رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

وثيقة «حماس» خدعة إخوانية للدول العربية

سعيد اللاوندي
سعيد اللاوندي

قراءات متعددة وأسئلة كثيرة طرحت على الساحة السياسية بعد إعلان خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» فى مؤتمر صحفى بالعاصمة القطرية «الدوحة» بنود الوثيقة الجديدة لحركة «حماس» والتى ضمت 41 بنداً موزعاً على 12 فصلاً، وذكر  البند 31 أن  حركة «حماس» تحرص على استقلال القرار الوطنى الفلسطينى وعدم ارتهانه لجهات خارجية فى إشارة واضحة لفك ارتباطها عن جماعة الإخوان المسلمين.

وجاءت الأسئلة متضمنة موقف جماعة الإخوان المسلمين ومدى تأثير الوثيقة على مستقبل الجماعة السياسى وعلاقتها الدولية والاقليمية، لا سيما وأن سبق حماس فى هذا الاتجاه حركة النهضة التونسية برئاسة راشد الغنوشى، فضلاً عن كون الجماعة تعيش أسوأ فترة فى تاريخها السياسي بعد الإطاحة بها من حكم مصر والتقارير التى تؤكد علاقتها بالجماعات والمنظمات الإرهابية.

وقال محللون إن حركة «حماس» تسعى من خلال تلك الوثيقة إلى تغيير نهجها في مسعى للحاق بركب السياسة الإقليمية، خاصة أنها تضمنت مواقف من أهمها قبول دولة فلسطينية على حدود 67 والتخلي عن جماعة الإخوان المسلمين التى تصنفها دول عربية كثيرة أنها منظمة إرهابية، ناهيك عن الأضرار التى طالت «حماس» بعد توتر علاقتها مع مصر الدولة القوية فى المنطقة العربية والتى تحمل على عاتقها الدفاع عن القضية الفلسطينية.

وأوضحت آراء أخرى، أن الوثيقة التى أصدرتها «حماس» لن تؤثر على مستقبل الإخوان سواء من الناحية السياسية أو علاقتها الدولية وهو اتفاق يسرى فى إطار تنظيمى بين الجماعة و«حماس» جرى مسبقاً فى عدة دول وإعلانه لوسائل الإعلام من جانب «حماس» تحت بند وثيقة جديدة هى استمالة لمصر والدول الإقليمية لتخفيف الضرر على الحركة جراء علاقتها بالإخوان والعلاقة بين «حماس» والإخوان فكرية ولن تتغير فى ضحية وعشاها.

الدكتور عمار على حسن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال: إن خطوة «حماس» ناحية الإخوان تكتيكية تمت بالتنسيق مع الجماعة فى محاولة لتقليل الأضرار التى لحقت بها نتيجة علاقتها التى توترت مؤخراً مع مصر، معتبراً أن تأثير الوثيقة هو رجوع «حماس» خطوات إلى الخلف لتطابق رؤيتها مع حركة «فتح» حول قيام دولة للفلسطينيين على حدود عام 1967، وبذلك يكون أسقط عنها أحد ذرائع انتمائها للتنظيمات الإرهابية فهى تستميل العالم ومصر تحديداً من خلف هذه الوثيقة.

وأكد أنه يمكن لتنظيم أو جماعة أو حركة سياسية، تغيير موقفها السياسى لكن لا يمكن أن تغير بين عشية وضحاها فكرها أو تعلن انفصالها، متابعاً.. التنظيم الإخواني طالما منح فروعه فى الدول الأخرى وخصوصاً العربية إدارة شئونها وفق المقتضيات السياسية للدولة التى تعيش فيها، ومن ثم يعين لكل فرع مراقب عام يقوم مقام المرشد العام للتنسيق بين الجماعة الأم  وفروعها، كما أن إعطاء حق فك الارتباط ليس بجديد على تنظيم الإخوان وإذ سبق أن حدث فى المغرب والخليج والأردن دون إعلان رسمى مثل الذى قامت به «حماس»، وذلك حدث لكون الإخوان تدرك وتتفهم أن هذه الطريقة التى أعلنت عنها «حماس» باستقلال قرارها السياسى نتيجة الظروف السياسية المحيطة وخصوصاً مع مصر.

