رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكة المُكرمة على مرمي البصر.. جبل حميثرة جرعة الصبر للمتشوقين للحج

ضريح مسجد سيدي أبو
ضريح مسجد سيدي أبو الحسن الشاذلي

مكة المُكرمة على مرمي البصر! فى الليل بصحراء عيذاب بسلاسل جبال البحر الأحمر جنوب شرق مصر، يتسلق زوّار القطب الصوفي سيدي أبا الحسن الشاذلي، جبل حميثرة، أملًا في رؤية أضواء مكة التي  لا تخفت أضوائها إلا بطلوع الصبح.  

بالتزامن مع موسم الحج سنويًا يُبرهن سكان عدة محافظات فى جنوب مصر، ومنها ..أسوان، الأقصر، قنا، وسوهاج، على مدى اعتزازهم بأولياء الله الصالحين، حيث يستعد الآلاف من عشاق  القطب الصوفي سيدي أبو الحسن الشاذلي، للارتحال قاصدين ضريحه الشهير بصحراء البحر الأحمر. 

أيام قليلة أيضا وتصدح مكبرات الصوت من فوق السيارات بنداء العائدين من الزوّار بعد نهاية الاحتفال بذكري سيدي العارف بالله أبو الحسن الشاذلي الذي يتزامن الاحتفاء بذكراه مع موسم الحج إلى مكة المكرمة.

القطب الصوفي تنبأ بوفاته:

احتفال المريدون يأتي علي خلفية أن القطب الصوفي هجرية كان متوجهًا للحج في سنة 656 هجرية، عبر طريق الحجاج القديم عبر صحراء عيذاب بين محافظة قنا والبحر الأحمر، وعند جبل حميثرة  مُرض فجمع مرافقيه ومنهم تلميذه سيدي أبو العباس المرسى القطب السكندري وترك لهم وصيته وتوفى صباح اليوم السادس من شوال وهى ذكرى التي يحيها الملايين من عشاقه ومحبيه بالسفر إلى صحراء البحر الأحمر في رحلة شاقة سنويًا. 

يقول عالم الجغرافيا الدكتور عاطف معتمد، إن الرحاّلة ابن بطوطة ، أورد مروية تقول إن الحاج المغربي«أبا الحسن الشاذلي»  طلب من مساعده الصغير أن يحمل معولا لحفر قبر في رحلة الحج إلى مكة عبر صحراء مصر الشرقية، وحين استغرب الفتى من حمل معاول حفر قبر في رحلة سفر إلى مكة؛ قال الشيخ: «يا ولدي.. فى حميثرة سوف تري» .

ويضيف عالم الجغرافيا، وحين صل الشيخ الصوفي إلى هذه النقطة الواقعة فى الثلث الأخير من صحراء مصر الشرقية في الطريق إلى عيذاب «قرب منطقة برنيس حاليًا» فاضت روحه إلى ربها ودفنه الغلام بمساعدة بعض الحجاج في تلك البقعة التي صارت منذ ٨٠٠ سنة مضت وإلى اليوم بقعة مقدسة في تراب صحراء مصر الشرقية التي كانت تعرف في الماضي بصحراء عيذاب. 

صارت حميثرة اسم علم على المنطقة التي أقيم فيها مقام سيدي أبو الحسن الشاذلي الذي يزوره كل عام أكثر من مليون زائر من سكان وادي النيل وقبائل العبابدة الذين يوقرون الشيخ ويحترمون المقام وينسبون إليه بركات كبيرة وراحة نفسية لا يعرفها إلا من ذاق.

وعن معني اسم حميثرة، يُوضح الدكتور عاطف معتمد، إنه اسم شهير في جنوب شرق مصر وشمال شرق السودان وهو من مفردات لغة أهلنا البشارين على الأرجح وربما يعني الاسم الجبال الحمراء، وربما كانت كلمة حميثرة تصغيرا وتدليلا لكلمة أحمر. 

 

من هو السيد أبو الحسن الشاذلي؟ 

 وسيدي أبو الحسن الشاذلي ولد أواخر القرن السادس الهجري 593هـ/1196م في إقليم غماره بالقرب من مدينة سبته بالمغرب  وهو تقي الدين أبو الحسن على بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف وهو حسنى علوي ينتهي نسبه إلى على بن أبى طالب رضي الله عنه.


تلقى علومه الأولى وحفظ القرآن في غماره بالمغرب ثم أراد أن يستزيد من العلم فرحل إلى تونس وفيها بدأ الدراسة العلمية وسلك طريق التصوف إلى أن إذن له شيخه وأستاذه عبد السلام بن مشيش أن يرشد غيره فاتجه إلى شاذله وهى التي تلقب باسمها ، وهى قرية في تونس ومنها وفد إلى مصر التي أحسنت استقباله وأحرز فيها درجة في المقامات والأحوال واعتبر من أهم أقطاب الصوفية في مصر.

 

وأهمية مدرسة الشاذلية الصوفية التي تضم أكثر من مائة طريق في المغرب واليمن والسودان ومصر؛ لا ترجع إلى طريقته فحسب  ولا إلى خطها ولا إلى الأوراد والأحزاب التي ألفها أنما ترجع لعدم سطحيتها فهي لا تدعو إلى التواكل والتكاسل والعزلة وإنما تدعو إلى العمل والسعي .

رحلة شاقة: 

مكانة «الشاذلي» في قلوب عشاقه ومريديه،  يمكن تلمسها في الرحلة الشاقة التي يتكبدها زواره إلى حيث مكان ضريحه بجبل حميثرة بصحراء عيذاب جنوب شرق أسوان بنحو 200 كم ويبعد150  كم عن مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر.

 وكذلك ظروف الإقامة الصعبة في منطقة صحراوية تفتقد إلى الخدمات الضرورية ويقطنها 5 آلاف من قبائل العبابدة التي تمتهن مهنة الرعي وهم الذين يقومون باستضافة الزوار. 

طقوس الرحلة إلى جبل حميثرة لها ترتيبات خاصة أولها في وسيلة المواصلات التي لابد أن تكون سيارة نقل ضخمة تتناسب مع طول المسافة ووعرة المنطقة الجبلية و تجهز بكل وسائل الإعاشة من مياه شرب وطعام وأغطية ووسائل ترفيه تعين عدد الأسر التي تتشارك في تحمل كلفة الرحلة وأعبائها المادية.

 وتزين تلك السيارات بفروع الأشجار وتعلو كابينة القيادة مكبرات الصوت التي تبث الأدعية والتواشيح الدينية بينما ينادى ركاب العربة «مدد يا شاذلي»  مصاحبًا لصوت زغاريد النساء وصيحات الأطفال، وتخرج تلك السيارات في موكب كبير سالكة طريق قنا البحر الأحمر.

 ويحمل المريدون معهم الأضاحي لذبحها هناك، حيث يقضون أيام العيد في الأماكن المخصصة للإقامة جوار الضريح. 

البقاء في رحاب  الشيخ الصوفي الذي يمد يديه لكل من يريد أن يتشذل، هو ما يؤلب العشاق على البقاء في رحابه رغم قسوة الصحراء فهناك في جبل حميثرة الذي ترى من قمته أنوار مكة المكرمة،  يتجرع المتشوقون للحج الصبر حتى يأذن الله لهم بزيارة بيته الحرام.