رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

،، صحفي إسرائيلي أول من كشف سر الإفراج عن شبكة الجواسيس بعد أن حضرت «جولدا مائير» حفل زواج «مارسيل نينو»

ربما لن يكشف مسلسل «حارة اليهود» الذي يعرض الآن علي شاشات عدد من القنوات الفضائية عن مصير جواسيس «حارة اليهود» الذين كانوا ينفذون عمليات تخريبية في دور السينما ومؤسسات بريطانية وأمريكية في القاهرة والاسكندرية للوقيعة بين مصر وأمريكا من ناحية ومصر وبريطانيا من ناحية أخري، وإثارة الفوضي في الشارع المصري.. وبقاء الإنجليز في مصر وعدم  تسليم قناة السويس للمصريين.

وبعيداً عن الاحتجاجات التي ساقتها اسرائيل ضد المسلسل وإدعاءاتها بأن المسلسل يحرض علي الكراهية ضد إسرائيل.. سوف نسرد بعض الأسرار الخطيرة والمهمة بعد أن ظلت إسرائيل تحاول طمس الحقيقة.. حيث ظلت تل أبيب وعلي مدي 50 عاماً كاملة ترفض الإفصاح عن تفاصيل العملية وتنكر أي علاقة رسمية بالمجموعة اليهودية الإرهابية التي تم إلقاء القبض عليها في مصر عام 1954 فيما عرفت بفضيحة «لافون».. وكانت الشبكة اليهودية تضم 8 أعضاء هم: «موشيه مرزوق» و»مائير ميوخس» و»مائير زعفران»  و»صموئيل عزر»  و»فيكتور ليفي» و»روبرت داسا» و»ماكس بينت» والمرأة الوحيدة في الشبكة وتدعي «مارسيل نينو».

والحكاية وقعت أحداثها عام 1954 في عهد الرئيس جمال عبدالناصر..  وكانت مصر  وقتها تمر بظروف داخلية عصيبة.. حيث احتدام  الصراع بين جمال عبدالناصر والاخوان  المسلمين.. ثم محاولة الإخوان اغتيال عبدالناصر.. ثم الصراع بين جناحي الضباط الأحرار حول نظام الحكم..  والذي انتهي لصالح الجناح الداعم للديكتاتورية علي الجناح الداعم للديمقراطية فيما عرفت بأزمة مارس 1954.

 في ذلك الوقت كان يتولي «بنحاس لافون» وزارة الدفاع الإسرائيلية، والذي وجد الفرصة سانحة لإحداث الفوضي في الدولة المصرية الوليدة، والوقيعة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية.. قام «لافون» بتكليف أحد كبار العملاء الإسرائيليين بتنفيذ المهمة القذرة، وهو  «إبراهام دار» الذي اتخذ لنفسه اسماً مستعاراً هو «جون دارلنج».. وكان «دارلنج» يهودياً بريطانياً من الذين عملوا مع الموساد عقب تأسيس دولة الكيان الصهيوني عام 1948.. قام «دارلنج» بالتخطيط من أجل تجنيد الشبان من اليهود المصريين استعداداً للقيام بما قد يطلب منهم من مهام خاصة.. وكان أشهر من نجح «دارلنج» في تجنيدهم وتدريبهم فتاة يهودية تدعي «مارسيل نينو» وكانت آنذاك في الرابعة والعشرين من عمرها.. ومعروفة كبطلة أوليمبية  مصرية شاركت في أوليمبياد عام 1948.

وعندما ألقي  القبض علي «مارسيل نينو» في أعقاب  اكتشاف شبكة التجسس التي نفذ عمليات تفجير دور السينما في القاهرة  والاسكندرية.. حاولت «مارسيل» الانتحار مرتين في السجن.. بينما تمكن بالفعل «ماكس بينت» من الانتحار داخل زنزانته حتي لا يفضح الأسرار التي لديه حول تفاصيل العملية ومن  كلفه بها.. تم إنقاذ «مارسيل» لتقدم إلي المحاكمة مع 6 جواسيس  ضمن الشبكة نفسها.. وحكم عليهم بالسجن 15 عاماً لكل منهم.. وكان من المقرر أن  تنتهي العقوبة عام 1970.. لكن اختفت أخبار شبكة الجواسيس في مصر.. وفي إسرائيل أيضاً.. ولم يعرف أحد أين ذهب الجواسيس؟!!

