رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي: نظام «عبدالناصر» غير إنساني

بوابة الوفد الإلكترونية

تعرف في شعره الكلمة الرصينة حين تكون الجماهير مشغوفة بخطاب كبير، وهو إذ يخاطبك يعلي قضيته التي هي قضيتك، تجده شاعرا بين القديم الأصولي والثوب الجديد للشعر، فلا تحسم لأيهما أكثر ميلا فتفقده حين تحصره، وليس له بذلك شهادة ميلاد تقول لأي جيل ينتسب أحمد عبدالمعطي حجازي، غير أن الكثير من شعره يصلح لأن يكون مصباحا أو ضوءا يقود لسيرته الذاتية وإبداعاته.

< سألته:="" كان="" الأدب="" إسهام="" العرب="" الوحيد="" لحضارة="" العالم..="" فأين="" هم="">

- هذه المسألة لها جانبان الأول إنتاج الإبداع العربي الآن في الأدب سواء في مصر أو خارجها وفي الأشكال المختلفة من رواية ومسرح وشعر الي آخره والآخر هو الرسالة أو الإسهام وهو في النهاية التواصل بيننا وبين الآخرين والسؤال المشتق من سؤالك هو: ماذا قدمنا في مجال الإبداع الأدبي حتي يعرفنا الآخرون عن طريق الترجمة، ونحن نري أن لدينا إنتاجا أدبيا لا يصل حتي إلينا نحن بصورة كافية أو كما يجب، لأنه لكي يصل للقراء لابد من دور يؤديه الإعلام من ناحية والنقد من ناحية أخري، وظني أن هناك تقصيرا في أداء هذا الدور، فننتظره من الصحف والمجلات فلا نري متابعة كافية للإنتاج الأدبي، وكذلك الأمر بالنسبة للنقد أيضا فيما عدا استثناءات، فهو مقصر كذلك في متابعة الإنتاج الأدبي شعرا أو نثرا وأكاد أقول أيضا إن هناك دورا سلبيا للإعلام وللنقد لأنه في كثير من الأحوال نري أن الدوافع الشخصية تغلب علي الدوافع الموضوعية في الإعلام، ذلك الذي يقدم بعض الإنتاج تقديما غير عادل، فأحيانا يتجاهل بعض الإنتاج وأحيانا يبالغ في تقديره وكذلك الحال بالنسبة للنقد، بالإضافة الي أننا في الإنتاج الأدبي لا نستطيع أن نطمئن الي ما نقدمه أو نتوقع إنتاجا جيدا إلا إذا كنا مطمئنين لحال اللغة العربية ذلك الذي لا يسر.

 

لهذه الأسباب ماتت الفصحي

< ومن="" المسئول="" عن="">

- المدارس مقصرة في أداء واجبها في تعليم اللغة الفصحي وكذلك المؤسسات التي تتعامل باللغة كالإذاعة والصحف، والآن معظم الإعلانات بالعامية واختلط الحابل بالنابل، فلم تعد تعرض من هو الشاعر ومن هو الزجال ولم نعد نعرف في القصيدة ما هو الشعر وما هو النثر، هذا فيما يتصل بالإنتاج، وتكملة لإسهامنا في حضارة العالم فهذا يتصل بوصول منتجنا الإبداعي عن طريق الترجمة، تلك التي التقصير بشأنها شديد، لأنه لابد أن نبذل جهودا لابد من بذلها لكي نقدم أدبنا للقراء الأجانب بمختلف اللغات وهذا الدور ينبغي أن تقوم به المراكز الثقافية العربية في الخارج، والدبلوماسيون العرب والملحق الثقافي بسفاراتنا عليه أن يقدم الأعمال الأدبية والأدباء أنفسهم للناشرين والإعلاميين والمترجمين في الخارج، وقد عشت في فرنسا وهناك عاينت عن قرب أن ما نقوم به في سبيل تعريف الآخرين بأدبنا قليل ومحدود ولا يكاد يذكر.

