ثورة الدم والعسل.. تعرف على إعلان جمهورية المنيا

في يوم 22 مارس عام 1919 ، أعلن قيام "جمهورية المنيا المستقلة" كأول جمهورية في تاريخ مصر منذ أيام الفراعنة ، وقد وصفتها الصحف المصرية في ذلك الوقت ، بــ "إمبراطورية المنيا" ، وهذه حقيقة سجلها التاريخ، ولقيام جمهورية المنيا قصة ربما لا يعرفها الكثيرون .

حيث كانت مصر كلها تحت الإحتلال الإنجليزي، ومن بينها مديرية المنيا ، وكان يحكم مصر وقتها السلطان "فؤاد الأول" الذي كان مواليا للاحتلال، فثار المصريون على المحتل الإنجليزي ، والسلطان "فؤاد" على خلفية اعتقال ونفي سعد باشا زغلول زعيم الوفد إلى مالطة، فاندلعت المظاهرات في ربوع مصر للمطالبة،  بإطلاق سراح سعد زغلول وزملائه، وكانت المظاهرات في المنيا الأكثر عنفا، واتخذت شكل المقاومة المسلحة ضد الإحتلال الإنجليزي، حيث  اندلعت المظاهرات في مدينة المنيا سلمية صباح يوم 10 مارس 1919، ثم اشتدت حدة التظاهرات في باقي مراكز مديرية المنيا، من ديرمواس جنوبا الي مغاغة  شمالا، وكان أشدها عنفا في ديرمواس يوم 18 مارس والتي عرفت بثورة الدم والعسل،  فقطع الثوار خطوط السكة الحديد بين مطاي وإلي ديرمواس ، مما أدى قطع المواصلات والصحف ، والبريد ، والإمدادات التموينية والطبية ، من القاهرة إلى المنيا.

ففي مدينة المنيا اضطر المحتل  الإنجليزي، إلي اغلاق مركز قيادة الجيش والحامية البريطانية، وترحيل قواتهم منها" فخلت  المدينة من تواجد الإنجليز ، واضطر "محمود نصرت بك" مدير مديرية المنيا ، إلي  تسليم السلطة رسميا للثوار،  مما شجعهم على إعلان استقلال المنيا كجمهورية مستقلة، فسيطروا تماما على المدينة ، وفي صباح 22 مارس 1919 احتشد   5  الآف متظاهر ، يمثلون ربع سكان مدينة المنيا ، في ميدان بالاس  ، وهتفوا مطالبين بإستقلال مدينة المنيا.

ووزع ثوارالمنيا منشورا مطبوعا"يعلنون فيه " استقلال مدينة المنيا" عن مصر كجمهورية مستقلة، وبذلك أصبحت جمهورية "المنيا" اول  "جمهورية في تاريخ مصر وتاريخ المنيا ،  وانضم للجمهورية الوليدة ، بندر المنيا ، و9  قري اخري شملت ،  دماريس، تله، لفطاف، كدوان، بني احمد، نزلة الفلاحين، البرجاية ، كفر المنصورة، و قرية الكوادي  بمطاي ، وكانت المسافة بين طرفي الجمهورية 14 كيلو مترا .

وعلى الفور أصدر قادة الثورة ، عدة قرارات بتنظيم جمهورية المنيا المستقلة منها ، تعيين المحامي المسيحي ( رياض  الجمل) رئيسا للجمهورية ، فكان أول رئيس مدني في تاريخ مصر، وتشكيل "لجنة وطنية" من 25 عضوا من أعيان بندر المنيا ، وعمد ومشايخ المراكز والقري ، في مديرية المنيا  ، كهيئة استشارية (برلمان) ، لتسيير أمور الجمهورية الجديدة ،  وتشكيل ( حكومة) لجمهورية المنيا برئاسة الطبيب "محمود بك عبد الرازق" ، وعضوية 8 من الثوار ، (كوزراء) ، او مجلس إدارة الجمهورية.

وتكوين (جيش) للجمهورية لحفظ الأمن وقيادة المقاومة ، وتم تكوين الجيش  لجمهورية المنيا ، من عناصر البوليس الوطنية ، والخفراء النظاميين الموالين للثورة ورفع رواتبهم ، و الثوار المتطوعين من المواطنين للدفاع عن الجمهورية ومقاومة الإحتلال وتصفيته ، ونجحت الجمهورية في إدارة شئون الأمن ، ولم تشهد اية حوادث فوضى ، ووفرت الإمدادات التموينية والطبية  للمواطنين، وساد الهدوء أنحاء الجمهورية الوليدة .