من أجل الوطن .. الدعم شعار فنانين مصر في حرب أكتوبر

"أنى أريد أن أصرح بمنتهى الوضوح بأننا لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف وأننا لا نملك القوة الكافية لإعادة المصريين، إنهم يملكون سلاحًا متقدمُا ويعرفون كيف يستخدمونه، ويملكون العديد من الأنواع المختلفة من السلاح، ويستعملون كل هذه الأنواع بامتياز وبدقة متناهية" بهذه الكلمات أكد موشيه دايان، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر، على قوة وإمتلاك مصر لقوة  فائقة دونها التاريخ إلى الأن.

 

وتعتبر حرب أكتوبر إحدى دلائل القدرة المصرية على العبور من نفق الحروب وأن لهذا الشعب  قوة خافية تضفى في وجدانه العزم والقدرة على الإنتصارات، يستمد الشعب المصري هذه القوة من أسباب شتى ولعل للفن إحدى الأدوار التي عززت المعاني والمشاعر الوطنية وزرعت في وجدان هذا البلد مبادئ سامية يستطيع من أن يحصدها وطن منتصر أمام الطغاة.

 

ولعل للفن دور بارز في هذه الحرب، من خلال الأعمال الفنية والغنائية التي أحيت مشاعر الإنتماء ونمت في وريد الشعب عزيمة  من أجل الحرب ولدورها في نمو الجانب المعنوي ما خلده التاريخ يروي محبة الوطن إلى الأن كل من شنف آذانه بكلمات الشعراء والفنانين في تلك الفترة وتتماثل تلك مع نظرية الفيلسوف اليوناني "أفلاطون" حول دور الفن وإعتباره طابعًا أخلاقيًا وتعتمد على فكرة المحاكاة التى وإن الفن يتصف بصفات الأشياء ذاتها التى يحاكيها.

 

إقرأ أيضًا

في ذكراها الـ47.. خبراء: حرب أكتوبر درعًا حقق السلام والتنمية الاقتصادية

 

وكان المجتمع المصري مُفعم في تلك الفترة بمحبة الوطن والفن معًا ويمكن السبب وراء هذا المزج في سياسة الرئيس محمد أنور السادات، المحب والنهيم للفن وكما ورد في إحدى الكتب الفرنسية  التي تناولت سيرة هذا الرئيس أستعرض خلاله عشقة منذ الصغر للتمثيل، وأعتبر الرئيس الراحل أنور السادات فنان يتذوق الفن ويحترم الأعمال الفنية بإختلافها  ذلك إلى جانب كونه بطلًا وزعيمًا ورئيس أكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط.

 

وإندفعت الوطنية لدى فنانو مصر بعد إنتصار الجنود المصرين في حرب أكتوبر المجيد، فقام بعضهم بتجسيد الضباط والجنود وتسابق آخرون إلى المستشفيات بأعداد غفيرة ليواسوا المُقاتلين والجرحي ويقدموا لهم الهدايا والورود ليرفعوا روحهم المعنوية، ومنهم من خصص أعمالهم وأرباحهم إلى الدعم المادي، وكان شعار "جانبًا إلى جنب "مايمثل وحدة المصرين في حرب أكتوبر فإجتمع المواطنون لجمع الأموال من أجل القوات المسلحة.

 

ومع مرور 47 عام على إنتصارات أكتوبر تستعرض "بوابة الوفد"  خلال هذا التقرير فنانون يقدمون مايملكون من أجل مصر في الحرب.

 

شريفة فاضل

فنانة مصرية إشتهرت بفنها وأعمالها الإستعراضية المختلفه تجاوز عطاء هذه الفنانة حد الجانب المادي والمعنوي، فقدمت الروح والدم وفلذة كبدها فداء لتراب هذا البلد في الحروب وتحرير أراضيه من المعتدين.

 

وتتربع الفنانة شريفة فاضل "أم البطل" على قائمة المضحين من أجل وطنهم، فبعد أن رحل إبنها وإستشهد من أجل تراب هذا بدت الفنانة في تماسك وإعتلت المسرح لتعبر عن وجعها في فخر وأغتزاز بأغنية "البلد ابنى حبيبى يانور عينى بيضربوا بيك المثل ..كل الحبايب بتهنينى طبعا ماانا أم البطل".

