رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

تحدثت من قبل عن ضرورة التدخل الحكومى لضبط الأسعار بتشديد الرقابة على الأسواق ومكافحة أباطرة السوق السوداء وحيتان التخزين والتعطيش والتجار الجشعين والمحتكرين للسلع الأساسية والإستراتيجية،ِ وطالبت بسعر واقعى موحد للدولار، وقلت إنه بدون الرقابة الجادة والحازمة لن يشعر المواطن بأى عائد إيجابى.
وما طالبت به حدث، أحسنت الحكومة صنعا بتحريك سعر الجنيه فى البنوك بمقدار السوق السوداء، ولكنها للأسف الشديد لم تنجح حتى الآن فى تهدئة نار الأسعار. فما إن تذهب إلى أى متجر كبير أو سوبرماركت وتسأل: لماذا لم تنخفض مثلا أسعار اللحوم والفراخ والبيض؟ حتى يجيبك ساخرا «كله على قديمه».
ويبدو أن كل حاجة فى مصر تسير على نفس المنوال ونغمة «كله على قديمه»، التى قادتنا إلى الخراب الاقتصادى، والكارثة أن الحكومة تعلم جيدا من هم أصحاب هذه النغمة، سواء كانوا موظفين داخل دواوين الوزارات أو تجارا كبارا، فلا أحد يفكر أو يخطط خارج الصندوق، ولا أحد يهمه مصلحة البلد، طالما أن الدنيا ماشية وملايين الدولارات ستتدفق من صندوق النقد الدولى ومن بعض الأشقاء.
وهنا أقول «ليست فى كل مرة تسلم الجرة» وأخشى ما أخشاه أن تعود السوق السوداء مرة ثانية بكل قوة تصل بالدولار إلى 70 و80 جنيها، وإن كان ربنا سترها علينا بمليارات رأس الحكمة، وإن كان صندوق النقد الدولى تفهم أسباب الانهيار واقتنع بما قامت به الحكومة من إجراءات مالية وسياسات نقدية ومصرفية لتفوز بقرض الثمانية مليارات، فكل هذا لا يعنى إننا تجاوزنا الأزمة، كلا والله، ولن نخرج منها طالما بقيت الحكومة عاجزة عن مواجهة المحتكرين والحيتان.
وسنبقى نلف وندور فى الدوامة، نتنفس فقط دون حياة طبيعية، طالما بقيت المصانع متعثرة والعقبات مستمرة فى كل خطوة للمستثمرين الصغار الذين يريدون خدمة الوطن فعلا وليس امتصاص دم الشعب ومن يستغلون الحروب والأزمات ويرقصون بالدولارات فوق جثة اقتصاد مازال يعتمد على المنح والقروض، وعلى إجراءات مؤقتة تشبه المسكنات والمهدئات دون إنتاج حقيقى وأجندة أولويات.
رئيس الوزراء يتفاءل كثيرا فى تصريحاته، ويقول ان المواطن سيشعر بالتغيير قريبا، وقد يكون تفاؤله فى محله فى ضوء ما يعرض عليه من أوراق وردية مكتوبة بلغة «كله تمام»، ويبدو أنه لم يسمع بعد «نغمة كله على قديمه» التى تصيب المواطن بالإحباط.
المنطق يقول إن الفارق ما بين سعر الدولار فى البنوك والسوق السوداء قبل التحريك الأخير يدور فى حدود 20 جنيها، فمن أين ستوفر الحكومة هذا الفارق؟ وهل ستتحمله كاملا دون تحميل المواطن المطحون أى شىء؟ أم ستفاجئ المواطن بتحريك الضرائب ورفع رسوم وأسعار بعض السلع والخدمات؟ وعندها ستكون الصدمة كبيرة إذا ما إتجهت الحكومة لاتخاذ إجراءات مستقبلية تعوض بها ما فقدته خزينة الدولة من مليارات اضطرت لضخها لحماية ورفع قيمة الجنيه أمام الدولار.
إنها وربى معضلة، ستزيد الأمور تعقيدا إذا لم تسارع الحكومة فى وضع حلول سريعة وواقعية لحلها بعيدا عن المواطن الذى لم يعد ظهره قادرا على تحمل المزيد من «الكرابيج» والمفاجآت، ولم يعد لديه أى استعداد لسماع نغمة «كله على قديمه» وسط كل هذه الوفرة من مليارات الدولارات.
طريق الإنقاذ الحقيقى يبدأ بترشيد الإنفاق الحكومى وتأجيل بعض المشروعات الضخمة التى تلتهم المليارات، وتحفيز العاملين بالخارج ببعض المزايا، وتشغيل المصانع بتوفير مستلزمات الانتاج ورفع معدل الصادرات ثم إعادة تشكيل جميع الأجهزة الرقابية باختيار عناصر أكفاء وكوادر لديها بقايا ضمير.
[email protected]