رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المعركة الإعلامية خلال حرب أكتوبر.. نبرة رجال بتوصيات أبطال

مانشتات الصحف المصري
مانشتات الصحف المصري أثناء الحرب

"كانت أمامي فجوة عدم الثقة بين الشعب وأجهزة الإعلام سببها فقدان مصداقية الحكومة وجهازها الإعلامي منذ 1967"، عبارة قالها الدكتور محمد عبد القادر حاتم، وزير الإعلام خلال حرب أكتوبر، حيث كان يتولى خلالها رئاسة الوزراء نيابة عن الرئيس الراحل أنور السادات.

فكان عبد القادر، بين ناري وضع خطة زكية لمفاجأة العدو وفي نفس الوقت مصادقة الشعب المصري، لكن وسائل الإعلام نجحت في الشيئين على حد سواء، فقد قال فيه الجنرال إيلي زعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عام 1973 في كتابه "حرب يوم الغفران": وشهد العالم كله على قوة الإعلام المصري وتوجهه الذي خدع الإسرائيليين.

فوضع وزير الإعلام خطة "الخداع الاستراتيجية"، التي بناها على عنصر المفاجأة، من خلال الإعلان عن قيام مصر بحالة طوارئ ونشر الخبر في لبنان وبعض أجهزة الإعلام العالمية، فقامت إسرائيل بحشد قواتها وتكلف ثلاثة ملايين دولار، لكن لم يحدث أي حالة طوارئ.

ومع بداية تحركات الجيش المصري، من استيراد لمخزون كبير من القمح والسلاح وغيره من التدريبات، قال موشى ديان في تصريحاته بمجلس الوزراء الإسرائيلي: "أن هذا كله للاستهلاك المحلي المصري"، وخدع الإسرائيليين.

"حرب نفسية" دخل فيها الإعلام المصري، قبل دخول بلاده لحرب السلاح، وأصبح الهدف الذى يسعى له هو "لا غموض في الرسالة الإعلامية"، ورفع الروح المعنوية لدى الشعب، وإذاعة الأغاني الوطنية، بينما بدأ الكتاب في كتابة المقالات التى توضح وقوف الجماهير المصرية خلف قواتها المسلحة للذود عن تراب مصر وتحرير أراضيها.

فاستطاع إعلامنا كسب تأييد الرأى العام, من خلال خطة التهيأة التي وضعها قادتنا, حيث أمروا بإذاعة اعترافات القادة الإسرائيليين أنفسهم عن الهزيمة التى لحقت بهم والخسائر التى أصابت قواتهم، وكذلك تم النقل عن الصحف الأجنبية, والتى اعترفت بسقوط اسطورة الجيش الإسرائيلي, لاسيما نشر اعترافات بعض الأسرى الإسرائيليين عن المفاجأة وعدم توقعهم للضربة.

ومن المواقف التي لا تنسى، عندما قال محمد محمود شعبان، رئيس الإذاعة المصرية أثناء حرب أكتوبر: جاءنى وزير الإعلام عبد القادر حاتم ومعه البيان الأول للعبور، فقلت له وأنا أتذكر مهزلة بيانات النكسة فى 5 يونيو 1967: "تانى!"، أى هل نكرر تزوير البيانات مرة أخرى؟ فبكى "حاتم" وهو يقول: والله، هذه المرة بجد، فبكى الاثنان وأذيع البيان الأول لنصر أكتوبر، وكان فاتحة لعهد جديد من المصداقية للإعلام المصرى عامة وفى الحرب خاصة.

"لا خطابة ولا إثارة ولا حماس بالنسبة لكل البيانات العسكرية، وأن تقتصر إذاعة البيانات على المذيعين فقط ولا داعى لأن يقوم المذيعات بالإذاعة خشية الانفعال"، تلك هي القاعدة التي سيسير عليها كل رجال الإعلام الذين اجتمعوا الساعة12 ظهرا من يوم 6 أكتوبر 1973، لعمل بروفة لإذاعة البيانات العسكرية التي ستخرج من مبنى الإذاعة والتليفزيون أثناء الحرب.

ومع بداية حرب أكتوبر قام الإعلام المصرى بنقل صورة حقيقية لما يدور من أحداث على أرض المعركة، من خلال المراسلين الحربيين، واستمر فى الاستشهاد بأقوالهم وأقوال القادة الإسرائيليين، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه كان يحتاط من التعامل مع الانتصارات والخسائر.

كم أنه كان تعاملنا مع الرأى العام العالمى على أساس أن الحرب بالنسبة لنا ليست هدفا فى حد ذاتها ولكنها وسيلة لا بديل عنها من أجل تغيير الأوضاع والمفاهيم التى سادت فى سنوات ما قبل أكتوبر وأنها أداة لتهيئة الظروف المناسبة للتوصل إلى السلام والاستقرار فى المنطقة.

أما بخصوص المصداقية فيقول وزير الإعلام آنذاك، أن المشير أحمد إسماعيل القائد العام للقوات المسلحة، أبلغني بأن قواتنا كبدت العدو خسائر في معركة الدبابات 70 دبابة وسمعت في إذاعة إسرائيل خبراً عن هذه المعركة بأن إسرائيل خسرت 50 دبابة فأذاعت أنه حدثت معركة بين الدبابات وخسرت إسرائيل 30 دبابة، وكان الهدف من ذلك استرداد الثقة في أجهزة الإعلام، وتوصيل رسالة للرأي العام العالمي، أن تلك الحرب لأجل السلام فقط.

