رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كاريزما

فى أحدث ما كتب مسلسل الحشاشين كان عبدالرحيم كمال سباقًا لخمس حالات إبداعيه لم يستطع أن يهرب منها وقد أسرته فى سحرها.

أما أولى هذه الحالات فهى ذكاء الكاتب نحو دمج كثير من الشخصيات التى أضافها من خياله - بعيدًا عن الأحداث الحقيقية - وهى واقعة من حق كاتب التاريخ فى شكل درامى - أن يسلكها طالما تصب فى خدمه الأحداث.. ولكن كانت هناك بعض الشخصيات التى تبلورت جذورها على يد التنوير الذى صنعه كمال فى هذه الشخصيات؛ والحقيقة أنها اندمجت فى نسيج الدراما وورثت من دمائها وصلبها وهذه ميزة تحسب له ولكن هناك بعض الوقائع والأحداث لم يركز عليها وتمنيت أن تلقى. اهتمامه مثل واقعة نتوقف عندها هى التناقض الغريب والذى يصل إلى حد النفى؛ فى قضية اغتيال الماركيز كونراد دى مونفيرا أحد قادة الحملة الصليبية الثالثة؛ اختلفت الآراء حول طبيعة الجماعة التى اغتالته وهل هى جماعة الحشاشين أم جماعة أخرى تابعة لصلاح الدين الايوبى. ونص عبدالرحيم كمال لم يركز على الحدث هذا ولم يوثقه ولم يتفاعل معه وقد كتبه منذ ستة وثلاثين عامًا الأديب اللبنانى المولد الفرنسى الجنسية: اميل معلوف فى رواية بعنوان (سمرقند) وقد ركز فيها على الواقعة وكان أبرع من كتب فيها - على ما أعلم - أيضاً كتب اميل معلوف عن حياة الشاعر والمفكر عمر الخيام؛ واجتاز جوانب إنسانية وفلسفية لم يقترب منها آخر مثل مفهوم الشاعر عمر الخيام عن الصوفية والعشق الإلهى وما يربطه وما يفصله. عن الشاعر ابن الفارض وأيضاً اقتراب الكثير من المفاهيم الروحية بين الخيام وبين الشاعر أبوالعلاء المعرى؛ وغير ذلك.. لكن عبدالرحيم كمال لم يركز على هذه الجوانب وتخيلت أن يكون استثمار الشخصيات البديلة هو حلقة الربط بين الأحداث وبين آثارها الواضحة على مدى التاريخ.

الحالة الثانية: هى عبقرية عبدالرحيم كمال فى تجسيد مفاصل الحياة اليومية لحسن الصباح القائد العنيف الحاسم وأيضاً اقتراب إنسانيته لكى لا تتنافى مع العدل والمساواة بين المواطنين تحت حكمه. وبين أهل بيته هذا العدل وصل إلى مرحلة قتل ابنه - وقت أن اخطأ هذا الابن.

الحالة الثالثة: تمكن عبدالرحيم كمال من أدواته فى رسم الخط البيانى لمجريات أحداث التاريخ المتراكمة على مدى عقود فقد تكاثرت رواسب من وقائع حدث بعضها أو لم يحدث وبالتالى سقطت القصة الأساسية وكان على - كمال - أن ينتقى بحرفية الحقائق من بين ركام الموجود.

الحالة الرابعة: كانت الوعى فى ربط ما هو تاريخى وبين ما هو معاصر. ولا بد أن المشاهدين قد عاشوا فى هذا الربط وتمكنوا من تطويره.

وأما الحالة الخامسة: فهى استلهام تراثنا بكل ضمير أدبى حى نابض بمنفعة وثراء.

هذا العمل الرائع الذى قدمه الثلاثى العميق الكاتب عبدالرحيم كمال والمخرج الدكتور بيتر ميمى الذى أكد عبقريته فى كل ما قدم فكان مبهرًا متفردًا.. وأما الفنان النابغة كريم عبدالعزيز فهو حالة من العمق والرقى الإلهام الموحى.

ولنا فى كل ذلك المقال القادم بإذن الله.

[email protected]٠