< أسقطنا="" دولة="" الإرهاب="" بالفعل="" أم="" مازلنا="" نحارب="">

- قلت لك عما حدث في العقود الماضية بداية من الخمسينيات الي أن قامت الثورة لأنه لم تكن هناك حياة سياسية، ولم تكن هناك أحزاب، فالحريات محاصرة ولذلك لم يكن أمام المصريين إلا الدين وهذا ما استغلته الجماعات الدينية التي خلطت الدين بالسياسة لتعويض غياب السياسة فعندما كنا في الأربعينيات لم يكن الإخوان يستطيعون أن يكسبوا مقعدا واحدا في البرلمان، لأنه كانت هناك حياة سياسية فكان الوفد والأحرار الدستوريون و السعديون الي آخره، وفي أيام «مبارك» كان باستطاعة الإخوان أن يكسبوا تسعين مقعدا وهذا ما حدث بالفعل في انتخابات مجلس الشعب في التسعينيات وقد اقتربوا من هذا العدد ولولا تزييف النتائج لاستطاعوا أن يكسبوا مقاعد أخري وبعد الثورة استطاعوا هم والسلفيون أن يحصدوا معظم المقاعد وهذا دليل علي أن الثقافة السياسة اختفت ولم تعد هناك إلا ثقافة الإخوان.

 

أزمة التجديد

< هل="" للدولة="" دور="" في="" محاربة="" الإخوان="">

- السلطة تستخدم ما تملكه فتضرب قوة بأخري، وحزبا بآخر لأنها تتعامل مع ما هو موجود الآن في الشارع أو الواقع، وهذا ليس كافيا لأنه لابد من إعادة النظر في حياتنا السياسية وأن نفصل ما بين السياسة والدين كما قال الدستور فقد سمحنا للسلفيين بأن ينشئوا حزبا علي أساس ديني ونحن لا نستطيع أن نواصل الحياة بهذه الصورة، حتي السلفيين عندما يصبحون أقوي مما كانوا فسيطلبون امتيازات وإن لم يتمكنوا سيرهبون مثل الإخوان تماما وكفي بعودتهم للوراء قرونا، حين ذاك تهتز أركان الدولة الوطنية وتنشأ أوضاع تعرضها للخطر، فالدولة ينبغي أن تقوم علي أساس المصالح المشتركة وتبتعد عن النعرات الطائفية واستخدام الدين في النشاط السياسي.

< هل="" مشكلة="" التجديد="" الديني="" في="" القائمين="" به="" أم="" في="" جمهور="">

- تجديد الخطاب الديني أساسه فصل الدين عن الدولة، فحين ذلك سنجدد لأننا إن لم نقم بهذا الفصل فسنسمح للمشتغلين بعلوم الدين بأن ينشغلوا بالسياسة، وهذا هو أول إفساد للخطاب الديني وإذا سمحت الدولة بقيام أحزاب علي أساس ديني ثم تطالب بتجديد الخطاب الديني فهذا يعني أن الدولة تضحك علي نفسها وعلينا، ولأن الخطاب القديم لم يفصل كانت هناك الخلافة الإسلامية وإمبراطورية مسيحية، والدولة الوطنية تقوم علي أساس الدين لله والوطن للجميع، فالذين يتحدثون عن تجديد الخطاب الديني المسيحي في أوروبا عندما تم الفصل بين الدين والدولة والكنيسة والسلطة الزمانية التي هي الدولة، فعند ذاك تم تجديد الخطاب المسيحي في الكنيسة وأصلحت نفسها واعتذرت عن أخطائها.

