رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لا شك أن الثقافة فى الأونة الأخيرة تجاوزت الأدوار والوظائف التقليدية كالقراءة والكتابة والنشر وتوجيه المشاعر وصياغة القيم وغيرها من الواجبات المهمة والضرورية التى مارستها الثقافة لقرون طويلة، بل أصبحت أحد العناصر المهمة فى الاقتصاد العالمى، حيث تُسهم فى ضخ المليارات لخزائن الدول، وتوفر الوظائف والفرص لملايين البشر، فبعض الحكومات الغربية تدير الثقافة كما لو كانت صناعة تُنتج الكثير من السلع والبضائع، دون الإخلال طبعًا بممارسة دورها الثقافى والتنويرى، وبناءً عليه فإن تعزيز الاستثمار الثقافى لم يصبح مجرد خيار، بل هو ضرورة ملحة تفرضها التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، فالثقافة بما تحمله من قيم ومبادئ يمكن أن تكون جسرا يصل بين الماضى والحاضر ويمهد الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا، ومن هذه المقدمة أنتقل إلى التفاصيل ومن خلال هذه الرؤية الشاملة التى تم استعراضها فى كلماتى السابقة تسعى مصر إلى تحويل ثقافتها الغنية إلى محرك للتنمية المستدامة وبناء الإنسان المصرى بما يتماشى مع تطلعات العصر الحديث، حيث أوضح وزير الثقافة المصرى خلال لقائى برئيس الوزراء المصرى مؤخرًا أن الرؤية التى وضعتها الوزارة للاستثمار الثقافى تتسق مع مُحددات خطاب تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكومة الحالية، وما تضمنه من توجيهات تخص التنمية البشرية وبناء الإنسان، لافتًا إلى أن النموذج الأمثل والمستهدف لتحقيق الاستثمار الثقافى، يقوم على الشراكة الفاعلة بين الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدنى، وفق أهداف عامة تشمل تطوير آليات التمويل والتسويق، والاستثمار الثقافى بمفهومه الشامل، وعلى سبيل المثال وليس الحصر تطوير موقع التجلى الأعظم بمدينة «سانت كاترين»، بما يحقق أقصى استفادة ممكنة من المقومات الفريدة التى تتمتع بها تلك المنطقة، لتصبح هذه البقعة المقدسة مقصدًا عالميًا للسائحين، بما يليق بقيمتها الروحية والدينية والأثرية والتاريخية، كونها حاضنة للأديان السماوية الثلاثة، وهذا يعنى أن الرؤية المقترحة لتعزيز الاستثمار الثقافى- إن تم تنفيذها بشكل فعال وإستراتيجى- فهى تُعزز الاستفادة من الأصول الثقافية للدولة، من الفنون، والتراث، والصناعات الإبداعية وغيرها، لتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية تنعكس على جهود التنمية المستدامة وبناء الإنسان، وتعزيز الصورة الحضارية لمصر، كمُصدر للثقافة والفنون إلى العالم منذ آلاف السنين، مع السعى من أجل زيادة التشغيل وتوفير فرص عمل من خلال برامج ريادة الأعمال الثقافية والابداعية وبرامج الصناعات الثقافية، وفى الختام نؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الاستثمار فى الثقافة ليس مجرد ترف أو رفاهية بل هو استثمار فى العقل والروح والهوية كما يسهم فى بناء مجتمع متماسك ومتطور لا سيما فى مصر أم الدنيا، حيث يمتزج التاريخ بالحاضر فى مشهد فريد، ومن هنا فإن المبادرات الهادفة لتعزيز الاستثمار الثقافى تأتى كخطوة حيوية نحو تحقيق التنمية المستدامة وبناء الإنسان وذلك عبر تحويل التراث الثقافى الغنى إلى مورد حيوى يدفع عجلة النمو ويعزز من مكانة مصر على الساحة العالمى، وللحديث بقية إن شاء الله.

دكتور جامعى وكاتب مصرى
[email protected]