 

 

إقرأ أيضًا

القوات المسلحة تهنىء رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى 47 لنصر أكتوبر المجيد

 

كوكب الشرق أم كلثوم

قادة كوكب الشرق في تلك الفترة مبادرة من أجل دعم الجيش المصري، وجابت تحصد وجمع المبالغ المالية  من إيرادات حفلاتها داخل وخارج مصر، وقدمتها بالكامل فضلًا عن تقديمها لمجموعة من المصوغات، التى جمعتها من الوطن العربى لدعم مصر وجيشها كما خصصت حفلاتها الداعمة في عدة محافظات من بينها المنصورة والمحلة والأسكندرية التي جمعت خلالها 100 ألف جنية،وأقمات حفلة بمدينة دمنهور جمعت خلالها مايقرب من 39 ألف جنيه، وقد نمى في

وجدان كل من شنف آذانه أعمال أم كلثوم الخالدة.

جابت كوكب الشرق العالم لتحصد وتجمع أموال طائلة من أجل دعم الوطن في هذه الفترة الإستنثنائية، وإنطلقت إلى باريس لتقيم حفل غنائي مخصص إيراداته كامله إلى الجيش وفي حوار إذاعي عبرت عن مصر ومكانتها وماتستحقه من دعم نظرًا لدورها ومكانتها العظيمة التي لا ينكرها أحد حول العالم، وعلى أكبر وأقدم قاعات العروض المغطاة في العاصمة الفرنسية باريس "مسرح لأولمبيا"  أقامت حفل وصل إيرادهما نحو 212 ألف جنيه إسترليني، ومنها إلى الكويت وأبوظبي ولبنان والسودان والمغرب وتونس والعراق والبحرين.

 

 

إقرأ أيضًا

الدم أغلى من البترول .. ملخص مواقف قادة العرب في حرب أكتوبر

 

عبدالحليم حافظ وشادية

يعتبر العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، أيقونة الإنسانية والغناء لم يختلف دوره في الدعم الفني المعنوي  عن دوره في الدعم المادي للجيش المصري خلال الحرب، فقد خصص إيرادات أعماله إلى تقويمة ودعم الجنود المصرين لمواجهة الكيان الصهيوني.

ويرتبط العندليب بالوطن من إعتلاله المسرح في بداية مشواره الفني فقد نال محبة الرؤساء والشعب مايخوله لإقناع المواطنين للتبرع من أجل مصر، وهو الدور التي قامته الفنانه الراحلة شادية بتقديمه من أجل مصر وخصصت إيرادتها من أجل دعم التسليح وتقوية الجيش.

 

تحية كاريوكا

فنانة من طراز مختلف ذاات دور بارز في حرب أكتوبر وتعتبر هى من تذكر الكتب التاريخية عن دور كاريوكا في مساعدة السادات أمام الإنجليز فى الإسماعيلية عندما قدمت منزل عائلتها في النيدانى بالمحطة الجديدة، وقبل الحرب قادت مبادرة لجمع التبرعات وقدمت ماتملك من مصوغات ذهبية من أجل الجيش، وبعد أن إنتصرت مصر في حرب أكتوبر ١٩٧٣، بدأت مرحلة جديدة وقدمت دعم منعوي من خلال أعمالها وإنتاج أعمال تنقل صورة المجتمع المصري في عهد الرؤساء المصرين.

 

 

إقرأ أيضًا

احتفال بطعم الحرب وأخر بالتنمية .. كيف احتفل الرؤساء بذكرى أكتوبر؟

 

 وشهدت هذه الحرب بروز المعدن المصري العريق فقد عكست أعمال الفن الروح الوطنية التي نسجت مشاعر الوطنية، ومنهم من شارك الجنود الحرب مثل لكطفي لبيب وأحمد بدير، وهناك من قدمت دعم معنوي كبير وعلى رأسهم نادية لطفي وعزيزة حلمي، وغيرهم من الشعراء  الذين قدموا أعمالًا عظيمة ومنهم عبدالرحمن الأبنودي، صلاح جاهين،وزين العابدين فؤاد، أحمد فؤاد نجم، وسيد حجاب، وصلاح عبد الصبور، أعمال فنية تروي ما مر بالمجتمع المصري وشعور الإنتماء الذي بات يتصاعد رنينه في وجدان المصرين خلال حرب أكتوبر المجيد.