 

الدستور ضد التطوير

< هل="" مثل="" ذلك="" مطلوب="" من="" المؤسسة="" الدينية="">

- المؤسسة الدينية في مصر لم تعتذر عن أخطائها واضطهدت محمد عبده والشيخ عبدالرازق وخالد محمد خالد، ولو تم الفصل فإن رجال الدين سوف ينصرفون للتفكير في تجديد الخطاب الديني والتوفيق بين الثوابت الدينية ومتطلبات العصر وموقف الدين من العلم والتاريخ والسياسة الي آخره، كل هذا سوف يعاد النظر فيه واذا لم يتم الفصل ما بين الدين والسياسة فكل شيء معرض للفساد لأن كل سياسي سيجد عند هذا العالم أو المفتي مبررا لما يصنع.

< لكن="" الدستور="" وضع="" الضوابط="" التي="" من="" شأنها="" أن="" تدعم="" هذا="">

- الدستور الحالي لم يسمح بهذا لأنه يجعل الشريعة الإسلامية هي الأساس للقوانين، وهذا يغلق الباب أمام أي تجديد فيما يتصل بالتشريع ويجعل الأزهر هو المرجع الذي يرجع اليه البرلمان في سنّ هذا القانون، وهذا التشريع ودستور 23 لم يكن فيه هذا النص وكان في نص الدساتير التالية عليه حتي عام 1970 ما يقول إن الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع.

 

القاهرة تحتاج من يبكي عليها

< ديوانك="" «مدينة="" بلا="" قلب»="" كتبته="" قبل="" 46="" عاما="" فكيف="" تري="" هذه="" المدينة="">

- «مدينة بلا قلب» بعدما يقرب من خمسة عقود للأسف فقدت الكثير، فعندما كتب هذا الديوان كانت القاهرة بالفعل من أجمل مدن العالم، والآن وبعد أن فسد كل شيء، وتحولت أحياء كثيرة الي عشوائيات، حتي أجملها شوه بالعمارة الرديئة وتجاوز القواعد والقوانين والرشوة والقذارة والمخلفات، وأصبحت أماكن كثيرة في القاهرة مقالب زبالة، القاهرة الآن لم تعد مجرد مدينة بلا قلب، بل هي تثير الشفقة، كانت بالأمس قوية ونحن أمامها ضعفاء فهي مدينة بلا قلب لأنها لا تعطف علينا، أصبحنا الآن نحن الذين نعطف عليها.

 

الفضل للقرآن الكريم

< ما="" الذي="" جعل="" لغتك="" الشعرية="" مختلفة="" فرغم="" حداثتها="" بها="" رسوخ="">

- من حسن حظي أني قرأت القرآن الكريم وحفظته في سن مبكرة، فالقرآن منشط للإبداع لأننا نتعامل في حياتنا اليومية بعربية دارجة والمسافة بين الفصحي والعامية كبيرة، والفصحي لا وجود لها إلا في الثقافة ولو أننا اعتمدنا فقط علي ما نتلقاه عن طريق الأسرة والمدرسة بعد أن نصل الي السن التي يمكننا فيها أن نقرأ ونكتب لكان هناك شك في قدرتنا علي التمكن من اللغة فحفظ القرآن الكريم والكتاب أديا دورا لا يمكن أن يؤديه غيرهما هو أن جعل الفصحي سليقة، فتمثل صور اللغة وعلاقات المفردات ونمتلك هذا القدر العظيم م مفردات اللغة، فهذا يمكننا حي نكتب من الكتابة التي يتوفر فيها الشرطان - الصحة والجمال - والجمال يأتي من القدرة علي الاختيار، فالكاتب المتمكن من اللغة ليس مضطرا الي جملة بالذات أو مفردة لا يعرف غيرها إنما هو قادر علي أن يختار وبمرجعية هذه المرجعية هي التي يجدها في القرآن الكريم، وحين نتمكن من اللغة عن طريق القرآن نتمكن منها عن طريق الشعر، وهذا ما سمح لي ولجيل كامل أن يبدع، انظر للغة طه حسين والمنفلوطي والعقاد والرافعي لتدرك كم كانوا متميزين في تعاملهم مع اللغة.

< هل="" تذكر="" ما="" قاله="" سعد="" زغلول="" في="" مقدمة="" كتاب="" «وحي="" القلم»="" للرافعي="" ما="" نصه="" «بيان="" كأنه="" تنزيل="" من="" التنزيل="" أو="" قبس="" من="" نور="" الذكر="">

- نعم.. سعد زغلول، هذه الموهبة العظيمة، والقدرة التي كانت تصل إلي حد السحر، فحين يقف خطيباً في الناس فيتحول ما قاله إلي كلمات مأثورة «مثل الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة» وكلمته خفيفة الظل حين اتهم بمعاداته للاحتلال «هذا شرف لا أدعيه وتهمة لا أنفيها»، كان هذا لأنه حفظ القرآن الكريم، وتتلمذ علي يد جمال الدين الأفغاني، وجاور محمد عبده واشتغل معه في الصحافة.

< علاقتك="" باللغة="" عظيمة="" ..="" لكن="" كيف="" نجود="" لغة="">

- إن الناس يفهمون اللغة علي أنها مجرد وسيلة للاتصال، وإذا كانت كذلك فهي موجودة عند الحيوان كالقردة، فالإنسان يختلف عن القرد في أنه بإمكانه ان يصبح شاعر أو فيلسوفاً، وباللغة يمتلك الإنسان ما لا يمكن أن يمتلكه غيره، فباللغة يمتلك الإنسان الفكر، وأستغرب من أن الدولة التي تنفق مئات الملايين علي التعليم تسمح بهذا العبث والإفساد الذي يحطم كل ما تبنيه في عالم التعليم، فالإعلانات علي طول الطريق وفي الصحافة بعامية رديئة، والتلاميذ يتعلمون منها، ولا يتعلمون من عامية المدارس، فالعامية يجدونها في كل مكان، فنحن نهدم أكثر مما نبني، فهذا عبث، وإذا كانت الفصحي ليست ضرورية فعلينا هجرها، ونقول ماتت، كما فعل الأوروبيون في اللاتينية، فلا أكاد أجد مذيعاً أو مذيعة أو صحفياً أو صحفية

إلا ويخطئون في الكلام والكتابة، حتي المسئولين، فحين استمع إلي وزير يضطر إلي الحديث بالفصحي يخطئ في كل كلمة يقولها.

خطايا عبدالناصر

< ديوانك="" «لم="" يبق="" إلا="" الاعتراف»="" هل="" لو="" كتبته="" الآن="" ستصف="" الرئيس="" جمال="" عبدالناصر="">

- لا شك ان عبدالناصر كان زعيماً وطنياً، وله شعبية ضخمة جداً، وله إنجازات لا يستطيع أحد أن يقلل من قيمتها مثل تحديد الملكية الزراعية، وتوزيع الأراضي علي الفلاحين وتأميم القناة، وإن كان للبعض ملحوظات علي ذلك ثم بناء السد العالي، ولذلك أحببنا عبدالناصر ووقفنا بجانبه، وعندي أربع قصائد أتحدث فيها عنه بإعجاب، لكن النظام الذي أقامه كان سيئاً جداً لأنه قيد الحريات والديمقراطية ومنعنا من النشاط السياسي، ولم يعد لدينا حق إلا أن نصفق لعبدالناصر، وكانت النتيجة الهزائم خصوصاً نكسة 67، فهو زعيم وطني وشعبي، ولكن نظامه منحط، وأعتقد ان كل نظام يمنع الشعب من ممارسة حقوقه وحريته ومن المشاركة في الاختيار، ومن اختيار حكومته، ومن تداول السلطة، هو نظام غير إنساني، ويذكرنا بالعصور الوسطي والشركس والترك والمماليك، ويتبني الثقافة التي كان يقيمها الغزاة والطغاة في العصور الماضية.

< بصفتك="" أحد="" قادة="" التجديد="" في="" الشعر="" هل="" كانت="" قصيدة="" النثر="" نشازا="" أثر="" علي="" منجزكم="">

- القصيدة الجديدة التي بدأت في الثلاثينيات واستطاعت أن تفرض نفسها بصورة قوية في الأربعينيات، ورسخت نفسها في الخمسينيات والستينيات نضجت، فلم تعد مجرد محاولات أو تجارب لا نستطيع أن نقدر قيمتها، إنما استقرت وتشكلت وأصبحت ليس فقط دواوين وقصائد منشورة، إنما أصبحت تيارات، والشعراء المجد دون لم يعودوا شباناً كما كانوا في الأربعينيات والخمسينيات فقد أصبحت أسماؤهم راسخة، وجهودهم معروفة أمثال عبدالرحمن الشرقاوي وصلاح عبدالصبور والسياب ونازك الملائكة ونزار وخليل حاوي وأدونيس وغيرهم فالقصيدة الجديدة ليس فقط مجرد وجود، بل هي القصيدة الأولي السائدة، وظهرت محاولات جديدة في التجديد أهمها قصيدة النثر، والذين يكتبونها أصبحوا يعدون بالمئات، غير أننا لا نستطيع أن نقول إن قصيدة النثر حققت ما حققته القصيدة الجديدة.

<>

- لم تستطع أن تقنعنا بأن هذا الشكل يمكن أن يكون إضافة شعرية للشعر العربي، وليس معني هذا أن قصيدة النثر خالية من كل قيمة، فلا شك أن هناك نماذج في قصيدة النثر هي لغة وهي أيضاً لغة شعرية، لكن يظل السؤال مطروحاً.. لماذا ظلت نثراً وتخلت عن الوزن، وهل ذلك أضاف إليها أم أنقصها، وهذه أسئلة مطروحة علي الفساد، ومن المؤسف أن الجواب غير مقنع، وغير كاف، لكننا لا نستطيع أن نتحدث عن نشاز، لأنه دائما الساحة الأدبية مفتوحة لكل تجربة أياً كانت قيمتها، وأياً كانت جدتها، ويستطيع من شاء أن يجرب أي شكل ويبقي بعد ذلك: هل هذا الشكل قادر علي أن ينمو ويشتد عوده ويفرض نفسه ويقنع قارئه، هذا ما نقوله عن التجربة، وهناك الجانب الذي ذكرته أن علي الناقد أن ينظر في هذه التجارب وأن يسعفنا بالرأي والتقدير.

< هناك="" كثير="" من="" النقاد="" صنعتهم="" حرفة="" الصحافة="" من="" غير="" أن="" يتقنوا="" أصول="" ومبادئ="">

- من صنعتهم الصحافة ليسوا نقاداً، وبجوارهم من يدعي أنه شاعر وليس بشاعر، وهناك فوضي في الحياة الأدبية كما السياسة والاقتصاد في المجتمع بشكل عام، وكل هذا بسبب غياب القانون.

< هل="" تظل="" الكلاسيكية="" مادة="" حافظة="">

- الكلاسيكية لها أيضاً جانبان، الأول الباقي الثابت، فقد استخدمت أدوات لا تفقد قيمتها، واستخدمت اللغة استخداماً جيداً، والأفكار كذلك، لأن الكلاسيكيين كانوا يتحدثون عن القيم والحق والخير والجمال والعدالة وقدموا أعمالاً لا تفقد قيمتها أبداً وهي أساس الآتي، ونحن لا نستطيع إلا أن نعترف بأن المعلقات تظل كنزاً من الجمال، وكذلك الشعراء الذين ظهروا في العصور الإسلامية العذريون وأبونواس وأبوتمام والمتنبي والمعري، وأعمالهم باقية، وتظل هذه الأعمال مصدراً للجمال، وجانب آخر يتعلق بذوق العصر وقضاياه، أنا الآن لا أستطيع أن أحبذ شعر المناسبات الذي كان في العصور الماضية، وأستطيع أن أتفهم تمسك عدد من الشعراء أو تيار من الشعر بالشكل الموروث، لكني أتفهم أيضاً الحاجة إلي تجديد هذا الشكل، فالكلاسيكية موجودة في المدارس التي تلتها، ومن الممكن أن نري عودة الكلاسيكية واحتياجنا إليها، فحين ننظر في الشعر العربي الذي كان موجوداً قبل البارودي كان مختلفاً عن الشكل القديم مثل الشاعر الخشاب والساعاتي والليثي وغيرهم لكننا كنا بعد هؤلاء الشعراء في حاجة للكلاسيكية فظهر البارودي وشوقي وإسماعيل صبري والجارم، فهذه هي العودة والإحياء، والأوروبيون عندهم شيء من ذلك، وظهرت لديهم التيارات الكلاسيكية الجديدة، في أواخر القرن الـ 19، فهي موجودة باستمرار باعتبارها مرجعاً أو أساساً، ثم أن الكلاسيكية تأتي من أنها سيطرت قروناً طويلة علي الآداب العالمية، فسيطرت القصيدة لدينا منذ العصور السابقة علي الإسلام إلي القرن الـ20، وكذلك الحال بالنسبة للآداب القديمة اللاتينية، فقد ظلت قروناً طويلة من قبل الميلاد حتي القرن الـ 14 والقرن الـ 15.

علينا أن نتعلم من الماضي

< ما="" رأيك="" في="" المعارضة="" التي="" يبديها="" بعض="" المثقفين="" تجاه="" وزير="">

- نستطيع أن ننتقد وزير الثقافة أو أي وزير آخر، لكن الاعتصام لا اعتبره وسيلة مثلي، لأننا أولاً لا نفهم ما يريده المعتصمون، ولو أن أحد المعتصمين كتب مقالة عما يعترضه نفهم، ومسألة الاعتصام تسمح بدخول كل من هب ودب، فهناك المعتصم والآخر الذي يريد أن يكسب من الاعتصام أو التظاهرة، ولذلك لا أحبذ مسألة الاعتصام وأفضل الحوار والتعبير، فالنقد هذا ما نحتاج إليه.

< من="" أي="" جانب="" تنشأ="" مشاكل="" الثقافة="">

- تنشأ من غياب النقد تجاه مؤسسات الثقافة، فحتي هذه اللحظة لم نقرأ دراسة عما قدمته وزارة الثقافة وما نجحت وما فشلت في أدائه، وما الذي يمكن أن تفعله الآن، وكيف يمكننا أن نستفيد من التجارب السابقة.

< ماذا="" تريد="" أن="" تقول="" لوزير="">

- أذكره بما ردد أيام فاروق حسني عن مؤتمر للمثقفين أري أننا في حاجة إليه ويعد له إعداداً جيداً ولا يكون مجرد اجتماع أو حشد أو صراخ أو شعارات ويطرح فيه سؤال هل مصر تمتلك من الثقافة الآن ما كانت تملكه في الخمسينيات والستينيات؟.. كيف تراجعنا لهذا الحد وكيف يمكن لنا أن نستعيد ما فقدناه.

< ما="" الذي="" ينقص="" دولة="">

- استكمال المؤسسات، فنحن في أشد الحاجة للبرلمان، وهو الآن علي الأبواب، كما يجب فتح المجال واسعاً للعمل السياسي الشعبي، وعلينا أن نتعلم من تجربة الماضي، فنحن لا نريد نظاماً عسكرياً ولا دينياً، نحن نريد دولة مدنية ونريد نظاماً يسمح لنا بتداول السلطة، ويحترم حقوق الإنسان، وحرية التعبير، ولا يخلط الدين بالسياسة، ونحن في أشد الحاجة إلي النقد في كافة المجالات، كما نحتاج إلي معارضة سياسية قوية.