رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

نحو المستقبل

قرأت فى أحد الكتب المنطقية التى تؤكد على أهمية التفكير العلمى والتفكير الناقد أن  العقل هو الأساس ليس فقط فى التفكير المنطقى بل أيضا فى توجيه العاطفة نحو شخص معين، ومن ثم فالعقل هو أساس الحب وليس القلب كما يتصور عامة الناس؛ فنحن نحب حينما نقرر أن هذا الشخص بالذات هو المناسب لتوجيه عاطفتى نحوه وليس أى شخص آخر ! كما أننا يمكننا فى هذه الحالة أيضا توجيه بوصلة القلب لتكره هذا الشخص أو ذاك بحجة أنه  لايتوافق معى أو يقف عائقا أمام تحقيق مصالحى أو رغباتى الشخصية! وذلك يعنى ببساطة تكذيب كل قصص الحب من أول نظرة وكل قصص العشق الرومانسية التى تربينا عليها ونتناقل حكاياتها ؛ فلم تخطف ليلى قلب قيس فجأة ولم تستول عبلة على قلب عنترة بنظرة ولم تصب جولييت بسهم نظراتها الحالمة قلب روميو؛ فقد كان كل هؤلاء أسرى وهم الحب من أول نظرة اذ كان بإمكانهم توجيه طاقة الحب لديهم الى أشخاص آخرين ؛ اذ لم يخلق قيس من أجل ليلى ولاهى خلقت له ! وما كان يجب أن يحارب عنترة من أجل الفوز بعبلة ، وما كان يجب أن يجن روميو من أجل الحصول على حب جولييت! 
ان الحب اذن عاطفة نبيلة يخلقها العقل ويوجهها لهذا الشخص الذى اختاره أو ذاك ! وما ان يتلقى المحبوب هذه العاطفة بإيجابية ويتفاعل معها يولد الحب ويكبر شيئا فشيئا فى قلب المحبين ربما ليصل الى درجة العشق . وبالطبع فان هذا النمط العام للحب يختلف عن العشق الصوفى الذى تتوحد فيه روح العاشق مع روح المعشوق ويغيب فيه الموجود المادى عن ذاته التى ذابت فى ذات المحبوب الإلهى عشقا وولها!
والحقيقة أننى أميل إلى رأى هؤلاء المناطقة الذى يحللون عاطفة الحب من منظور علمى  الى حد ما؛ فالحب الحقيقى بين المحب والمحبوب مشروط بأن يجد كلا الطرفين ما يحبه فى الطرف الآخر، فان وجده وجه عاطفته تجاهه أى يبدأ فى التركيز معه فيحرص على متابعة خطواته ومعرفة أخباره والتفاعل معه فى كل اهتماماته، وهنا يحدث التقارب بين الطرفين المراقبين لبعضهما ويقتنصان الفرص الواحدة تلو الأخرى لتعزيز هذا التقارب، وإزالة أى عقبات تعترض هذا التقارب بما فيها إزالة الشكوك وابعاد أى أطراف أخرى تحاول الدخول بينهما وعلى الفور يطلقون على هذه الأطراف المنافسة «عوازل».. إلخ. 
ويظل تعميق هذا الحب الناشئ بين الطرفين مشروطا بقبول كل طرف عاطفة الآخر تجاهه وتنميتها، وحرص كلاهما على عدم الإساءة للآخر واجتذابه نحوه بكل الطرق . ومن ثم يتحول الاختيار العقلى الى عاطفة جياشة نحو المحبوب حتى لم نعد نرى الا إياه ونتصور أنه لم يخلق الا لنحبه ويحبنا! والسؤال الآن هو : ماذا لو تخيلنا أن هذا الشخص لم يكن موجودا أمامنا و ولم نقابله فى حياتنا ، أكانت حياتنا ستتغير؟! أكانت حياتنا ستتوقف؟! أم كنا سنلقى اختيارنا عند شخص آخر وتستمر الحياة ويصنع الحب مع هذا الشخص الآخر وهكذا؟!
اننا نصنع الحب بعقلنا قبل قلوبنا ونحوله فى لحظة ما إلى تلك العاطفة الجميلة الممتعة التى تتملكنا حينما نرى المحبوب فنتصور أن حياتنا بدونه صارت مستحيلة!!
اننا نصنع الحب ونعمقه فى نفوسنا لحظة بعد أخرى ويوما بعد يوم وعاما بعد أخر بتصرفاتنا وأفعالنا الجميلة تجاه بعضنا البعض سواء فى حياتنا الخاصة أوالعامة، وقد تتحول عاطفتى العامة مع اى آخر فى لحظة اختيار ما ونتيجة ظروف ما الى حب جارف لا تصنعه اذن النظرات الحالمة والقلوب المخطوفة، بل تدفعنا اليه العقول الواعية والاحتياجات العملية. 
وعلى كل حال وحتى لا يغضب منى أحد، دعنى أقول : تعددت الطرق والدوافع  والحب واحد ، انه أسمى ما خلقه  الله للبشر لتتلاقى العقول والقلوب ويستمر شغف البشر بالحياة بعيدا عن حياة الوحدة المملة القاتلة ! وليهنأ المحبون بحبهم أيا كانت دوافعه وأيا كان مصدره ! وكل لحظة وأنتم فى حب وبعيدين عن حياة الكراهية والصراع البهيمى الوحشى الذى يروق لبعض البشر!

[email protected]