في عام 1975 «شم» أحد الصحفيين الاسرائيليين خبراً  بدا له غريباً.. أو أن وراءه بالضرورة قصة مثيرة.. وكان الخبر عن حضور  رئيسة وزراء إسرائيل «جولدا مائير» حفل زواج فتاة في الخامسة والأربعين من عمرها.. السؤال الذي دار في عقل هذا الصحفي الاسرائيلي.. لماذا تذهب شخصية في وزن «جولدا مائير» لعرس فتاة عانس لا تربطها بها أي صلة قرابة؟!.. وتوصل الصحفي الاسرائيلي إلي القصة ونشر حكاية «مارسيل نينو» التي كاد المجتمع الاسرائيلي  أن ينساها تماماً.

ورغم أن الصحفي الاسرائيلي نشر القصة وروي تفاصيلها.. إلا ن السلطات الإسرائيلية التزمت الصمت ولم تؤكد أو تنفي الرواية.. وفي عام  2005 أي بعد مرور 50 عاماً كاملة اضطرت إسرائيل إلي الإعلان عن تكريم جواسيس «فضيحة لافون» باعتبارهم أبطالاً قوميين.. وكان من بين المكرمين «مارسيل نينو» و»روبرت داسا» بينما رحل الآخرون قبل أن تقرر  إسرائيل الاعلان عن تفاصيل القضية، فقامت بتكريم أبناء الجواسيس الستة الذين رحلوا.

لكن.. كيف أفرجت مصر عن جواسيس «حارة اليهود»؟!.. وقبل أن نسرد تفاصيل القضية، لابد أن نؤكد علي أن بعض اليهود المصريين الذين  كانوا يقطنون «حارة اليهود» بالموسكي أو يقطنون مناطق أخري بالقاهرة.. كانوا وطنيين.. وكان من بين هؤلاء شحاتة هارون والد رئيسة الطائفة اليهودية بمصر الآن.. وكارمن جولد شتاين رئيسة الطائفة السابقة وغيرهم ممن رفضوا الهجرة إلي اسرائيل وتمسكوا بمصريتهم وبوطنهم مصر وشاركوا المسلمين والأقباط أفراح مصر وأحزانها.

أعود إلي الإجابة عن السؤال.. كيف أفرجت مصر  عن جواسيس «حارة اليهود»؟!.. الوثائق تؤكد أن اطلاق سراح هؤلاء الجواسيس لم يتم إلا بعد سلسلة طويلة من المباحثات والمفاوضات السرية بين القاهرة وتل أبيب..  ووقتها اقترح «بنيامين جبلي» أحد كبار هيئة الاستخبارات الاسرائيلية العليا، والمسئول عن فشل العملية وسقوط أفرادها، إرسال خطابات سرية إلي جمال عبدالناصر في محاولة لإقناعه بأي طريقة يراها لإطلاق سراح الجواسيس الاسرائيليين.. ولكن كل المحاولات باءت بالفشل.. حتي أن «عاميت» رئيس الموساد ـ في ذلك الوقت ـ قام بإعداد خطاب إلي الرئيس عبدالناصر عرض فيه تقديم قرض مالي إلي الحكومة المصرية قدره  30 مليون دولار مقابل الافراج عن الجواسيس السبعة المحكوم عليهم.. ولكن رئيس الوزراء الاسرائيلي «ليفي أشكول» رفض هذا الاقتراح علي اعتبار أنه سيؤدي إلي تحسين الأوضاع الاقصادية لمصر.. وتقوية جيشها.. وهو ما يتعارض مع سياسة اسرائيل العدائية تجاه مصر.

وبعد هزيمة يونية 1967 اضطر الرئيس جمال عبدالناصر الي الافراج عن جواسيس «حارة اليهود» السبعة وتسليمهم الي اسرائيل في صفقة بادلت فيها مصر هؤلاء الجواسيس بالأسري المصريين. لتغلق هذه الصفحة.. وتضطر إسرائيل إلي تنفيذ بعض العمليات العدائية ضد يهود مصر لإجبارهم علي الهجرة إلي دولة الكيان الصهيوني.. وهو ما حدث بالفعل حتي اضطر الآلاف إلي الهجرة إلي اسرائيل ولم يتبق من اليهود سوي «حارة» كل سكانها مسلمون.