رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ضوء فى آخر النفق

كثير من الساسة قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ كانوا فى قمة الوجاهة. هذا اللفظ شاع استخدامه أكثر.. كان يقال: الوجيه الأعظم. عرفنا كثيرًا من الوجهاء.. لكننا عرفنا سياسيا واحدًا بكامل أناقته هو الباشا.. فؤاد سراج الدين، كنا فى حزب الوفد الجديد (الحزب والصحيفة) لا نقول فؤاد باشا وإنما الباشا فقط، وكان إحساس الجميع بالمعنى عاليًا جدًا، فهو يبدو لنا باشا حقيقيا.. أو الوحيد الذى كان لقبه هذا فى جوهره له معنى فى الواقع ورصيد فى تصرفاته. ولم يكن هذا نتاجا لطبقية، أو تعاليا أو غرورًا بفعل الثروة التى عززها وجوده فى السلطة، فعلى مدار سنوات نجوميته السياسية، فإنه لا أحد غير السادات حاول النيل منه!

ابن عائلة سراج الدين الكبيرة فى كفر الجرايدة محافظة كفر الشيخ، الذى صعد نجمه منذ منتصف الثلاثينيات رئيسا للهيئة البرلمانية الوفدية، فوزيرا للزراعة والداخلية وسكرتيرا عاما لحزب الوفد ظل نجما سياسيًا لامعًا، استطاع بمكره ودهائه أن يكافح تيار السلطة الغاضب المذعور من عودة الوفد، فلما شعر بأن التيار ضده أصدر قرارا داخليًا بتجميد الحزب عام ١٩٧٩، ثم بحركة التفاف مخادعة بارعة عام ١٩٨٤ أعلن عن عودة الوفد، التى لم تتوقعها كتيبة مقصدارات الحزب الوطنى الحاكم، فلما حاولوا عرقلته، لجأ إلى القضاء، مستندًا إلى أن تجميد نشاط الحزب كان قرارًا داخليًا وتم العدول عنه، فكانت عودته بحكم قضائى نهائى.

أناقته تتجلى فى كل شىء.. يصادق الأستاذ هيكل فى السجن.. يتحاوران فى كل شىء.. يتعرف على رموز الإخوان المسلمين ويمد بصره لعقد تحالفات بدت مستحيلة ورآها مرحلية يكمل بها أناقته السياسية، حينما تكون له هيئة برلمانية فى مجلس الشعب مضافا إليها أقطاب التيار الدينى، يدير معاركهم تحت القبة، وحينما يصطدم مع أهدافهم يفك تحالفه معهم بهدوء، بعد أن يكون وضع حزبه فى المقدمة لسنوات طويلة. تجلت أناقته أيضا فى أنه لم يكن يرد على رئيس الدولة، فحين يخاطبه السادات بأنه لويس السادس عشر، الذى ولد وفى فمه ملعقة من ذهب، فإنه لم يرد، وفى زمن مبارك كانت مؤتمرات الجهاد التى يحتفل بها الوفد، تعكس قوته، مع التفاف آلاف الوفديين والليبراليين من حوله، ليحشر النظام كله فى الزاوية، حتى انه هو من دشن مقولة «لا إصلاح اقتصادى بدون إصلاح سياسى».