتوبر لينتقل إلى جوار ربه هناك، ونعته كل الأطياف والشرائح الاجتماعية، وهو ما يوضح أنه كان يترك أثرًا لا يُنسى فى نفس كل من يقابله، أو يتعامل معه.