رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

شجرة (النور) تعتذر لقاهر الظلام فى مقابر التونسى ( صور)

قبر طه حسين
قبر طه حسين

 "اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما علنت وما أسررت أنت إلهي لا إله إلا أنت".. كلمات اختارها عميد الأدب العربي طه حسين، لتكون على شاهد قبره الذي يقع في منطقة القرافة بالمقطم.

 

اقرأ أيضا.. قصة رائحة المسك والمرآة السوداء.. من داخل قبر عمرو بن العاص (صور)

 

رصدت عدسة بوابة الوفد، بقرافة سيدي عبدالله بمنطقة التونسي، وقبل مسجد ابن عطاء الله السكندري، قبر رائد التغيير للحركة الأدبية في العصر الحديث، وعلى بوابة المقبرة بكلمات شُكّلت خُطوطها كُتب أعلاها (طه حسين 1889 – 1973 ) وكأن المقبرة تفتخر بضمها رفات واحدًا من أبرز الشخصيات التي عرفها التاريخ.

 

دونًا عن باقي القبور المحيطة، قررت شجرة مُسنة خارج المقبرة احتضان البوابة، لتتوج اسم طه حسين بفروعها، وتخَللت فروعها لتطول الجدران ووصلت إلى شاهد القبر، وكأنها تبارك صاحب القبر في مرقده الأخير، الذي انعكست عليه أشعة الشمس، وحولت القبر الخالي من الحياة إلى حديقة تشبه القصور تدب فيها الروح، وكأن النور يبدي اعتذاره لطه حسين متعهدًا أن لا يفارقه في مرقده الأخير بعد أن حُرم من صحبته طيلة حياته.

 

 

حياة عميد الأدب العربي

وُلد طه حسين في 15 نوفمبر 1889م، وكان سابع أخواته وأصغرهم، نشأ في قرية تدعى الكيلو بالقرب من مغاغة وهي واحدة من مدن محافظة المنيا في صعيد مصر، عندما بلغ من العمر 4 سنوات أصيبت عينيه بالرمد، فاستخدمت والدته علاج خاطئ أصابه بالعمى مدى الحياة،  أما والده فكان موظفاً بسيطًا في شركة السكر.

 

تعلم طه حسين في كُتّاب القرية، وتعلم على يد الشيخ محمد جاد الرب، اللغة العربية والحساب، كما علمه تلاوة القرآن الكريم، وأستطاع طه حسين حفظه في فترة قصيرة مما أذهل أستاذه ووالده، وكان والده يأخذه معه في بعض الأحيان ليحضر معه بعض حلقات الذكر التي تقام في العشاء، وخلال الاجتماعات كان يقرأ لهم القرآن، وبعد أن كبر عانى كثيرا بعد أن سافر إلى القاهرة ليتعلم في الأزهر، ولكنه لم ييأس.

 

قصة طه حسين مع سوزان

استكمل مسيرته الدراسية بخطوات واسعة؛ وكان أول المنتسِبين إلى الجامعة المصرية عامَ ١٩٠٨م، فحصل على درجة الدكتوراه عام ١٩١٤م، ومنذ هذا الوقت بدأت معاركه مع الفكر التقليدي؛ وأثارت أطروحة ذكرى أبي العلاء، مَوجةً غضب عالية، ثم ذهب في بعثة دراسية إلى فرنسا، وهناك قدم أُطروحةَ الدكتوراه الثانية بعنوان "الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون"، واجتاز دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني، وتزوج الفرنسية "سوزان بريسو" التي كان لها تأثير عظيم في مسيرته العلمية والأدبية، وكانت بالنسبة له القارئ والناقد وخير معين، كما كانت الرفيقة المخلِصة التي دعمَتْه وشجَّعَتْه على العطاء والمثابرة، وقد رُزِقَا

اثنين من الأبناء أمينة ومؤنس.

 

رحلة طه حسين

خاض طه حسين بعد عودته من فرنسا الحياة العملية والعامة بقوة، وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني بالجامعة المصرية، ثم أستاذًا لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب، ثم عميدًا للكلية، وعام ١٩٤٢م تم تعيينه مستشارًا لوزير المعارف، ثم أصبح مديرًا لجامعة الإسكندرية، ثم أصبح وزيرًا للمعارف، وقاد دعوة مجانية التعليم والزاميته، وكان صاحب الفضل في تأسيس عددٍ من الجامعات المصرية، وفي ١٩٥٩م عاد إلى الجامعة بصفة "أستاذ غير متفرِّغ"، وأصبح رئيس تحرير جريدة الجمهورية.

 

 

آراء طه حسين الانفتاحية

كرس طه حسين أعمالَه للتحرر والانفتاح الثقافي، مع الاحتفاظ بالموروثات الحضارية العربيةً والمصريةً، ولكن أراءه التجديدية اصطدمت  ببعضِ الأفكار السائدة، ولاقى هجومًا كبيرًا لمؤلفاته وصل إلى حدِّ رفع الدعاوى القضائية ضده. وعلى الرغم من ذلك، استمرت أفكاره وكتاباته وثقافته وقدم لنا :

 

"الحب الضائع، ودعاء الكروان، والمعذبون في الأرض، ومذكرات طه حسين وغيرها من قصص وروايات وكتب أثرت المكاتب العربية .

 

وفاته طه حسين

رحل طه حسين عن دُنيانا في أكتوبر ١٩٧٣م عن عمرٍ ناهَزَ ٨٤ عامًا، قضاها معلِّمًا ومؤلِّفًا وصانعًا من صُناع النور، قال عنه عباس محمود العقاد إنه " رجل جريء العقل مفطور على المناجزة، والتحدي، فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير".

 

قال عنه الدكتور إبراهيم مدكور، اعتدّ تجربة الرأي وتحكيم العقل استنكر التسليم المطلق ودعا إلى البحث والتحري بل إلى الشك والمعارضة وأدخل المنهج النقدي في ميادين، لم يكن مسلَّمًا من قبل أن يطبق فيها، وأدخل في الكتابة والتعبير لونًا عذبًا من الأداء الفني حاكاه فيه كثير من الكُتَّاب، وأضحى عميدَ الأدب العربي بغير منازع في العالم العربي جميعه، وأنتج له عمل باسم مسلسل الأيام قام بدور البطولة أحمد زكي .