خضير البورسعيدى: شاركت فى خطوط كسوة الكعبة.. وكتبت القرآن 7 مرات
حوار - صابر رمضان:
روحانيات صوفية وابتهالات دينية ومزيج من جنسيات مختلفة تتأمل وتسعد بملامح وتراث مدينة القاهرة الدينى والثقافى المتمثل فى حى الحسين الشهير، سعادة كبيرة وانطباع مختلف عن التنوع الثقافى والسياحى يغمران زائر ميدان الحسين الذى يضم مقاهى وأسواقًا تاريخية ومسجد الإمام الحسين وخان الخليلى، فتتحول المنطقة إلى كرنفال بشرى، يختلط فيها الناس من جميع الفئات والطبقات الاجتماعية المتباينة فى مكان تفوح منه رائحة تاريخية يرجع عمرها لمئات السنين، فى هذا المكان اختار الفنان مسعد خضير بدايته الجديدة أو ميلاده فى قلب القاهرة شارع المعز، على بعد خطوات قليلة والمكان يمتلئ بلافتات الشوارع التى كتبها الفنان خضير، مثل لوحة سبيل الباب الأخضر وقهوة الفيشاوى وغير ذلك. «الوفد» التقت به فى متحفه بحى الجمالية، وهذا نص الحوار معه..
> إذا عدنا للبدايات حيث النشأة والميلاد واللقب.. فماذا تقول؟
- ولدت فى 17 أكتوبر عام 1942 بمحافظة بورسعيد، هذه المدينة التى شكلت وجدانى وعقلى وتعلقت بها ما جعلنى أشتهر بخضير البورسعيدى، وقد ظهرت بورسعيد فى الكثير من لوحاتى وكنت أعشق الخط العربى منذ صغرى، وكنت الثانى فى الترتيب بين خمسة أشقاء كلهم برعوا فى أنواع الخط العربى وهم الأخ الأكبر محمد ثم أنا، وبعدى مصطفى ومحسن ومجدى خضير ولكننى كنت الأبرز فى كتابة الخط العربى، حتى إننى كتبت أكثر من 10 آلاف لوحة فنية، بخلاف كتابة القرآن الكريم للتليفزيون المصرى فى ستة آلاف لوحة، وكتبته لـ6 قنوات أخرى متعددة بما يوازى 36 ألف لوحة، وبعد أن هجرنا من بورسعيد إلى طنطا التحقت بمدرسة لتعليم الخط العربى بطنطا وبعد العدوان الثلاثى عادت الأسرة إلى بورسعيد، ثم تم استدعائى للخدمة العسكرية وعملت بالخط فى إدارة كاتم أسرار، ووقتها قابلت الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والسادات ثم ذهبت إلى حى الحسين لاستقر فيه وافتتحت مكتبًا لى بالجمالية ولم أتركه حتى الآن.
> ماذا عن قصة عملك بالتليفزيون المصرى؟
- لم يمض أسبوع على وصولى إلى القاهرة حتى التقيت بالأستاذ حسن اللباد، رئيس قسم الخط بالتليفزيون، ودعانى للعمل معه فى قسم الخط، وقدمت طلبًا وتم تعيينى فى الأسبوع نفسه وكانت مرحلة جديدة فى حياتى، وكنت أريد أن أصمم شيئًا جماهيريًا يعلق فى ذهن الناس مثلما يقدم التليفزيون أعماله الجماهيرية، فكنت أكتب على باب استراحة مثلًا كلمة استراحة على شكل شخص جالس على كرسى، وأكتب كلمة لاعب على شكل شخص جالس على كرة، وكتبت كلمة ليالى الحلمية بشكل متداخل يوحى بالليل وكتبت كلمة مصارعة المحترفين كأنها مصارعة واتخذت هذا نهجًا لى، فأعبر بالكلمة عن مدلولها فبدأت الناس تعرفنى وترى أعمالى بالتليفزيون حتى وصلت إلى منصب مدير إدارة الخط العربى بالتليفزيون، واستطعت أن أصنع نجومية وشهرة لى ولفن الخط العربى، وقمت أيضًا بتدريس الخط العربى فى مدارس الخطوط بباب الشعرية وبورسعيد والنصر بطنطا وكلية الفنون التطبيقية، ثم أنشأت أكاديمية الخط العربى، وفى مكتبى بحى الجمالية كتبت العديد من اللوحات الفنية التى جذبت الخطاطين العرب والأجانب من كل صوب وحدب.
