رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلة

وكأنها عائلة مخلوقة للشهادة، يتسابقون إلى جنة الفردوس الأعلى مع الصديقين والنبيين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. عائلة نحسبها على خير ولا نزكيها على الله، نحسبهم بإذن الله من أصحاب الغرف التى وعد الله بعضًا من عباده قائلًا عنهم فى كتابه المبين: أُوْلئِكَ يجزون الغرفة بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّونَ فِيهَا تَحِيَّة وَسَلامًا (75) خلِدِينَ فِيهَا حَسُنَت مُستَقَرّا وَمُقَامًا (76). (الفرقان). يموت بعضهم فيتسلم الراية البعض الآخر، قبل حتى أن ينتهى من دفن البعض الأول أو يتلقى العزاء فيه فهى بالنسبة لهؤلاء الأبطال مجرد شكليات تستهلك وقتًا هم أشد الحاجة لكل ثانية فيه، حيث تعاهدوا ألا تكون لهم راحة إلا عند تحرير أرضهم.

كنت والله أظنها حكايات من الأساطير، أن يدفن الصحفى عزيزًا لديه فلا يعود لبيته ليتلقى العزاء، بل إلى موقعه وجبهته التى يحاول أن ينقل منها الحقيقة للعالم كله. لم أكن أتخيل أن الأساطير ممكن أن تتحول إلى واقع أشاهده بعينى. نعم فعلها الصحفى بل المقاتل الفلسطينى الكبير وائل الدحدوح مراسل قناة الجزيرة فى قطر. الرجل وارى جثمان فلذة كبده الصحفى حمزة وائل الدحدوح التراب ثم توجه للكاميرا ليكمل مسيرته.

فكيف لو عرفنا أن الرجل قد ودع منذ أيام زوجته وابنه وابنته وحفيده استشهدوا جميعًا تحت نير القصف الصهيونى الذى لم يكتف بمقاتلة جنود حماس كما يريد أن يصور للعالم، بل يوجه آلته الحربية المدعومة أمريكيًا واوربيًا صوب المدنيين وعلى رأسهم الصحفيين، وقد أعلنت هذه العصابة وبكل بجاحة أنهم سيقتلون كل صحفى شارك فى تصوير الأحداث التى شهدت مرمغة أنف ذلك العدو الجبان وكسرت شوكته وفضحت هشاشته.

لا أجد أبلغ من تلك الكلمات للشهيد حمزة نفسه ووجهها لروح والدته الشهيدة والتى قال فيها:عام جديد سيقرع أبوابه، لكن حربنا يا أمى ما زالت طبولها أقوى، عام جفت به كل أيامه، وتوقفت ساعاته عند تلك اللحظة وعند تلك النظرة، باتت أيامنا واحدة؛ لا لون لها لا طعم لها دونكم، فأنتم أيامنا وأنتم سعادتنا وثنايا الخير فيها، هنيئا لكم ما تبوأتم، وصبرا لنا على فراقكم، أعوامنا توقفت بتوقف نبضكم، إلى لقاء قريب يوم يوعدون، قدم تلك الكلمات التى وجهها لوالده عبر السوشيال ميديا وكأنه يوصيه قائلًا: «إنك الصابر المحتسب يا أبى، فلا تيأس من الشفاء ولا تقنط من رحمة الله، وكن على يقين أن الله سيجزيك خيرًا لما صبرت».

أما عن وائل الدحدوح الذى أصبح أيقونة ورمزًا جديدًا من رموز القضية الفلسطينية، فهو بإذن الله نعم الصابر المحتسب حيث قال فى توديع فلذة كبده كلمات ستحفر فى التاريخ بحروف من ذهب: «هذا خيار كل الناس فى هذه الأرض كما تشاهدون الناس تودع أحبابها وفلذات أكبادها فى كل يوم وفى كل ساعة وفى كل لحظة ونحن أسوة بكل الناس نودع.. ونحن على العهد هذه طريق اخترناها طواعية وأعطيناها الكثير وسقيناها كما هو واضح بالدماء لأن هذا قدرنا ونحن ماضون.. هذا هو التحدى الكبير».

 

[email protected]