رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ومنذ أن انتهت سلطة البشير بعزله عن الحكم، إلا أنه خلف وراءه مآسى ونكبات كان ضحيتها سودانًا موحدًا، إلى انفصال شماله عن جنوبه وتقطيع أوصاله كما ذكرنا آنفًا فى المقال السابق، وترك شعبه بلا رفاهية أو تقدم أو أى إصلاحات اقتصادية واجتماعية، بل عمل على خلق روح العداوة مع مصر وعمل على إضعاف الروابط التاريخية التى كانت تربط وحدة وادى النيل «مصر والسودان»، ومع ذلك لم يكن كافيًا عليه أن يقطع أواصر الاتصال والثقة بوحدة الشعبين،  بل أراد أن يهدم السودان وجعل أرضه خصبة ومباحة للتنظيمات والجماعات ذات التصنيف الإرهابى وأخطرها تنظيم القاعدة، وقد بلغ هذا الحال منتهاه بأن احتضن قادتهم ووفر لهم الملاذ الآمن ومنهم مصريو الجنسية، ومما زاد الأمور تعقيدًا بأن خرج من بين صفوفهم المتهمون بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك،  أثناء زيارته إلى العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا» لحضور مؤتمر القمة الإفريقية، وكان ذلك بتاريخ 26 من يونيو عام 1995م، وهذا العمل الخسيس كان العامل الأكبر فى احداث شرخ عميق لجدار الثقة بين شعب مصر والسودان،  ولم يقتصر على هذا فحسب  حتى أفضى  إلى خروج مصر من ريادة إفريقيا، وانعدام النظر عن امتداد أمنها القومى فى مياه نهر النيل، والذى يعتبر بدايته تبدأ من عند أول منبع لنقطة مياه تأتى إلينا من بحيرة فيكتوريا، والذى يخرج منها متجها إلى الشمال مارًا بمصب بحيرات ونهر، متجها إلى الشمال أيضا بسيره الربانى مارًا بدول  المصب السودان ومصر،  وبعد ذلك يصبح مستقبل مصالح العلاقات المصرية الإفريقية أكثر عرضة للمخاطر، بعد أن طاشت فيها سهام العداء المسمومة، وقد زادت الشحناء بين القاهرة والخرطوم بطريق الحرب الإعلامية بين البلدين، وكأنَّ مؤامرة أديس أبابا ليس المراد منها اغتيال مبارك، ولكن  هو تحقيق أهداف شيطانية خبيثة، ألا وهى استئصال جذور مصر التاريخية مع إثيوبيا وتدمير علاقاتها مع الشعوب الإفريقية.

وقد اتبع البشير خطة العداء لمصر وضياع مستقبل السودان، من أجل تحقيق الأفكار الشيطانية للمخطط الغربى فى انتزاع  ما تبقى من وحدته، والعمل على اتساع دائرة المعارك بالاستعانة بعناصر من قوات «الجنجويد»، لكبح جماح حالة التمرد التى وقعت فى دارفور، خلال الفترة بين عامى 2003م إلى 2005م، وإن كانت مآربه الشيطانية فى أن يتخلص من أعدائه فى دارفور بأن استخدم قوات مرتزقة لمحاربة شعبه، إلا أن نيته وسوء مقصده، كان يريد أن تكون هذه العناصر من الميليشيات قوة ردع تحميه وتتصدى ضد أى خطر قد يتعرض له،  يهدد نظام حكمه سواءً كان بطريق ثورة شعبية، أو تمرد مسلح أو انقلاب عسكرى يطيح به فى أى وقت.

لقد أخطأ البشير عندما استقوى بجماعة غير نظامية وغير شرعية، وجعلها ندًا قويا لمؤسسات الدولة الأمنية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية للسودان، مثلما أخطأ خطيئته الكبرى فى تفريطه وتقويضه لوحدة السودان، لقد أصبغ البشير الصبغة الشرعية على ميليشيات مسلحة مرتزقة بقيادة تاجر الإبل محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتى»، وبعد أن أضفى عليها الشرعية الدستورية، أعطى لها سلطة القوة والتحكم فى فرض سياسة التنفيذ والإجبار، بأن دمجها وأدخلها فى تعداد قوات الجيش السودانى النظامى، وتغيير المسمى لها إلى «قوات الدعم السريع»، ويا لها من نكبات عندما يتمرد رأس الدولة على مؤسساته الشرعية، بقوة خارجية غير شرعية وخارج مؤسسات الدولة الدستورية، ويجعلها دخيلة عليها لحمايته فى تثبيت دعائم أركان حكمه والاستقواء بها ضد أى تآمر يقع ضده، ولكن لقد خانه التفكير الذى نبت فى رأسه عندما تنبأ على ضمان حماية مستقبله السياسى، فى ظل وجود هذه القوات التى زرعها فى جسد الأمة السودانية، بل فشلت كل التوقعات والتنبؤات بعد أن تغيرت الظروف السياسية والاجتماعية فى السودان، بل كان «حميدتى» أول من أطاح بالبشير وخلعه عن الحكم، عندما انضم إلى صفوف الجيش لحماية الثورة، وأصبح نائبًا للمجلس العسكرى الحاكم فى مرحلة الانتقال ورقى إلى رتبة فريق أول، على العلم لم يلتحق بأى مؤسسة عسكرية  بل فشل فى دراسته ولم  يحصل على أى شهادة من التعليم الأساسى، ثم  النائب الأول لرئيس المجلس السيادى تحت رئاسة الفريق الركن عبدالفتاح البرهان وللحديث بقية.