> ماذا عن المعارض الفنية التى أقمتها وشاركت بها؟
- أقمت أكثر من 70 معرضاً فى مصر، بالإضافة إلى عشرات المعارض خارجها قدمت فيها لوحات بقلب عليها الخط التشكيلى والخط الأكاديمى المدروس واستخدمت فيها الزخارف العربية والتركية وخط المثلث، ومن أهم معارضى المعرض الرمضانى بقاعة بيكاسو الذى يقام كل عامين، ولى معرض بمتحفى الخاص بحى الحسين الشهير، كما أننى أقمت معارض دولية فى الشارقة ودبى والكويت والبحرين وبغداد والرياض وفرنسا والجزائر وبلغاريا وفرانكفورت وأكاديمية الفنون بروما ولوس أنجلوس، وقد اقتنت بعض المتاحف الفنية العديد من لوحاتى، مثل متحف لاهور بباكستان وكلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد ودار الأوبرا المصرية، ومتحف الشارقة ووزارة الأوقاف الكويتية ومقتنيات فنية بالأكاديمية المصرية للفنون بروما، ومكتبة مبارك العامة، ومكتبة طلعت حرب ومكتبة الإسكندرية ومركز
> ماذا عن الكتابة باللغات الأجنبية؟
- الحمد لله ابتكرت شيئًا فريدًا لم يحدث من قبل بأن كنت أكتب كتابة حرة تقرأ من الجهتين ولم تقف عند الحروف اللاتينية فقط، بل استطعت كتابة لوحة باللغة العربية بالحروف الصينية وكان هذا الاتجاه لأننى أردت أن أؤكد قدرات الخط العربى الجمالية والتكوينية.
> هل شاركت يومًا ما فى كتابة خطوط أستار الكعبة؟
- نعم.. شرفت بذلك، حيث شاركت فى آخر كسوة للكعبة أرسلتها مصر للسعودية عام 1962 وكان معى خمسون خطاطًا آخرون قمنا بإعدادها، وقد كانت تصنع بحى الخرنفش بجوار مكتبى، وبعد عشرين عامًا فى عام 1982 جاء تكليفى بكتابة الأدعية والآيات القرآنية التى تزين كسوة وستارة الكعبة، وكان الهدف الاهتمام بشكل الخط أكبر من الاهتمام بالكتابة نفسها من أجل عدم إشغال الحاج أو المعتمر بقراءة المكتوب بقدر ما هو تأكيد وترسيخ للحالة الروحية.
> كم مرة كتبت المصحف الشريف وما أكثر آية كتبتها؟
- كتبت المصحف 7 مرات فى سبعة آلاف لوحة، والبسملة وحدها كتبتها 300 مرة بأشكال وأحجام وخطوط مختلفة، ولا أكرر لوحاتى مرة أخرى، بل أكتب لوحات جديدة بأشكال جديدة.
> وما سمات الخط العربى دون الخطوط الأخرى؟
- الخط العربى يختلف عن كل الخطوط لارتباطه بالقرآن الكريم، فالجمال فى الخط يرتبط بقيمة روحية وعقائدية، والفنان يرتبط بآيات القرآن والأحاديث النبوية أو الحكم والمأثورات التراثية، كما أن الخط العربى يتميز بالتنوع فى الشكل والحروف، والتشكيل حتى يبرز القيمة الجمالية فى اللوحة، ويضيف الفنان إليها تشكيلات من التراث الزخرفى الإسلامى فى استخدام الألوان فى الخطوط والخلفيات، فالخط هو حالة مزاجية، وأتمنى أن يأخذ مكانته خلال الدراسة فى المدارس والجامعات فهو تراث ضخم من الأفكار والطموحات والفن والجمال.
> هل الخط كَفَنٍّ يجد جمهورًا يهتم به ويحرص على تعلمه وحضور معارضه؟
- بالتأكيد.. فهناك كثيرون يهتمون بالخط ويحرصون على تعلمه وإتقانه وحضور العديد من المؤتمرات والمعارض، لكن المشكلة أن الحكومات لا تعطى اهتمامًا كافيًا به وأناشد المسئولين بالاهتمام بهذا الفن الجميل.
> أخيراً.. ما أهم بصماتك لخدمة الخط والخطاطين المصريين؟
- الحمد لله وفقنى الله وأسست الجمعية المصرية العامة للخط العربى وأسهمت فى إنشاء أول نقابة للخط فى مصر، بل العالم، ورأست شعبة الخطوط باتحاد الفنانين العرب، وعضو مجلس إدارة الخط العربى بوزارة التربية والتعليم وشاركت فى إعداد وتطوير المناهج لمدارس الخطوط، ونلت عضوية لجنة التحكيم الدولية باستنابول بتركيا اللجنة الدولية للحفاظ على التراث الحضارى والإسلامى.