رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 قامت إسرائيل أمس باغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، بعد أن حل عليها ضيفًا لحضور مراسم  أداء اليمين الدستورية للرئيس مسعود يزشكيان، كما تم اغتيال فؤاد شكر، وهو الرجل الثاني في حزب الله في لبنان، وقد تكشفت بعض الأنباء عن كيفية اغتيال هنية، حيث جرى اغتيال «إسماعيل هنية» بعد تحديد مكان إقامته في طهران، استناداً إلى إشارات هاتفه الخليوي، وهو من نوع «ثريا» الذي يعمل عبر الأقمار الاصطناعية، وكذلك هاتف مرافقه، الذي استُشهد معه، وهو من النوع نفسه، حيث جرت عملية الاغتيال بالاعتماد على القمر الاصطناعي الإسرائيلي «أفق13» الذي أطلقته وزارة الأمن الإسرائيلية ربيع العام الماضي، وهو يعتمد على نظام الرادار الذي يميزه عن غيره من الأقمار الاصطناعية الضوئية الإسرائيلية السابقة، خصوصًا من جيل «أفق»، وتداولت أنباء أنه كان من المقرر اغتياله في تركيا خلال زيارته الأخيرة لها في مايو الماضي، لكن عُدل عن الأمر في اللحظة الأخيرة.  

 ولكن هناك تساؤل حول كيف استطاعت إسرائيل تحديد موقع إسماعيل هنية بهذه الدقة وفي قلب إيران، ببساطة وحسب توقعي، من خلال هاتفه المحمول الذي كان يحمله هو، أو مرافقه، أو أي شخص تواجد في محيطه، فإسرائيل تعد الرقم واحدًا في العالم بالأمن السيبراني وأجهزة التجسس، ولذلك تصيب الهدف بسهولة مع تحديد وجمع البيانات كافة حول الهدف المرجو اغتياله من خلال أدواته، أو أدوات مرافقه، أو من يلتقيه من خلال سائق التكسي، أو حتى مسؤولين إيرانيين معروفين لإسرائيل تواجدوا معه أو التقوا به أو أي شخصيات غير واضحة للعيان، أو طباخ، أو عامل تنظيفات ،أو أي شخص مدسوس معه هاتف، أو جهاز تحديد موقع أو حتى تطبيق سيبراني، فالقصة تكنولوجيا ودقة جمع المعلومات، ومراقبة الهدف لأربع وعشرين ساعة.

 بعد ذلك تم برمجة الصاروخ  الذي انطلق من إذربيجان وهو صاروخ جوال، وأن منظومة رادارات إيرانية كشفته لكن خط سير الصاروخ المبرمج تجاوز نطاقات الصواريخ المنصوبة في المنطقة، وأن الصاروخ كان موجهًا بالأقمار الاصطناعية، حيث استمر الصاروخ في الطيران في الأجواء الإيرانية أكثر من ٢٥ دقيقة وفشلت الطائرات الاعتراضية في التصدي له لاختفائه عن الرادار شمال طهران نتيجة ضعف قدرات الدفاع الجوي الإيراني بسبب التشويش المرافق وانخفاض مستوى طيران الصاروخ، حيث لم يتم رفع درجة الإنذار إلا قبل سبع دقائق من إصابة الهدف، وأن واشنطن مشاركة في العملية من النواحي الفنية، خصوصًا توجيه الأقمار الاصطناعية، وأن أذربيجان متورطة نكاية في إيران، التي ساعدت عدوتها أرمينيا في حربهما، وأنه يدور حديث أنه تم التضحية بهنية للحفاظ على نصر الله.

