رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ عن ارتكاب اطراف الحرب فى السودان  جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فتقوم قوات الدعم السريع بانتهاكات شتى فى حق المواطنين، ويستهدف الجيش المدنيين بعمليات القصف العشوائي، فهو مخالف للقوانين الدولية والمحلية، كما تغلق المسارات، وتتفاقم المأساة الإنسانية، والمجتمع الدولى يدرك ذلك، ودعا إلى حل سلمي، لكن حكومة الأمر الواقع فى بورتسودان تتعنت وترفض التفاوض، إن استمرار الحرب فى السودان له تبعات اقتصادية سلبية على اقتصادات المنطقة وكذا المؤسسات المالية والبنوك متعددة الأطراف، فالسودان يعد بوابة لنفاذ الصادرات المصرية إلى أسواق دول حوض النيل وشرق إفريقيا، ومع استمرار الحرب وانعدام الأمن، سيتأثر حجم التبادل التجارى بين البلدين، وهو ما ينعكس سلبا على الاقتصاد المصرى الذى يعانى بعض الأزمات فى وقتنا الراهن، ويعد السودان موردا رئيسيا للمواشى واللحوم الحية وهى إحدى السلع الاستراتيجية لمصر، حيث تمد السودان مصر بنحو أكثر من ١٠% من احتياجاتها من هذه السلع، وهو ما يزيد الضغط على أسعار اللحوم محليا والتى ستنعكس على معدلات التضخم المرتفعة، وأنه فى حال تطور الاشتباكات فى السودان إلى حرب أهلية طويلة ودمار البنية التحتية وتدهور الأوضاع الاجتماعية، سيؤدى ذلك إلى عواقب اقتصادية طويلة المدى وتراجع جودة أصول البنوك متعددة الأطراف فى السودان إلى جانب ارتفاع القروض المتعثرة والسيولة النقدية.

لقد ازدادت الأزمة تعقيداً بعد دخول أطراف إقليمية ودولية فاعلة على خط الصراع فى محاولة منهم لأداء أدوار بارزة لإنهاء الصراع، يطرح كل هذا تساؤلات عديدة، فهل تقف مصر مكتوفة الأيدى وسط نزوح متوقع ومستمر بالملايين من المواطنين السودانين فى ظل أزمة اقتصادية طاحنة على الشعب المصري، يعد السودان بالنسبة إلى مصر مسألة أمن قومي، واستقراره يعنى بالضرورة استقرار الحدود الجنوبية لمصر، واستمرار الاقتتال فى الخرطوم يعنى أن القاهرة عزيزى القارئ على مشارف حالة من عدم الاستقرار الداخلي، سواء على المستوى الأمنى أو الاقتصادي، فبجانب المشكلات الاقتصادية التى تعانيها مصر من ارتفاع سعر صرف الدولار، وارتفاع نسبة التضخم، فضلاً عن حالات نزوح المواطنين السودانيين التى بدأت مع تدهور الأوضاع فى العاصمة الخرطوم. ونتيجة هذا الوضع الاقتصادى العصيب لمصر أصبح الموقف المصرى حرجاً للغاية، فعلى الرغم من العلاقات الوطيدة بين مصر ومجلس السيادة الانتقالى بالسودان بقيادة البرهان فإن مصر لم تتدخل تدخلاً مباشراً فى الأزمة، ويفسر هذا الموقف المصرى المحايد بأن مصر محكومة فى تعاملها مع الأزمة السودانية بعلاقتها مع دول أخرى إقليمية صديقة لمصر وداعمة لقوات حميدتي، ولكن مع استمرار تصاعد الأزمة سيكون من غير المستبعد أن تتدخل مصر فى المشهد، سواء سياسياً أو عسكرياً، والحقيقة أنه مع إصرار الطرفين على المواجهة العسكرية، ومحاولة كل طرف إقصاء الآخر من المشهد، وهنا يلوح فى الأفق سيناريو هو الأصعب بالنسبة لمصر بالتحديد ، وهو صعود حميدتى فى السودان، والذى سيمثل تهديداً للاستقرار الإقليمي، فالدول التى تفضل السلام على الفوضى تأمل فى تحقيق الجيش نصراً سريعاً على قوات الدعم السريع، فأول ما سيفكر فيه قائد قوات الدعم السريع هو اكتساب الشرعية داخلياً، وتوحيد الشعب وراء قضية قومية تضمن الاستقرار الداخلى، وهذا لن يتأتى إلا بتوجيه أنظار السودانيين نحو مصر، تحديداً منطقتى حلايب وشلاتين، بمعنى أن انتصار حميدتى فى الصراع الدائر بالسودان ينقل المعركة إلى مصر، وهو ما يعنى عدم استقرار حدودها الجنوبية، فضلاً عن تدفق اللاجئين السودانيين، وهو أمر خطير للغاية يهدد الأمن القومى المصرى فيما يتعلق بموجة إرهاب جديدة، فمن الممكن أن تحوى تلك التدفقات خلايا إرهابية نائمة قد يلجأ إليها حميدتى للضغط على مصر لتسليم حلايب وشلاتين، لهذا فالتدخل العسكرى المصرى ضرورة حتمية الآن أو مستقبلاً إذا ما آلت الأمور إلى تفوق قوات الدعم السريع على الجيش السودانى، ويعد الوضع حالياً فى السودان صراعاً للحصول على السلطة، وللحديث بقية.

[email protected]