رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

شهد قطاع العقارات فى مصر نموًّا ملحوظًا فى السنوات الأخيرة، محققًا مكاسب كبيرة وتوسعًا واسع النطاق. يعد إنشاء المدن الجديدة والمشروعات العمرانية الكبرى فى جميع أنحاء البلاد من العوامل الرئيسية التى حفزت هذا النمو. ويشكل هذا التوسع العمرانى جزءا من رؤية مصر الطموحة للتنمية المستدامة وتحقيق الازدهار الاقتصادي.

ويعتبر النمو السكانى أحد العوامل الرئيسية التى تدفع نمو قطاع العقارات فى مصر. وفقاً لبيانات الأمم المتحدة فى يوليو 2024، يتجاوز عدد سكان مصر 114.5 مليون نسمة، بمعدل نمو سنوى يقارب 1.63%. هذا الارتفاع السكانى المستمر يفرض حاجة ماسة لتوسيع البنية التحتية وتوفير الإسكان الكافى لتلبية الطلب المتزايد.

تعكس المشروعات العمرانية الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة طموح مصر فى تحقيق تحول حضرى شامل. هذه المشروعات تقدم معايير حياة حديثة وتخلق ملايين الوظائف، ومن المتوقع أن تستوعب العاصمة الإدارية الجديدة وحدها أكثر من 6.5 مليون نسمة. كما تدفع المشروعات العقارية الكبرى تطوير البنية التحتية، بما فى ذلك الطرق والمرافق العامة والخدمات، وتحسين جودة الحياة للسكان وتدعم النمو الاقتصادي، بل وتمثل محاور اقتصادية مهمة تهدف إلى تخفيف الضغط الحالى عن المدن التقليدية مثل القاهرة.

إلى جانب ذلك، فإن سياسات البنك المركزى المصرى التى تتجه نحو خفض أسعار الفائدة قد جعلت الاستثمار فى القطاع العقارى أكثر جاذبية. خفض تكاليف الاقتراض يعزز من ديناميكية السوق العقارية ويتيح لمزيد من الأفراد والشركات الاستثمار فى هذا القطاع.

من بين المزايا العديدة للاستثمار العقارى فى مصر، هو إمكانات تحقيق عوائد مرتفعة، خاصة على المدى الطويل. البيانات التاريخية تشير إلى أن قيم العقارات فى المناطق الحضرية الرئيسية قد ارتفعت بشكل كبير خلال العقد الماضي. كما يعد العقار أصلًا تقليديًّا للتحوط ضد التضخم، إذ تميل قيمته إلى الارتفاع مع مرور الوقت، بل ويوفر الاستثمار العقارى وسيلة مستقرة ومتصاعدة للقيمة، فى ظل معدل التضخم فى مصر الذى بلغ حوالى 7.5% فى عام 2023.

ولكن رغم المزايا العديدة، يواجه الاستثمار العقارى فى مصر مخاطر متعددة. من أبرز هذه المخاطر تراجع القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة التضخم وارتفاع تكلفة العقارات، والذى يجعل الكثير من المصريين يجدون صعوبة فى تحمل تكاليف الإسكان. كما أن تذبذب معدلات التضخم التى بلغت أكثر من 15% فى السنوات الأخيرة يزيد من هذه الصعوبات، وتخضع أسعار العقارات لتقلبات السوق، والتى تؤدى بدورها إلى خسائر محتملة للمستثمرين. 

التراجع الاقتصادى أو التغيرات فى السياسات يمكن أن يؤثر أيضاً على استقرار السوق، ويتسبب فى انخفاض الأسعار. وتعد صعوبة تصفية الاستثمارات العقارية بسرعة، خاصة فى ظل ركود السوق، مخاطرة كبيرة للمستثمرين الذين يحتاجون إلى الوصول السريع إلى رأس المال.

ومع زيادة أسعار العقارات، ترتفع تكاليف الإسكان، وهو ما يضع عبئا على ميزانيات الأسر المصرية. هذا الاتجاه يستدعى سياسات وطنية تجعل الإسكان أكثر قابلية لتحمل المواطن العادي. إلى جانب ذلك، فإن النمو العمرانى السريع يؤدى إلى الازدحام المرورى ورفع نسب التلوث البيئي. فمع انتقال المزيد من الناس إلى المراكز الحضرية، تزداد الضغوط على شبكات النقل والبيئة. لتلبية سرعة النمو العمراني، من الضرورى تسريع تطوير البنية التحتية، وضمان أن تكون المشروعات الجديدة مدعومة بخدمات عامة ومرافق كافية لتحسين جودة الحياة ودعم النمو المستدام.

عامةً، السياسات الحكومية يجب أن تعمل على مزيد من التنظيم داخل سوق العقارات لضمان وصول جميع المواطنين إلى السكن المناسب بأسعار معقولة خاصة للمواطنين ذوى الدخل المحدود. هذه السياسات ينبغى أن تستهدف استقرار الأسعار وجعل مشروعات الإسكان الاجتماعى فى متناول الفئات المختلفة. يمكن لمثل هذه المبادرات تخفيف العبء السكنى عن الأسر ذات الدخل المنخفض.

وفى ضوء التحديات الاقتصادية العالمية وتغيرات السوق السريعة، يتعين على راسمى السياسات تبنى رؤية مستقبلية معتمدة على عقلية الابتكار لإيجاد الحلول وتطوير سياسات تعتمد على البيانات لتحقيق توازن بين العرض والطلب. ولا بد أن يكون الابتكار التكنولوجى محورًا استراتيجيًّا لتحسين كفاءة واستدامة قطاع العقارات والاستثمار أكثر فى تقنيات البناء الذكية والطاقة المتجددة لضمان مستقبل أكثر استدامة. وينبغى كذلك العمل على تطوير الأطر القانونية والتنظيمية الداعمة للنمو المستدام والشفافية فى السوق العقاري، باعتبارها أسسا محفزة للمطورين العقاريين للمشاركة فى المشروعات التنموية، ورفع مستوى الثقة فى السوق وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.