وبالطبع كان وسائل الإعلام العالمية لها أراؤها السياسية، حيث إنها كانت في انحياز تام للجانب الإسرائيلي وقتها، رغم تفوقنا العسكري، والإنجازات التي حققناها، أما عقب الانتصار، فقد تغير ذلك قليلا.

ومن ضمن العناوين التي كتبتها صحيفة الديلي تلغراف البريطانية، "لقد غيرت حرب أكتوبر مجرى التاريخ بالنسبة لمصر وبالنسبة للشرق الأوسط بأسره"، أما صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فقد قالت: "إن المصريين والسوريين يبدون كفاءة عالية وتنظيما وشجاعة، لقد حقق العرب نصراً نفسياً ستكون له آثاره النفسية العظيمة على العرب والأليمة على إسرائيل، إن احتفاظ المصريين بالضفة الشرقية للقناة يعد نصراً ضخماً لا مثيل له تحطمت معه أوهام الإسرائيليين بأن العرب لا يصلحون للحرب".

وقالت صحيفة الفينانشال تايمز البريطانية 11 أكتوبر 1973، "إن الأسبوع الماضي كان أسبوع تأديب وتعذيب لإسرائيل، ومن الواضح أن الجيوش العربية تقاتل بقوة وشجاعة وعزم، كما أن الاسرائيليين تملكهم الحزن والاكتئاب عندما وجدوا أن الحرب كلفتهم خسائر فادحه وأن المصريين والسوريين ليسوا كما قيل أنهم غير قادرين على تطوير الهجوم".

وجاء في وكالة رويترز من تل ابيب 11 اكتوبر 1973، "لقد وضح تماما ان الاسرائيليين فقدوا المبادرة في هذه الحرب وقد اعترف بذلك قادتهم ومنهم الجنرال شلومو جونين قائد الجبهة الجنوبية في سيناء عندما قال : ان هذه أصعب حرب تخوضها اسرائيل منذ قيامها سنة 1948".

وبخصوص صحيفة التايمز البريطانية 11 اكتوبر1973 ، فقد أفادت بـ "واضح أن العرب يقاتلون ببسالة ليس لها مثيل، ومن المؤكد أن عنف قتالهم له دور كبير في انتصاراتهم. وفي نفس الوقت ينتاب الاسرائيليون إحساس عام بالاكتئاب لدى اكتشافهم الأليم الذي كلفهم كثيراً، إن المصريين والسوريين ليسوا في الحقيقة جنوداً لا حول لهم ولا قوة. وتشير الدلائل الى أن الاسرائيليين كانوا يتقهقرون على طول الخط أمام القوات المصرية والسورية المتقدمة".

وبالنسبة لصحيفة ديلي ميل 12 اكتوبر 1973، "لقد اتضح أن القوات الاسرائيلية ليست مكونة كما كانوا يحسبون من رجال لا يقهرون، إن الثقة الاسرائيليّة بعد عام 1967 قد بلغت الغطرسة الكريهة التي لا تميل إلى الحلول الوسط، ذوهذه الغطرسة قد تبخرت في حرب أكتوبر، وذلك يتضح من التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الاسرائيليين بمن فيهم موشي ديان نفسه".

 أما الصحيفة علهمشمار الاسرائيلية- 29 اكتوبر 1973، فقالت: "لقد سادت البلاد قبل حرب اكتوبر مشاعر خاطئة، هي شعور صقورنا بالتفوق العسكري الساحق لدرجة أن هذا الاعتقاد قادهم الى طمأنينة عسكريّة على طريقة: سنقطعهم إرباً إذا تجرأوا على رفع أصبع في وجهنا"

وصحيفة ها ارتس الاسرائيلية 8 نوفمبر 1973، أوضحت: "إننا حتى يوم وقف إطلاق النار على جبهة سيناء لم نكن قد استطعنا إلحاق الضرر بالجيش المصري. ومن المؤكد أنّه حتى بدون التوصل الى وقف القتال لم نكن سننجح في وقف أو تدمير الجيش المصري. وبهذا يمكن القول أننا خلال حربنا الرابعة مع العرب لم نحقق شيئاً".

وتابعت: "ان صفارة الإنذار التي دوت في الساعة الثانية إلا عشر دقائق ظهر السادس من أكتوبر 1973، كانت تمثل في معناها أكثر من مجرد إنذار لمواطني اسرائيل بالنزول إلي المخابيء، حيث كانت بمثابة الصيحة التي تتردد عندما يتم دفن الميت، وكان الميت حينذاك هو الجمهورية الاسرائيلية الأولي، وعندما إنتهت الحرب، بدأ العد من جديد ، وبدأ تاريخ جديد، فبعد ربع قرن من قيام دولة اسرائيل وفي العام 1973، باتت أعمدة ودعائم إسرائيل القديمة حطاماً ملقي علي جانب الطريق".

وأما عن منشتات الصحف المصرية منذ اندلاع الشرارة الاولي للحرب كانت تتبع المصداقية لتكملة خطة الدولة، فجائت جريدة الجمهورية معنونة: "اسرائيل في ذهول"، "قواتنا تقاتل الآن في سيناء"، وجريدة الاخبار القومية كتبت: "اسرائيل تعلن انسحابها الي خط دفاع جديد"، "قواتنا تتقدم وتأثر وترد الهجوم المضاد".