رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

لازم أتكلم

ركزت فى الحلقات الأربع السابقة من (اللاجئون فى مصر.. ملف شائك) على الخدمات العامة (وسائل مواصلات وغيرها) والخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، التى يتلقاها 10 ملايين لاجئ، يكلفون خزينة الدولة نحو 10 مليارات دولار سنويا، وتطرقت الى المخاطر الآنية والمستقبلية، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه من تحمل مصر وحدها لنحو 90% من فاتورة معيشة هؤلاء فوق أرضها؛ رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التى تواجه الدولة.

واليوم ألفت الانتباه إلى قنبلة موقوتة، وهى أطفالهم، فباستثناء السودانيين والسوريين واليمنيين، الذين يجتهدون لتعليم أبنائهم واحتوائهم وحمايتهم من التشرد، هناك الآلاف من أطفال الجنسيات الأخرى وخاصة القادمين من شرق وغرب وجنوب إفريقيا، لا يجدون أمامهم سوى الأرصفة، يلتحفون بها صيفا وشتاء، يتسولون ويبيعون المناديل وبعض المنتجات الورقية والشعبية؛ لمساعدة أسرهم على المعيشة.

وجولة سريعة فى مناطق أكتوبر والتجمع وأسواق العتبة ووسط البلد ورمسيس، وبعض أحياء الاسكندرية والجيزة ودمياط، ستضع يدك على قلبك خوفا من الانتشار المخيف لأطفال أفارقة صغار، لا تعرف الدولة المصرية عنهم شيئا، ومعظمهم ليس له شهادة ميلاد ولا أوراق رسمية وأغلبهم منفصل عن أسرته أو هارب منها ويعيش مع عصابات تمتهن التسول والانحراف. 

وسبق أن حذرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من الوضع المأساوى الذى يعيشه الأطفال الأفارقة وخاصة القادمين من جنوب الصحراء الكبرى، ومع ذلك لم تتحرك أمريكا ولا الاتحاد الأوربى ولا المجتمع الدولى، ومنظماته الاغاثية والإنسانية، رغم علمهم بسوء الحالة الاقتصادية لمصر، وعدم قدرتها على الاستمرار فى تحمل قاتورة الضيوف.

واعترفت المفوضية فى تقارير صادمة لها بعجزها التام عن مواجهة هذه الظاهرة، مشيرة إلى ان البرامج الدولية لدعم اللاجئين فى مصر، فى انخفاض مستمر وتحصل على 4% فقط من التمويل المطلوب لها، رغم ارتفاع الأعداد، كما اعترفت بانها تعمل بجزء بسيط من ميزانية سنوية  لا تزيد عن 104 ملايين دولار سنويا، وهو رقم هزيل جدا لا يساوى شيئا أمام ما تقدمه مصر من مليارات. 

الوضع فعلا خطير جدا، فإذا جلست إلى بعض هؤلاء الأسر تسمع حكايات عجيبة تفيض لها بالدمع مآقى العيون، الأب غارق فى الديون والأم تجوب الشوارع او تخدم فى البيوت، والابن الصغير فى الشارع والسوق، يتسول أو يعمل فى أشغال شاقة باسعار زهيدة، لكى يأكل ويعيش، أما الفتاة الصغيرة فهى إما متسولة أو تهيم على وجهها تجمع علب المشروبات الغازية الفارغة، وتخجل من ذكر ما تتعرض له من عنف واعتداء جنسى.

الخطير هنا، أنه لا توجد احصاءات دقيقة لهؤلاء الأطفال الذين يشكلون نحو 40% تقريبا من أعداد اللاجئين فى مصر، وهنا يجب ان تتحرك وزارتا الداخلية والخارجية ومصلحة الاحصاء، وخاصة ان أعدادا كبيرة منهم منفصلون عن أسرهم، ودخلوا مصر بدون مرافق، وانطلقوا فى الشوارع والأزقة والحوارى، تتلقهم أيادى المنحرفين.

الكارثة الأكبر أن من يدخل مصر صغيرا لا يغادرها، ويبقى حتى يدفن فى ارضها، وهو ما يشكل عبئا إضافيا على الدولة فى دفع فاتورة رعايته صحيا واجتماعيا وصحيا وأمنيا.

إن ترك آلاف الاطفال الأفارقة فى الشوارع بهذه الطريقة التى تشوه وجه مصر الحضارى، أمر لا ينبغى السكوت عنه، ولا سيما وأنهم تحولوا بحكم الفقر والعوز إلى أداة سهلة فى يد التشكيلات الاجرامية بمناطق معيشتهم، فلا يترددون لحظة فى السرقة أو التخريب أو بيع أنفسهم لشياطين الغربة. 

 

وللحديث بقية إن شاء الله..

[email protected]