ونس الدكة
أيضًا فى عام 2015 كتب الدكتور محمد أشتية دراسة هامة بعنوان «رؤية لاستراتيجية الصراع المستقبلى مع إسرائيل»، وكأنها كتبت البارحة مذكرًا بأنه لم يكن قطاع غزة فى حسابات إسرائيل بل كان «إسحاق رابين» خامس رئيس وزراء إسرائيلى، الذى انتهت حياته بإطلاق الرصاص عليه ومقتله فى 4 نوفمبر 1995 على يد قاتل يهودى اسمه «إيجال عامير»، يقول «رابين»: نريد أن نصبح يومًا لنرى فيه غزة تغرق فى البحر. لقد تم إغراق غزة بالدم فى عام 2002 و2009/2008 وعام 2012 وعام 2014 والهدف السياسى لإسرائيل هو إبقاء غزة خارج النسيج الجغرافى والمؤسساتى الفلسطينى ودفعها نحو مصر.
إن الذى تقدم يدلل بما لا يدعو للشك أن الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس ليست فى عقل القيادة الإسرائيلية لا الحالية ولا غيرها. وكل الذى تريده إسرائيل هو استمرار الوضع الراهن. والوضع الراهن هذا أمر غير مستقر بل متدهور تصادر إسرائيل خلاله ما معدله 2000 دونم شهريًا، ويزيد عدد المستوطنين بنحو ألفى مستوطن شهرياً أيضاً.
وعليه فلا بد للفلسطينيين من إعادة صياغة برنامجهم السياسى بما يأخذ بالاعتبار هذه الحقائق.
معتبراً أن الأمر المهم أيضاً هو الحقيقة التى تقول إن بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن أى فى فلسطين التاريخية يعيش نحو 6.1 مليون يهودى وهناك 11 أيضًا فى المنطقة ذاتها نحو 6.1 مليون فلسطينى، أى أن الميزان الديمغراف (1:1). ولكن فى عام 2020 سيصبح عدد الفلسطينيين بين البحر والنهر نحو 53 % من مجموع السكان بما يعنى أن هناك أقلية يهودية تحكم أغلبية فلسطينية. وفى حال تآكل حل الدولتين بسبب الإجراءات الإسرائيلية على الأرض فإننا سنجد أنفسنا نزلق إلى حالة «الدولة الواحدة»، تمارس فيها إسرائيل أبشع أنواع العنصرية والتمييز والقهر. ان مثل هذا يعنى منعطفًا فى ديناميكية الصراع الذى لا بد من أن يغير من مرئيات ديناميكية الحل.
ويختتم الدكتور محمد أشتية حديثه عن المستقبل بقوله إن المشروع الصهيونى لم يكن ولا مرة مشروعًا دينيًا بل مشروع استعمارى اقتصادى استيطانى جاذب للمستوطنين، ولم يكن الدين إلا إحدى ذرائع هذا المشروع الذى رعته الدول الاستعمارية والذى بدأ كمنفعة متبادلة بين بريطانيا والحركة الصهيونية وكل لأسبابه.