رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلما ضاقت الأزمات اتسعت مدارك التفكير، وتعددت الأفكار وتنوعت أطروحات الحلول. لذا أتصور أن كل أزمة صعبة تليها دائماً إصلاحات حقيقية، تؤدى إلى نتائج إيجابية.

وهذا ما رأيته بوضوح فى الأزمة الاقتصادية الأصعب التى تواجهنا منذ جائحة كوفيد، واتسعت مؤخراً بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وما صاحبها من ارتفاع كبير فى أسعار السلع الرئيسية على المستوى العالمى. وقلت وكتبت فى المكان ذاته إننى متفائل رغم كافة التحديات الصعبة، ورغم التصريحات القلقة، وعبارات الشماتة التى صدحت بها ألسنة خصوم مصر فى الخارج عبر منصاتهم فى الفضاء الإلكترونى.

ولم تمر أسابيع قليلة على مقالى المنشور عن الأزمة حتى صدرت تقارير دولية عدة تبشر بقدرة الاقتصاد المصرى على التعافى، وكان أبرز ما تداوله الاقتصاديون مؤخراً هو استطلاع وكالة «رويترز» الذى توقع نمو الاقتصاد المصرى بنسبة 4.8 فى المئة، وهو معدل أعلى من توقعات الحكومة نفسها البالغة 4.4 فى المئة.

وعلى الفور، تلاشت سيناريوهات القلق بعد إعلان الحكومة رسمياً الإفراج عن كافة البضائع المحتجزة فى الموانئ، والتى تسبب حجبها عن الأسواق لعدة شهور فى زيادة معدلات التضخم إلى أقصى مستوياتها.

وفى رأيى، فإن الأهم من تحسن التوقعات الاقتصادية المستقبلية لمصر، هو الخروج بدروس عميقة تساهم فى إجراء إصلاح اقتصادى شامل وحقيقى ينعش الأسواق ويعيد مشاركة القطاع الخاص بتوسع فى كافة الأنشطة الاقتصادية.

إن علينا أن نتعلم مما حدث سعياً إلى تجنب تكرار السيناريو ذاته فى المستقبل، وأول درس فى هذا الشأن هو التيقن بأن سياسة تقييد الاستيراد وتعطيله ليست هى الأفضل لعلاج الفجوة الدولارية، لأن الجانب الأكبر من الواردات يمثل مستلزمات إنتاج للقطاع الصناعى تدخل فى صناعة سلع يتم تصديرها إلى الخارج بقيمة مضافة أعلى محققة عائداً بالعملة الصعبة. من هنا فإن التنسيق بين السياسات النقدية والسياسات الاقتصادية أمر لازم وضرورى وحيوى ولا بد من تفعيله بشكل دائم.

وثانى الدروس هو أن الاستثمارات الحكومية وحدها لا يمكن أن تحقق أهداف التنمية المستدامة خاصة فى مجال التشغيل، وأن القطاع الخاص هو الأقدر على جذب استثمارات أجنبية كبيرة والمساهمة فى توليد الوظائف ونقل الخبرات والتكنولوجيات الأحدث. وحسناً فعلت الحكومة بإتمام وثيقة ملكية الدولة والتأكيد على بدء التخارج من عدد من القطاعات الاستثمارية الكبرى.

كما أتصور أن اتباع سياسة مرنة فى حركة سعر صرف الجنيه أدى إلى بدء الرواج لعدد من الفرص الاستثمارية الجديدة.

وثالث الدروس المستفادة أن لدينا موروثاً ثقيلاً من الروتين والبيروقراطية والتشريعات المتضاربة والقواعد المنفرة لأى مستثمر، ويُلزم ذلك بضرورة العمل على إزالتها من خلال منظومة إصلاح مؤسسى شامل.

والدرس الأهم هو أننا فى حاجة ماسة لحوار موضوعى ومنفتح حول كافة التحديات الاقتصادية، للوصول إلى خارطة طريق واضحة بشأن ما يجب العمل عليه خلال السنوات القادمة، من خلال وضع مستهدفات محددة بتوقيتات فيما يخص الاستثمار، الإنتاج الصناعى، التصدير، والقطاع الخدمى.

إن مصر تمتلك مقومات عديدة لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، فلدينا أكبر شريحة شباب فى منطقة الشرق الأوسط، ونمتلك موقعاً متميزاً، وسوقاً ضخماً، ولدينا جسور جغرافية وتاريخية بأسواق ودول عديدة حولنا، فضلاً عن تميزنا ببنية تحتية قوية تحققت بصورة متسارعة خلال السنوات الأخيرة.

وأقول لكم: إن ما تم تحقيقه من إنجازات كان عظيماً ورائعاً، لكن استكمال الإنجازات والوصول بها إلى حالة الرضا التام يتطلب تجاوز التحديات الراهنة، ثم توسيع نطاق المشاركة، وهو ما يرضى طموحات الاقتصاديين جميعاً.

وسلامٌ على الأمة المصرية