وأضاف عمار على حسن، أن فك الارتباط بين «حماس» وجماعة الإخوان المسلمين، صورى وليس واقعياً ولن تتخلى «حماس» عن جماعة الإخوان، هذا لأن أفكار الجماعة متغلغلة فى نفوس الحمساويين وهو من الصعب التخلى عن تلك الأفكار بسهولة.

وقال السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن النهج الجديد لحركة «حماس» الفلسطينية، فى علاقتها بمصر وتخليها عن ارتباطها بجماعة الإخوان، يؤكد إدراكها لحجم المكاسب الذى ستحصل عليه من تصحيح علاقتها بمصر، ولو تطلب ذلك التضحية بعلاقتها بالإخوان ودعم قطر لها.

وأكد أن «حماس» تفهمت حجم التغيرات التى تمر بها المنطقة، وأن تركيا وقطر والإخوان فى مأزق، وأن مصر دولة راسخة ومستقرة وقادرة على تقديم الدعم وأسباب الاستقرار الاستراتيجى لـ«حماس»، وللقضية الفلسطينية الآن ومستقبلاً، مشيراً إلى أن «حماس» آمنت بأن دور مصر فى تحقيق المصالحة الفلسطينية، ودعم قضية المقاومة ومواجهة الاحتلال، هو الأهم والأقوى والأبقى، ما دفعها لتصحيح مسارها وإعلان ميثاقها السياسى الجديد، متجاهلاً أى ارتباط بين «حماس» وجماعة الإخوان، التى فقدت ثقلها ووجودها الدولى.

وأكد أن الوثيقة السياسية الجديدة لحركة «حماس» الفلسطينية تمثل تحولاً كبيرًا ولها دلالات مهمة؛ فلأول مرة تنفصل الحركة عن جماعة الإخوان سياسيًا، لافتًا إلى أن هذه الوثيقة ليست مناورة من «حماس» على الإطلاق وإنما هى رؤية حقيقية تأتى بعد أن أدركت حركة المقاومة الفلسطينية، أن جماعة الإخوان محاصرة بشدة فى كل دول العالم حاليًا.

وقال الدكتور سعيد اللاوندى، الخبير بمركز «الأهرام للدراسات السياسية»، إن إعلان «حماس» إنهاء علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين، نتيجة استشعارها الخطر الذى يحيط بها من جانب المجتمع الدولى ومصر والسعودية والإمارات وغيرها من الدول التى تصنف جماعة الإخوان وكل المنتمين لها جماعات إرهابية.

وأضاف «اللاوندى»: إن دور الجماعة تقهقر للغاية إقليمياً ودولياً  بعد خروجها من السلطة فى مصر وهى الآن تشعر بالهزيمة و«حماس» أدركت أن البقاء تحت جناح الإخوان يفقدها كل ثقلها وتاريخها ومستقبلها ونضالها ضد العدوان الإسرائيلى.

وقال أحمد بان، الخبير بالحركات الاسلامية، إن هناك فرقاً بين فك الارتباط الفكرى والتنظيمى، لافتاً الى أن «حماس» أسقطت فقرة أنها جزء من تنظيم الإخوان وهو فك ارتباط ضمنى تنظيمى مع استمرار الارتباط الفكرى والعقائدى.

وأضاف أن ما جاء بالوثيقة لا يعكس قناعات «حماس» لأنها تتحرك وسط اضطرابات فى المنطقة ولأول مرة تعلن قبولها بإقامة

دولة فلسطين وفقاً لحدود 67، قائلاً: «حماس لن تفرط فى ثوبها وقراراتها لن يكون لها تأثير على تنظيم الإخوان لأن هناك تفهماً من جانب الإخوان»، وأكد «بان» أن معظم البنود رمزية والتنظيم لن يتأثر بها.

وأوضح إسلام الكتاتنى، القيادى الإخوانى المنشق، أن «حماس» أثبتت أنها أكثر ذكاء من إخوان مصر، فهى تسير على نفس درب إخوان المغرب وتركيا والأردن وأثبتت أنها أكثر ديناميكية فى حركتها السياسية واستطاعت أن تمزج بين الايديولوجى والسياسي بمعنى أنها حافظت على الثوابت التى وضعتها فى الميثاق الأساسي والمناورة السياسية فى وثيقة 2017.

