رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

ربما كان فيما نشره موقع «بى بى سى» أفضل تعبير عن اللحظة التى نعيشها على صعيد الأوضاع فى المنطقة حين أشارت إلى أن «العالم يحبس أنفاسه بينما ينتظر كيف سترد إسرائيل، على أول هجوم إيرانى مباشر عليها»، وهو رد فعل ربما يكون تحصيل حاصل فى ضوء استراتيجية الردع الإسرائيلية، وأكد عليه وزير الدفاع الإسرائيلى بالإشارة إلى أن تل أبيب ليس أمامها خيار سوى ضربة مضادة.

لكن السؤال الذى يطرح نفسه هنا ولو من منطق التفكير العادى غير السياسى هو: لماذا يكون لإسرائيل حق الرد دون أن يمتد هذا الحق إلى باقى الدول؟ مقتضى السؤال هو أن الهجوم الإيرانى على إسرائيل والذى يعد الأول من نوعه منذ قيام الدولة العبرية، إنما كان فى التحليل النهائى رد فعل على مبادرة إسرائيل بالهجوم على قنصيلتها فى سوريا، وأى دارس للقانون الدولى يعلم أن سفارة أو قنصلية أى دولة تعتبر جزءًا لا يتجزأ من أراضيها.

على هذا النحو فإن تداعيات الأزمة الجارية بشأن تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل ربما تقدم العديد من الدروس من واقع تفاعل النظام الدولى معها.. أول هذه الدروس افتقاد النظام الدولى للعدالة فى تعامله مع الواقع الأمر الذى انعكس فى رفض مجلس الأمن تبنى موقف مندد بالهجوم على القنصلية، وهو ما دعا طهران إلى المبادرة بالفعل دفاعًا عن نفسها. وهنا يأتى الدرس الثانى وهو أن القوة كما قلنا سابقًا ونؤكد مرارًا ربما تكون هى اللغة الوحيدة التى يفهمها ويقرها الفاعلون الدوليون، حيث استطاعت إيران بهذا الفعل أن تكرس وضعًا مؤداه صعوبة أن يمر اعتداء عليها دون رد.

الدرس الثالث أن السيمفونية التى بدا عليها الموقف الغربى وتتابع إدانته للهجوم الإيرانى وعلى النحو الذى خرج به.. إنما يؤكد النفاق الدولى على نحو ما ذهب إليه ممثل روسيا فى مجلس الأمن، حيث كان من باب أولى تناسق المواقف وهو ما كان يعنى ادانة تلك الدول للاعتداء الإسرائيلى على قنصلية إيران.

الدرس الرابع أن موقف الولايات المتحدة شديد الحماس للدفاع عما تراه أمن إسرائيل والتزامها بهذا الأمر فى كل الأحوال سواء كانت إسرائيل المبادرة إلى العدوان أم العكس، يعزز فكرة أو مقولة أن إسرائيل ليست سوى ولاية أمريكية وهو ما يعنى أن السياسات الإسرائيلية تمثل امتدادًا بشكل أو بآخر للسياسة الأمريكية. هذا الطرح يطرح التساؤلات بشأن طبيعة العلاقة أو المعادلة التى تسعى واشنطن لفرضها فى المنطقة، وهى معادلة يبدو من تفاعلات الأحداث أن الولايات المتحدة ترى أنها يجب أن تقوم على أساس أن تل أبيب هى فتوة المنطقة وأن على الآخرين الائتمار بأمره والسكوت على كل مظالمه، الأمر الذى يمكن التأكيد على أنه يعكس معادلة سارية بالفعل فى المحيط العربى وأن إيران أبت أن تكون جزءًا من تلك المعادلة.

الدرس الخامس أن مثل هذا النوع من التوترات لا تكون نتيجته عادة من نوع المباريات الصفرية، ولذلك فإن الجدل حول من المنتصر فى المواجهة فى حدود ما جرى حتى الآن جدل عبثى ليس له معنى، فمن المؤكد أن إسرائيل بهجومها على القنصلية كانت ترسم لأهداف ربما تكون حققت بعضها منها خلط الأوراق فى المنطقة وصرف أنظار العالم عن الحرب فى غزة، وجر إيران لحرب تكون مقدمة للقضاء على قوتها أو تقليص مساعيها لامتلاك سلاح نووى، غير أنه من المؤكد أيضاً أن إيران رغم رمزية رد الفعل وربما عقلانيته من منظور البعض أرست قواعد جديدة لوضعها فى المنطقة كلاعب رئيسى له هيبته. وللحديث بقية.

[email protected]