رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لغتنا العربية جذور هويتنا (٢٧)

رأينا فى المقالات السابقة كيف تفاعلتْ لغتنا العربية مع لغات العالم القديم واستطاعت أن تستوعب وتتمثل نتاج الحضارات القديمة البائدة، ومن ثمّ صهرتها فى عقول علماء متعددى الجنسيات والأعراق والأماكن والمواطن، وذلك بلسان عربى مبين فى مجالات: الدراسات الإنسانية: أدبية، ولغوية، وفنية، وموسيقية، ونفسية، واجتماعية، وتاريخية، وفى مجالات العلوم من: الطب، والكيمياء، والفلك، والهندسة، والعمارة، مما يطول حصره.

 وهو ما أسهم إسهاماً جذرياً وفعّالاً وشاملاً فى بناء نهضة الحضارة والعلوم فى أوروبا الحديثة وفى جامعاتها ودراساتها وبحوثها كما فصّل ذلك وقرره واعترف به المستشرقون جميعا بتعدد جنسياتهم وأيديولوجياتهم وأهوائهم.

حتى كانت بدايات العصر الحديث، حيث شهدت اللغة العربية حركة إحياء أو بعث فى مختلف العلوم منذ بداية النهضة الحديثة لمصر، وأسهمت مؤسسات عديدة فى تلك النهضة، كالأزهر الشريف، والصحافة وجهودها فى نهضة الأساليب وتطويرها ومواكبتها المنجزات العصرية على أيدى المصريين والشوام، وتنوع فنون الأدب المستحدثة، كالقصة والمسرحية ونهضة الشعر، وظهور الطباعة وتطورها، وتبعاً لذلك قامت النهضة فى مجال النشر واتسعت آفاقها، وظهور الجامعات الحديثة وتعددها، حتى صارت اللغة فى عصرنا اللغة الأولى فى التدريس بمدارسنا، كما صارت إحدى اللغات المستعملة فى الهيئات العلمية ومنظمات الأمم المتحدة، كما فاز الأدب الناطق بها والمعبر عنها ببعض الجوائز العالمية كجائزة نوبل فى الأدب، وفاز أحد أبنائها بجائزة أخرى فى العلوم.

ونتفق مع مقولة المستشرق الألمانى الدكتور «مارتن آبل»: «إننى أعتقد أن اللغة العربية قادرة على التعبير بكل دقة عن معطيات العلم الحديث»؛ لنتأمل واقع اللغة العربية المعاصر، وما آل إليه من ضعف واضح على ألسنة أبنائها، ومجابهة اللغة عقبتين متفشيتين خطيرتين هما: الأمية والعامية.

ونتصور أنه يمكن أن ينهض واقع اللغة العربية لتعود قادرة على القيام بدورها باستثمار خصائصها من الاشتقاق والنحت والتصريف.. إلخ.

الإفادة من نجاح تجربة تعريب العلوم فى سوريا، وانتهاجها وتطبيقها أو تطويرها فى التعليم الجامعى.

تنظيم جهود المجامع والجامعات والهيئات اللغوية، وبخاصة فى مجال المصطلحات، والتيسير اللغوى، والإثراء المعجمى، وذلك بتنسيق الجهود، وتكاملها لا تكرارها وتعارضها، وإصدار ذلك كله فى النشرات الكتب.

تنشيط الترجمة، وتحقيق المخطوطات العلمية العديدة التى خلفها السلف فى مجالات العلوم المختلفة، تلك التى لم تحظ بعنايتنا بالقدر التى حظيت فيه بعناية العلماء الغربيين فى مراكز البحث بالجامعات الأوروبية والأمريكية مراكز لتاريخ التراث العلمى القديم، وإنْ تسللت إليه الصهيونية وأطلقت عليه «مركز الشرق الأوسط»، كل هذا ونحن نيام!!!

تشجيع البحث العلمى باللغة العربية، وتوجيه أجهزة الإعلام، المرئية والمسموعة والمقروءة، توجيها يحمى اللغة وينميها، ويصحح الصورة الكاريكاتورية التى جسمتها صورة «الأستاذ حمام» وتغييرها، وذلك برفع شأن معلم اللغة العربية والمتخصص فيها.

استثمار نهضة الفنون الأدبية الحديثة وتنوع صور عرضها على الجمهور، باعتبارها ناطقة باللغة العربية، وقريبة من تلقى الجماهير فى الإذاعتين: المسموعة والمرئية، وفى السينما والمسرح، ولا شك أن تلك النافذة أداة مهمة لنشر الذوق الأدبى واللغوى وتقويمه وتهذيبه. 

عدم عزل درس النحو عن دروس: الأدب والنصوص، والقراءة، والتعبير، والبلاغة، تلك التى يشكل النحو جزءاً منها، واستغلال عرض الجمال الفنى فى تلك النصوص، وتلك الدروس ببسط القاعدة - التى هى فرع المعنى - دون عزل أو فصل بينها وبين النص ذاته، وذلك دفعا للجمود الذى يعانى منه الدارسون فى مجال النحو حين يتجرعونه معزولا دون تذوق أو استساغة، واستثمار دور اللغة العربية فى مجال الكومبيوتر: من الحفظ والاسترجاع والتوثيق والمسح الضوئى، والشبكات الدلالية.... إلخ ما أسهم به المتخصصون فى هذا المجال، وهو مجال ثرى كفيل أن يمنح الدرس اللغوى إمكانات هائلة غير مسبوقة، وتطوير طرق تدريس اللغة العربية، والتنبه للارتباط القوى بين اللغة العربية ومستحدثات مجتمع العولمة. 

عضو المجْمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس.