رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

قضية ورأى

يحظى الرئيس الراحل أنور السادات بمساحة عميقة شاسعة فى قلوب محبيه.
كما يحظى أيضاً بمساحة عميقة وليست شاسعة فى قلوب كارهيه، كانت أعمقها رصاصات الغدر التى طالته يوم السادس من أكتوبر 1981، ذكرى يوم النصر.
كانت حياة الزعيم حافلة بالقمم العالية والأخاديد العميقة، والسخرية المدهشة، والتحولات من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.
ورغم أنه قائد النصر العسكرى العربى الوحيد على إسرائيل، فإن سهام المشككين والحاقدين من بعض الناصريين واليسار، ومعهم التيارات التى تصف نفسها بالجهادية تارة والإسلامية تارة أخرى، جميعهم يطلقون السهام على الرجل، حتى فى يوم النصر.
لم يكن السادات يحارب إسرائيل وحدها، ولم يكن يتحدى الولايات المتحدة بآلتها العسكرية الجبارة فقط.. بل كان يواجه موازين دولية جديدة كانت تتشكل بين القوتين العظميين فى ذلك الوقت، وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى.
فى أوائل السبعينيات، كان الروس والأمريكان على أعتاب ما يسمى بسياسة الوفاق، أى التقارب بين القوتين النوويتين.. وتقارب الكبار كان يعنى تغيير قواعد اللعبة فى العالم.
وكان عام 1973 عام تحولات أعمق فى العلاقات السوفييتية الأمريكية.
ففى يوليو، زار الرئيس السوفييتى ليونيد بريجينيف، العاصمة الأمريكية واشنطن، ليحدث انفراجة ووقع اتفاقيات مع الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون، أى قبل الحرب المصرية الإسرائيلية بـ3 أشهر.
كانت العلاقات بين قطبى العالم تتحسن، من أجل مصالحهما المشتركة، ولم يكونا راغبين فى تجديد مواجهة بينهما أو أزمة مشابهة لأزمة الصواريخ الكوبية.
وبعد اللقاء بـ3 أشهر نجحت قواتنا المسلحة بالتنسيق مع الجبة السورية فى شن هجوم ناجح وخاطف على إسرائيل، ما دعا القوتين الكبيرتين للتدخل السياسى.
كان الأمريكان خصوصاً مستشارهم للأمن القومى فى ذلك الوقت هنرى كيسنجر اليهودى المتعصب لإسرائيل، يعتقدون أن العبور خطأ استراتيجى مصرى، سيندم عليه المصريون طويلاً، لأن تصورهم كان أن الهجوم الإسرائيلى المضاد يوم 8 أكتوبر «سيؤدب المصريين»، وأن الإسرائيليين سيدفعوننا غرب القناة أذلاء صاغرين حتى القاهرة.
حشدت إسرائيل يومى الثامن والتاسع من أكتوبر 8 ألوية مدرعة فى 3 فرق،
الأولى فى القطاع الشمالى بقيادة أدان، والثانية فى القطاع الأوسط بقيادة شارون، والثالثة فى القطاع الجنوبى بقيادة ماندلر.. وجميعها حطمت دباباتها ومدرعاتها، وكانت الخسائر الإسرائيلية مئات الدبابات.. بخلاف خسائر إسرائيل من الطائرات.
وعندما انتهى يوم التاسع من أكتوبر كان الجيش الإسرئيلى ينتهى، وينتهى معه غرور الأمريكان والإسرائيليين.
الأخطر أن حلفاءنا الروس فى ذلك الوقت، كانوا أكثر ضغطاً على السادات من أعدائه الأمريكيين، لأنهم لم يكونوا راغبين فى مواجهة مع أصدقائهم الجدد.
فطلبوا من السادات يوم السابع من أكتوبر وقف الحرب فوراً.. وهو ما رفضه السادات.
وبينما كان الأمريكيون يفتحون مخازن سلاحهم للإسرائيليين انتظاراً لتأديب المصريين يوم 8 و9 أكتوبر، كان الروس يتباطأون فى تلبية طلبات السادات حتى يوقف إطلاق النار.
وعندما فشل الهجوم الإسرائيلى المضاد وكبدهم الجيش المصرى خسائر ضخمة فى الأفراد والدبابات، بدأ الروس والأمريكان ترويض السادات عبر الضغط بورقة السلاح.
فى اجتماع الرئيس الروسى بريجينيف مع وزير دفاعه المارشال غريتشكو، تكشف أوراق خلية الأزمة كيف كان الكرملين غاضباً من عناد السادات ورفضه وقف إطلاق النار، ورغبتهم فى «تأديبه».
لم يدخل الروس المعركة حقيقة إلا على الجبهة السورية التى كانت تعانى، وتركوا السادات أمام السلاح الأمريكى، ولم يغضبوا إلا عندما تلاعب بهم الأمريكان فى مفاوضات وقف إطلاق النار.
كان السادات يحارب أكثر من عدو، وكان الجيش المصرى صامداً صابراً، مستعيناً بالله، فنصره الله.
رحم الله الرئيس السادات، ومتع مصر بنعمة جيشها ونصره على أعدائه.