عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

انتشرت مذ فترة ليست بالقليلة ظاهرة تبرير الأفعال غير السوية تبريرًا منطقيًا عقليًا محكمًا مع الاستناد فى ذلك إلى أمر مهام جدًا ألا وهو أن الكل يفعله وأن الجميع يأتى به.

وهى ظاهرة غير سوية، تنتشر بقوة فى مجتمعنا، بل وتتوغل فى عمق الشخصية المصرية بطريقة لافتة للنظر وبشكل كبير، وهى ظاهرة تدعونا للتوقف والانتباه لأن ببساطة أصحاب تلك النظرية يرتكبون ذنبًا عظيمًا وجُرمًا كبيرًا وعن قصد ووعى وإرادة، وبمنتهى الاستخفاف بكل منظومة القيم المجتمعية ثم يُبررون أفعالهم الخاطئة بأنها سليمة ومنطقية ليكسبوها شكلًا اجتماعيًا مقبولًا.

فتجدهم يُخطئون ليلًا ونهارًا، قولًا وأفعالًا، يرتكبون أفعالًا لا تتنافى فقط مع أبسط قواعد الشرائع التى أتت بها الأديان السماوية جمعاء، بل وتتنافَى أيضًا مع أبسط قواعد الإنسانية وكل القوانين الوضعية، ثم تجدهم بعد ذلك- إن اعترضت أو اختلفت معهم- يدخلون معك فى حلقات مُفرغة من التبريرات الوهمية المكذوبة، بأن ماذا تريدون مِنا فالكل يفعل ما نفعل؟ والجميع ارتكب ما ارتكبنا! فقبل أن تحاسبونا حاسبوا الجميع.

وأعتقد فى رأيى الشخصى أن طالما لجأ أحدهم إلى هذه الحيلة- تبرير السيئ من الأفعال- للتمويه على الآخرين ولإكساب فعلته صفة المنطقية بل والرشد أيضًا لكى يحظى بالقبول لدى الآخرين ويُحسن من وضع شكله الاجتماعى أمام الناس، والذى طالما استمات فى الحفاظ عليه لائقًا بل ولامعًا براقًا حتى لو خالف ذلك الحقيقة، بل وتناقض معها، فلا يرجو أحدًا أبدًا أن ينفر منه الجميع خاصة بعدأن يأتى بفعل خاطئ أو مشين.

والمُبرِّر على غير حق يلجأ لحيل التبرير حينما يود أن يأتى بأمر يوافق هواه، أو تتضح فيه مصلحته الشخصية، أو حينما ينتزع حقاً لم يكن له منذ البداية، فأراد بعدها أن يُظهر نفسه بمظهر البريء، فيلجأ للتبرير بأنه ليس هو الوحيد الذى يفعل ذلك ولكن الجميع مثله.

 وكما يقول علماء النفس؛ إن التبرير على الباطل بما يُشبه الحق، هو أن ينتحل المرء سببًا معقولًا لما يصدر عنه من سلوك خاطئ أو معيب فيقدم أعذارًا تبدو مقنعة ولكنها ليست الأسباب الحقيقية لما فعل، فالتبرير حيلة يتنصل بها المخطئ من عيوبه أمام مجتمعه.

والمفزع فى الأمر أن تلك الظاهرة غير السوية تشيع شعورًا سلبيًا قويًا فى المجتمع يتضح لنا ليس فقط فى عدم النفور من الصفات السلبية المذمومة والتى قد تكون مُحرمة دينًا ومُجرمة قانونًا، بل وتجعل البعض يقبلها ويُبرّر فعلها أيضًا باعتبارها أمرًا عاديًا أتى به الجميع من قبل، فيُصبح المُحرّم مألوفًا بين الناس وتلك الكارثة، وليس هذا فقط، بل ينتج أيضًا عن ذلك وجود تأويلات إيجابية مختلقة ومعلبة لصفات سلبية مذمومة لتسهم فى قبولها اجتماعيًا وطبعًا لتلائم الأهواء والمطامع والمصالح.

فالكذب ضرورة مجتمعية، والنفاق مجاملة للترقي، والخيانة نزوة مؤقتة، والرشوة إكرامية وطلبها أصبح أمرًا اعتياديًا، السرقة واستغلال حوائج الناس فهلوة للتغلب على غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، والأمثلة مازالت كثيرة والحجة جاهزة وهى أن الكل يفعل ذلك ولا يحاسب، فلماذا تحاسبونني؟

وأعتقد أن السبب فى انتشار هذه الظاهرة فى المجتمع، هو اختلال منظومة القيم فى المجتمع نتيجة لعدم تطبيق القانون على الكل وبلا استثناء وبوتيرة أسرع، فانتشار دوائر الفساد السوداء بشكل ظاهر للعيان وعدم محاسبة أباطرة الفساد أو القبض عليهم وتأخر الجزاء أو العقاب لكل فاسد أو مُفسد يتسبب فى أن تشيع فعلته، وأن تنتشر بين الناس وتصبح أمرًا عاديًا طالما لم يرفضها المجتمع.

ولكن يبقى السؤال! إن كذبتَ على الجميع وبررّت خطأك وجَمَّلته وزَيَّنته ولم يحاسبك أحد فهل ستستطيع أن تُنكر ما فعلت أمام نفسك؟ 

[email protected]