عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شعبان شهرٍ تُرْفَع فيهِ الأعْمَال

الدكتور عبد الله
الدكتور عبد الله العزب من علماء الأزهر الشريف

لقد دار الزمان دورته، وعادت الأيام التي يتنفّس فيها الناس عبير الطاعات، ويشتمّون فيها رائحة الصالحات من صلاة وصيام وزكاة،،، تاقت النفوس للحظات تُشرق فيها الوجوه، وتبيضّ فيها القلوب، وتلتحم فيها الأفئدة من جديد..

 

بهذا بدأ الدكتور عبدالله العزب من علماء الازهر الشريف حديثه عن شهر شعبان وأضاف قائلا:

ولقد أظلّنا شهرُنا هذا الذي يُعدّ مقدّمة لأفضل الشهور وأعظمها على الإطلاق..

شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله تعالى..

شهر ينبغي أن تتصافى فيه القلوب مع ربها وتعود إليه سريعًا..

شهر يعدّ من الشهور التي يغفل عنها كثير من الناس بين رجب ورمضان.

إنه شهرٌ أحاطته نفحات الرحمة والغفران..

إنها نفحات ربنا العليّ التي تطلّ على عباده، في شهرٍ كريم فيه ما فيه من مناسبات الإسلام العظيمة؛ كفرض الصيام، وتحويل القبلة، وفرض القتال..

ومن مزاياه: أن أعمال العباد فيه تُرفع إلى الله تعالى، وهو أحب الشهور إلى رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلّم، وقد كان يُكثر فيه الصيام..

•• ومن مزاياه أن الله تعالى يطّلع فيه على قلوب عباده فيغفر لهم إلا لمُشاحِن أو مُخاصِمٍ بلا سبب..

وإذا كان رجب هو شهر البذر، فشعبان شهر السّقيا والرّيّ، ورمضان شهر الحصاد..

فهل زرعت وبذرت بذرات الخير والصلاح في رجب؟ وهل تنوي أن تسقي ما بذرت في شعبان؟

وهل تستطيع أن تحصد شيئًا في رمضان؟

أم أنّك ستبدأ بالزراعة في رمضان؟…

•• إنها محطاتٌ فاضلة لأعمال فاضلة:

يروي لنا الإمام أحمد في مسنده، والنسائيّ في سننه، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: قلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: "ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ، بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ"..

 

وعن فضائل الأعمال في شعبان: قال الدكتور عبدالله العزب من علماء الازهر الشريف:

 

١- إصلاح النية عند كل قول وعمل: فجددوا نياتكم لربّكم سبحانه؛ فإنما الأعمال بالنيات، وربما تؤجَر بالنية أكثر مما تؤجر بالعمل؛ فالنية عليها مدار القبول، فجدد نيّتك وأعلنها توبة وأوبة حقيقية إلى الله.

 

٢-  الصيام فيه: فقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يغتنم هذا الحدث العظيم بكثرة الصيام، حتى كاد أن يصوم شهر شعبان كله، حيث روت عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ" (رواه البخاري في الصحيح).

 

٣- الصُّلح والإصلاح بين الناس مع نقاء القلب من الأحقاد والحسد: روى أبو موسى الأشعري –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله -تعالى- ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشـرك أو مشاحن" (رواه ابن ماجه والطبراني وصححه الألباني). وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْاِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشـْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا".

 

٤- المبادرة إلى الصيام لمن عليه أيام من صيام رمضان السابق، قبل أن يأتي عليه أيام رمضان؛ فهذا دَيْن على المسلم والمسلمة ودَيْنُ الله أحق بالوفاء، ومن أحكام شهر شعبان أنه لا يجوز صيام اليومين الأخيرين منه، بنية استقبال رمضان أو الاحتياط

لرمضان إلا من كان معتاد صيام الاثنين والخميس أو عليه قضاء، لما رواه أبو هريرة –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ" (متفق عليه).

 

٥- إعمار أوقات الغفلة بأعمال القُرب من الربّ العليّ سبحانه: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استهل شهر شعبان أكبوا على المصاحف فقرءوها وأخذوا في زكاة أموالهم فقووا بها الضعيف والمسكين على صيام شهر رمضان، ودعا المسلمون مملوكيهم فحطوا عنهم ضرائب شهر رمضان…

 

٦- اقرأ في قصص الصالحين لترتفع همّتُك: يُروى أن الحسن بن صالح -رحمه الله- باع أَمَةً له فلما انتصف الليل عند سيدها الجديد قامت في وسط الدار وصاحت: يا قوم: الصلاة الصلاة،،، فقاموا فزعين وقالوا : هل طلع الفجر ؟ قالت : وأنتم لا تصلون إلا المكتوبة ، فلما أصبحت رجعت إلى سيدها وقالت : لقد بعتني على قوم سوء ، بعتني على قوم لا يصلون إلا الفريضة ولا يصومون إلا الفريضة لا حاجة لي إليهم ردوني ردوني..

٧- محاسبة النفس على التقصير، مع الإكثار من دعاء الطلب ببلوغ رمضان، (اللهم بلغنا رمضان)..

وقد كان بعض الصالحين يقول في دعائه: (اللهم سلّمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتسلّمه مني متقبلا).

٨- بداية عودة كريمة إلى كرامات القرآن: بقراءته من جديد قراءة جديدة تعالج أمراض العقل والقلب والسلوك؛ فالقرآن هو أفضل استعداد لرمضان (شهر القرآن الكريم).

ولقد كان العلماء والفقهاء والمحدثون يتفرّغون من دروسهم في شهر شعبان للقرآن وحدَه، كما كان التجّار يحاولون غلق محالهم التجارية لتفقد حالهم في تجارتهم مع الله بقراءة القرآن الكريم، والذي بلغ من قسوة هجرانه، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سيشكو إلى الله كل من هجره.

•• فجددوا العزائم واستعدوا.. ولا تجعلنّكم الأزمات والأوبئة في غفلة عن فضائل وفضل ما تبقى من أعمارنا..

أسأل الله تعالى أن يعيننا في شهر شعبان على حُسْن الصيام والقيام والذكر والادعاء والاستغفار.. كما نسأله سبحانه أن يعجّل بتفريج الكرب والهمّ عن الجميع، وأن يصرف عنا وعن بلادنا شر البلاء والوباء، بما يُسعدنا معه بعودة فتح المساجد والانطلاق بكامل السعادة نحو طاعة الرحيم الرحمن.