عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

إجماع إقليمى ودولى على أن البيان الثلاثى المشترك لقادة مصر والولايات المتحدة الأمريكية وقطر حول الحرب الدائرة على غزة منذ ما يزيد على الـ10 أشهر، هو بمثابة الفرصة الأخيرة لنزع فتيل التوتر فى المنطقة، وهى محاولة حثيثة أخيرة من الوسطاء المعنيين بالأزمة من أجل لملمة الوضع المعقد الذى تتشابك خيوطه، ومنع انفلاته وانزلاق المنطقة لحرب إقليمية شاملة ومفتوحة الجبهات. فى ظل السلوك العسكرى والسياسى الإسرائيلى المنفلت وغير العقلانى، والمتجاوز لكل حدود وقواعد الإنسانية. سواء من حيث سياسة الاغتيالات، أو استمرار استهداف المدنيين فى مراكز وملاجئ النازحين.

بالتالى هذا البيان الثلاثى المشترك من الناحية العملية هو المسار الوحيد والأخير الأكثر قابلية للتحقق من أجل احتواء التصعيد المتزايد يوما بعد يوم، والحيلولة من أن تتحول حرب غزة إلى نار تبتلع الشرق الأوسط بأكمله.

لكن هذا البيان يواجه عقبات وتحديات صعبة؛ أولى هذه العقبات هو رئيس الوزراء الإسرائيلى وحكومته من اليمين المتطرف. نتنياهو لا يريد الذهاب إلى المفاوضات وتوقيع اتفاق، حتى لو أن هذه المفاوضات صفقة إسرائيلية بشروط إسرائيلية، على الرغم من إعلان مكتبه إرسال وفد للتفاوض فى الموعد الذى حدده البيان الثلاثى ما بين 14 و15 أغسطس. وكم من وفود إسرائيلية حضرت للتفاوض فى عديد الجولات وسحبها نتنياهو فى اللحظات الأخيرة قبل توقيع اتفاقات للتهدئة والهدنة. نتنياهو يشعر بأنه خرج من عنق الزجاجة المتمثل فى ضغوط الداخل الإسرائيلى سواء من داخل حكومته أو من أسر الرهائن، والمعارضين لحربه المستمرة منذ 10 أشهر. هو يشعر بالقوة ولو مؤقتا، عاد له جزء من شعبيته المتراجعة والمتآكلة خاصة بين التيارات المتطرفة فى إسرائيل، يحقق انتصارات سياسية من عمليات الاستهداف والاغتيال. ومن ثم من وجهة نظره لا حاجة ملحة لتوقيع اتفاق قد يحقق نجاحات للطرف الآخر ممثلا فى حماس والفصائل فى غزة، خاصة وأن مثل هكذا اتفاق سيكون بمثابة اعتراف دولى بالسنوار القائد الجديد لحماس، وبدوره كمفاوض على رأس الحركة. وهو ما يتناقض مع الهدف الأول للحرب على غزة التى سعت بكل الطرق لرأس السنوار باعتباره العقل المدبر الأول لهجوم السابع من أكتوبر.

العقبة الثانية تتمثل فى إيران ووكلائها فى المنطقة والرد المزعوم على اغتيال إسماعيل هنية فى قلب العاصمة طهران، وفؤاد شكر القيادى فى حزب الله، وهو التهديد الذى تزداد وتيرته مع كل تصريح وتلميح إيرانى بالهجوم الوشيك. حجم هذا الرد إن وقع وتداعياته قد يكون محددا رئيسيا للدفع نحو إتمام اتفاق هدنة وتهدئة من عدمه، وعلى الرغم من إعلان ممثلة إيران فى الأمم المتحدة عن هذا الرد منفصل تماما عن جهود التهدئة، وهو رد لا يضر بالهدنة. لكن نتنياهو قد يستغله كذريعة وحجة لعدم التفاوض.

الإدارة الأمريكية الحالية هى الأخرى فى مأزق كبير؛ الحرب فى غزة فرضت نفسها كورقة مؤثرة فى الانتخابات القادمة. الرئيس بايدن يريد أن بقدم هدية لنائبته كاملا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطى فى شكل اتفاق حتى ولو على سبيل الهدنة المؤقتة، يريد أن يقول إنه وإدارته نجحوا فى منع حرب إقليمية شاملة بما لها من تداعيات خطير فى الشرق الأوسط، وهو فى هذا السياق يواجه مزايدة شرسة من الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهورى ترامب، الذى يزايد بورقة أمن إسرائيل وفشل الإدارة الديمقراطية فى حماية أمنها ويعلن عن دعمه اللا محدود واللا نهائى لإسرائيل فى حربها على غزة. فى المقابل الإدارة الأمريكية تقول إنه، حتى لو هناك خلاف مع رئيس الوزراء الإسرائيلى فهو خلاف بين الأصدقاء، وسارعت بمجرد تصاعد التهديدات الإسرائيلية بإرسال المزيد من التعزيزات العسكرية لصد أى هجوم منتظر على إسرائيل. وفى ذات السياق لا ترغب فى أى حال من الأحوال خسارة أصوات اليهود الأمريكان ودعمهم لصالح ترامب، خاصة وأنه من المعروف تاريخيا أن اليهود فى الولايات المتحدة أكثر ميلا ودعما للحزب الديمقراطى.

هى تشابكات معقدة جدا فى لحظة بالغة الخطورة والحساسية يمر بها الشرق الأوسط، ولا أمل فى عبورها إلا بالاستماع لصوت العقل والحكمة المصرى. الآن أصبح العالم غربا وشرقا على وعى وإدراك تام بأهمية التحذيرات المصرية منذ الساعات الأولى للعدوان، وخطورة أن يتسع نطاق الحرب فى غزة لجبهات أخرى. لأن الكل سوف يدفع الثمن. لذلك؛ هو اتفاق الفرصة الأخيرة للجميع.