 وكان الهدف من عملية الاغتيال ليس شخص هنية فقط، رغم أهميته بالنسبة لإسرائيل، وإنما مكان الاغتيال كان الهدف الأهم، وهو جوهر الحكاية، فهي أرادت أن تُحرج إيران كدولة بعد اغتيال أكبر ضيوفها على أرضها، فضلًا عن أن تظهر هشاشة الوضع الأمني بطهران، وأن هناك اختراقًا أمنيًا وتواطؤًا واضحًا من أجهزة أمنية إيرانية مع إسرائيل ساعدت في تحديد مكان إسماعيل هنية في طهران واغتياله مما سبب حرجًا كبيرًا لطهران وقد كان بإمكان إسرائيل اغتياله في الدوحة، ولكن لن تقوم إسرائيل بذلك حفاظًا على مكانة قطر وقوة العلاقات المشتركة بينهما، كما كان في إمكان إسرائيل اغتياله في إسطنبول، حيث كان في زيارة إليها مايو الماضي، لكنها عدلت عن الأمر حتى لا تتأزم العلاقات بينها وبين تركيا.

 وقد أرادت إسرائيل من اغتيال هنية أن تصبح المفاوضات أسهل بالنسبة لإسرائيل بعد اختفائه من المشهد السياسي، وكل ما تريده إسرائيل من حماس هو إعادة الرهائن الأحياء، ولاحقًا الأموات وخرائط الأنفاق، وانسحاب حماس من المشهد السياسي مقابل حياة قيادييها وتحرير أموالهم، والتنسيق على دولة تستقبلهم خارج الشرق الأوسط، وبالتأكيد لن تكون إيران، كما تريد تسليم بعض عناصرها في غزة، وألا تكون هناك  شروط لسياسة إسرائيل المؤقتة في غزة، أو رؤيتها المستقبلية، أو تحديد وقت انسحاب قواتها من غزة، في المقابل تريد حماس الحفاظ على حياة قيادييها وأموالها والبقاء في الشرق الأوسط، والإفراج عن أسرى فلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية لتعيد شعبيتها في فلسطين والمشاركة في حكم غزة مع القوات متعددة الجنسيات والفصائل الفلسطينية، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما ترفضه إسرائيل.

 أما عن الرد الإيراني فلا أتوقع أن ترد إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، على أراضيها بطريقة مباشرة، ولكن سترد عبر أذرعها في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله في جنوب لبنان، خصوصًا بعد اغتيال فؤاد شكر، الرجل الثاني في الحزب، وأتوقع أن يكون رد الحزب خلال الأربع وعشرين ساعة المقبلة، أما المناطق المتوقع أن تكون الهدف فهي شمال إسرائيل بالكامل، ومنطقة المركز تل أبيب ومحيطها، ولا أعتقد أن تكون القدس هدفًا ربما يتحفظ حزب الله على ضرب أهداف نوعية داخل تل أبيب لمنع تهور إسرائيل في تدمير لبنان، أما إيران فربما تتراجع عن خطوة الضربة المباشرة لأن ذلك سيعني دخولها في حرب مباشرة مع إسرائيل وأمريكا، وهذا ما لا تريده إيران ولكن ستستعمل أذرعها في لبنان واليمن والعراق.

 أما بالنسبه لإسرائيل فهي تريد التصعيد، إن استطاعت ذلك، والهدف إنهاء وإضعاف حزب الله، وتدمير لبنان، وضرب مواقع في اليمن وسوريا والعراق وإيران، ومزيد من الاغتيالات، وتنظيف الشرق الأوسط من الأذرع الإيرانية، وتحييد دور إيران وتفعيل المعارضة الداخلية للانقلاب على النظام الحالي فيها،  والهيمنة وإعادة ترتيب التحالفات الجديدة وتوسيع نطاق الحرب وحضور أمريكا إلى الشرق الأوسط، فهذه حرب إعادة ترتيب الشرق الأوسط والعالم العربي، وإذا تطورت الحرب مع إيران فإسرائيل لن تكون لوحدها وإنما سيكون معها تحالف غربي مكون من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا سيكونون جزءًا من هذه الحرب، وكذلك ستكون هناك دول عربية داعمة، كما أن كندا وأستراليا لن يكونا ببعيدتين عن التحالف.