رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الخشية هى  الخوف  المقرون بمعرفة الله وإجلاله وإدراك عظيم شأنه سبحانه وتعالى ، وهى من سمات الأنبياء والعلماء والصالحين، يقول  الحق سبحانه: «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ الله وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا الله وَكَفَى بِالله حَسِيبًا «(الأحزاب: 39) ، و يقول سبحانه:» إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ» ( فاطر: 28).ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): « أَمَا وَالله إِنِّى لأَخْشَاكُمْ لله وَأَتْقَاكُمْ لَهُ « (صَحِيحُ البُخَارِي) ، ويقول: (صلى الله عليه وسلم): «فَوَاللهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً» (صَحِيحُ البُخَارِي)
وهى من صفات أولى الألباب وسمات المؤمنين المتقين  ، حيث يقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ الله وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ» (الرعد:19-21) ، و يقـول سبحانه:» وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ» (الأنبياء: 48 - 49) ، ويقول سبحانه: « إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آَمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا الله فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ «(التوبة: 18)، ويقول تعالى: « الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِى بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ « (الزمر: 23) .
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِى سَبِيلِ الله « (سنن الترمذي) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): « لا َيَلِجُ النَّارَ رَجْلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّه» (سنن الترمذي).
و أهم أمارات الخشية وصدق تحققها حسن المراقبة لله (عز وجل) فى السر والعلن ، على نحو ما كان من ابنة بائعة اللبن - فعن عبد الله بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جدِّه أسلم قال: بينما أنا مع عمرَ بن الخطاب (رضى الله عنه) وهو يتفقد الرعية بالمدينة إذ أَعيا ، فاتَّكأ على جانبِ جدارٍ فى جوفِ الليلِ ، فإذا امرأةٌ تقولُ لابنتها: يا ابنتاه ، قُومى إلى ذلك اللَّبنِ فامْذُقيهِ بالماء. فقالت لها:    يا أمَّتاه ، أو ما عَلمتِ بما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟! قالت: وما كانت من عزمته يا بُنيَّة؟ قالت: إنَّه أمر مناديه فنادى: ألا يُشَابَ اللَّبنُ بالماء. فقالت لها: يا بنتاه ، قومى إلى اللَّبن فامْذُقيهِ بالماء ، فإنك بموضعٍ لا يَراكِ عمرُ ، ولا مُنادِى عمرَ . فقالت الصبيَّةُ لأمِّها: يا أمَّتاه ، واللهِ ما كنتُ لأُطيعَهُ فى الملأ ، وأَعصِيَهُ فى الخلا ، وعمرُ يَسْمع كلَّ ذلك ، فقال: يا أسلمُ، علِّمِ البابَ ، واعرفِ الموضعَ. ثم مضى ، فلمَّا أصبح ، أتاهم فزَوَّجها من ابنه عاصم ، فوَلَدت لعاصم بنتًا ، وَوَلَدت البنتُ عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله تعالى .
وخرج ابن عمر (رضى الله عنهما) ذات يوم فِى بَعْضِ نَوَاحِى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَصْحَابُ لَهُ ، وَوَضَعُوا سَفْرَةً لَهُ ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِى غَنَمٍ ، قَالَ: فَسَلَّمَ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِى ، هَلُمَّ ، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ ، فَقَالَ لَهُ:  إِنِّى صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِى مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ شَدِيد الْحَرِّ وَأَنْتَ فِى هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى الْغَنَمَ ؟ فَقَالَ لَهُ: أَيْ وَالله ، أُبَادِرُ أَيَّامِى الْخَالِيَةَ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُرِيدُ أن يَخْتَبِرُ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيكَ مِنْ لَحْمِهَا فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِى بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِى ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا عَسَى سَيِّدُكَ فَاعِلا إِذَا فَقْدَهَا ، فَقُلْتَ: أَكْلَهَا الذِّئْبُ ، فَوَلَّى الرَّاعِى عَنْهُ وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَهُوَ يَقُولُ: و أَيْنَ الله ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِى ، وَهُوَ يَقُولُ: وأين الله ؟ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِى فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ ، وَوَهَبَ لهُ الْغَنَمَ .
فإن كنت تراقب الله عز وجل فى سرك مراقبتك له سبحانه فى علنك فأنت تخشاه حق خشيته ، وإن كانت مراقبة للناس أكثر من مراقبتك لله عز وجل فأنت على خطر عظيم.

الأستاذ بجامعة الأزهر