ووصف ما ورد في الوثيقة بالتكتيك المرحلى التى تناور به من الناحية السياسية، مفيداً أنها لم تنف ارتباطها بالإخوان رسمياً وما جاء بالوثيقة هو فى الإطار التنظيمى فقط فكل أفرع الإخوان متفقين فى الفكرة.

وعلى الرغم من ظهور «حماس» كما لو كانت تبحث عن تغيير استراتيجيتها وأفكارها من خلال وثيقة المبادئ والسياسات التى تهدف للاعتراف بحدود 67 إلا أن خبراء فى الشئون العربية وحركات الإسلام السياسي رفضوا هذا الأمر معتبرين إياه خديعة سياسية تحاول قطر– الدولة الداعمة للمؤتمر المنطلق منه الوثيقة– تصعيد حركة «حماس» ومحمد دحلان بدلاً من عباس أبومازن ومنظمة التحرير الفلسطينية لتحقيق المطامع الصهيونية فى فلسطين.

وحول تأثير ذلك على إخوان الأردن تحديداً بعد القضاء على إخوان مصر والتخلص من سيطرتهم بعد 30 يونية رأى خبراء أنه حان الوقت لدراسة الأمر لديهم وقراءة الموقف جيداً والتخلص من دعم «حماس», إلا أن هناك من بينهم من سيرفض ذلك وسيرضخون لمناورة «حماس» نظراً لتوافق المصالح بينهما.

ويرى الدكتور السيد فليفل، الخبير فى الشئون العربية والافريقية، أن حركة «حماس» تحاول أن تسرق الدور الذى تعمل به منظمة التحرير الفلسطينية من خلال موافقتها بالقبول بحدود 1967, وهذا مؤشر أن «حماس» ضيعت من عمر الشعب الفلسطينى سنوات طويلة من المزايدات وهذا تأكيد لدور الإخوان المستمر فى كشف عرى الوحدة الوطنية بالدول العربية وهو عبث بشكل مباشر فى منظمة التحرير الفلسطينية.

واعتبر «فليفل» أن وثيقة المبادئ والسياسات ليست تغييراً فى استراتيجيتها لأنهم كانوا يتعاملون مع إسرائيل من خلف الكواليس ويقسمون الأدوار وهناك شيء واضح وهو منح دور لقطر والمؤامرة كما نعلم جميعاً تسير وفق الأهواء الصهيونية، حيث إن الشريك الأساسي لأمريكا هى إسرائيل والتابعون أمثال قطر تتبع الولايات المتحدة الأمريكية وتنفذ مخططاتها فى المنطقة العربية. وحول تأثير الوثيقة على إخوان الأردن التى تمثل قوة بعد ضعف إخوان مصر، أكد «فليفل» أن «حماس» حينما تتكلم فى القضية الفلسطينية لا ينقسم الرأى العربى فيما عدا الخط الإخوانى غير المؤيد لمنظمة التحرير لأنه يعمل فى خدمة المشروع الأمريكى ومصر استطاعت هدمه فى 30 يونية والإخوان الآن يحتاجون إلى مراجعة فى الأردن خاصة والحماس والتعاطف مع القضية الفلسطينية تشتت بين «فتح» و«حماس» والموقف الأخير سيرد كثيراً على الإخوان بالأردن ويوضح للشعب الأردنى أن الموقف الحمساوى كان مزايدة, أما المنتمون لـ«حماس» أيديولوجياً لا تتغير أفكارهم إطلاقاً طالما مرتبط بها وهناك مصالح تخدم فكره وهو ما اتفق معه القيادى الجهادى السابق نبيل نعيم والذى يرى أن وثيقة المبادئ والسياسات الخاصة بحركة «حماس» ما هى إلا خدعة للمنطقة العربية, مضيفاً: لا نريد الإسهام فى خداع أنفسنا حيث إن هذه أزمة تحاول «حماس» خداع العالم بها.

وأشار إلى أن هذه الوثيقة عديمة التأثير لأنه دور متفق عليه ولن يخدم أحداً فهو مجرد تلميع لأنفسهم لأن قطر تجهز «حماس» و«دحلان» فى المنطقة بدلاً من عباس (أبومازن) وهذا هو السيناريو المطروح بقوة والمقروء بين السطور.