رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

نور

نشرت صحيفة «الوفد» أمس الثلاثاء، فى صدر صفحتها الأولى، خبرًا مهمًا كتبته الزميلة سحر رمضان، يؤكد رفض مصر إرسال أية قوات عسكرية إلى قطاع غزة. الخبر تناول رؤية القاهرة لترتيب الأوضــاع داخـل القطاع بعد نهاية العدوان الإسرائيلى على غزة باعتباره شأنًا فلسطينيًا خالصًا.
هذا الخبر، يقودنا إلى قراءة تصريحات وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن الذى قال بالأمس أيضًا إن الولايات المتحدة لن تقبل ثلاثة أمور فى غزة بعد انتهاء الحرب، وهذه الأمور هي: «الاحتلال الإسرائيلى للقطاع - عودة حماس للسلطة - الفراغ والفوضى».
قد يقول قائل.. العدوان ما زال مستمرًا والأمريكيون يتحدثون عن إدارة غزة وشكل السلطة بها بعد انتهاء الحرب؟ نقول له: نعم.. لأن الخطوات متسارعة الآن لإنهاء الحرب التى أصبحت عبئًا على الجميع.. أمريكا وإسرائيل والغرب الأوروبى.. وأصبح استمرار هذه الحرب يهدد استقرار هذه الدول سالفة الذكر بسبب غضب الشباب والأجيال الجديدة بها من مساندة قياداتهم للإجرام الإسرائيلى غير المسبوق.. وأصبحت الأصوات الرافضة للحرب عالية جدًا ولا يمر يوم دون مظاهرات تعترض على استمرار قتل الأطفال والنساء فى قطاع غزة.
نعود للخبرين - خبر الوفد وتصريح وزير الخارجية الأمريكية - لأنهما يجعلانك تفهم على الفور -إذا أردت قراءة المشهد جيدًا- أن مصر ترفض تمامًا الانسياق وراء الرغبة الأمريكية فى أن تكون القاهرة عنصرًا فاعلًا على الأرض من خلال إدارة قطاع غزة. مصر ترى دائمًا أن أهل مكة أولى وأدرى بشعابها. وعلى الشعب الفلسطينى أن يحكم نفسه ذاتيًا سواء فى قطاع غزة أو فى الضفة من خلال دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
الموقف المصرى يقطع الطريق تمامًا أمام أى محاولة لسحب أقدامها إداريًا أو عسكريًا فى قطاع غزة الذى نعرفه تمامًا وخبرناه مثلما نعرف أى حى شعبى فى القاهرة، ولكن الموقف الحالى لا يحتمل إلا إدارة القطاع من خلال أبنائه الذين يواجهون الآن القتل الممنهج عبر وسائل إبادة جماعية غير مسبوقة فى التاريخ.. أما مصر فلا تريد أن يتجاوز تدخلها الدور السياسى لحماية الفلسطينيين من استمرار القتل والتدمير.. ومساعدتهم من خلال قوافل تساعدهم على الحياة.. ثم المساهمة فى أدوات إعادة الإعمار.
إذن على الولايات المتحدة أن تستبعد فكرة دخول مصر بقواتها لقطاع غزة.. وبالتالى عليها أن تبحث عن بديل آخر.. وبما أن تصريح وزير الخارجية الأمريكى استبعد من الأساس إسرائيل وحماس.. فلن يتبقى أمام واشنطن سوى منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.. وهذا الاختيار- من وجهة نظرى - سوف يمثل فخًا كبيرًا للرئيس محمود عباس أبومازن..لأن دخول السلطة للقطاع فور انتهاء العدوان الإسرائيلى سوف يؤدى إلى صدام مُحتمل مع عناصر حركة حماس التى ستعتبر أن دخول السلطة الفلسطينية للقطاع هو نُصرة أمريكية وإسرائيلية لمنظمة التحرير فى أتون الصراع الداخلى بين الفصيلين الفلسطينيين المسلحين، وبالتالى قد يجد الفلسطينيون أنفسهم فى قلب صراع مسلح تجرى معاركه واشتباكاته فوق أنقاض غَزة، وهو قطعًا صراع لن يكون أبدًا فى صالح الشعب الفلسطينى..لا خلال الوقت الحالى ولا فى المستقبل.
إذن.. أمام هذه التصورات (رفض مصر الدخول للقطاع أو مخاطر دخول السلطة الفلسطينية للقطاع).. قد نجد أنفسنا - جميعًا - نتعامل مع واقع مرير.. وهو الخيار الثالث الذى أعلن وزير الخارجية الأمريكية رفض واشنطن له وهو (خيار الفراغ أو الفوضى) وهو لا يقل خطورة من حيث النتائج عن غيره من التصورات، لأن ترك غَزة للفوضى سوف يؤدى - قطعًا - إلى تحويل القطاع إلى «مرتع» و«مُلتقى» لقوى مُسلحة أخرى من خارج غَزة.. بل ومن خارج فَلسطين.. ولا أبالغ إذا قلت من خارج المساحة الجغرافية العربية.. وفى هذه الحالة سنصبح فى وضعٍ لن يتحمله أحد.. لن يتحمله العرب.. ولن تتحمله الولايات المتحدة.. وقد لا تطيقه إسرائيل التى تواصل بكل عَنجَهية تدمير غَزة وتسويتها بالأرض وإبادة سكانها وقتل أطفالها ونسائها وشيوخها بلارحمة أو على أقل تقدير بدون عقل ينبه قادتها إلى خطورة هذا العدوان الأحمق على المنطقة كلها.. وفى مقدمة المتأثرين سلبًا هى إسرائيل.. التى لن تتمكن من العيش فى أمان ابدًا بعدما أحرقت ما حولها.. فاقتربت النيران من حُلتها.. ولا أعتقد انها ستخرج من مرحلة الأنين قبل سنوات ستواجه فيها الانتقام مما اقترفه نتنياهو فى غزة من جرائم منذ بدء الأزمة فى السابع من أكتوبر وحتى الآن.
إذا أرادت الولايات المتحدة حل الأزمة دون سقوط المنطقة بأكملها فى الفوضى: عليها أن تضغط على إسرائيل بأسلوب نُصدقه..عليها أن تمنع السلاح وتوابعه عن حكومة نتنياهو.. وعليها أن تُخرج القوات الإسرائيلية من قطاع غَزة على الفور دون تفاوض.. وعليها أن تأمر رئيس الوزراء الإسرائيلى بإيقاف آلة القتل الآن وليس غدًا.. وعليها أن تدعو إلى لقاء لكل الأطراف المعنية من أجل تفاوض جاد قائم على مُعطيات وليس مستندًا إلى رغبات.
[email protected]