رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

استشهاد 4 الاف طفل فى العدوان الإسرائيلى على غزة

من محمد الدرة إلى يوسف «الحلو أبو شعر كيرلى»: أطفال فلسطين.. ضحايا وأبطال

بوابة الوفد الإلكترونية

«الشهيد حبيب الله» لعبة استمدها الأطفال من الواقع

خبراء: الهجمات زرعت كراهية الصهاينة فى قلوب الصغار

 

من المحن والشدائد يولد الرجال.. كلمات قليلة تصف حال أهل فلسطين البواسل، فهناك أجيال كاملة راحت طفولتها بسبب الحرب وقصف الصهاينة للمنازل وسقوط الشهداء، وأمام كل هذه المناظر الدموية، تخلى الأطفال غصبًا عن طفولتهم وباتوا يدافعون عن أرضهم وقضيتهم ويودعون آباءهم وذويهم ولا يبكون على فراقهم بل فرحين مرددين «شهداء خالدين فى جنة النعيم»، فوسط العدوان الإسرائيلى الغاشم على سكان غزة العزل سقط أكثر من 3900 طفل شهيد منهم 2000 تلميذ وأكثر من 70 شهيدًا من الكوادر التعليمية وفقًا لتصريحات المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.

فجميع المشاهد التى تم بثها من غزة طوال الأيام الماضية تؤكد أن أطفال غزة عاشوا حياة صعبة منذ بداية حرب الإبادة الشرسة التى يشنها جيش الاحتلال على الأراضى المحتلة، حتى ابتكروا ألعابا تتماشى مع طبيعة حياتهم والقصف المستمر لمنازلهم وأراضيهم، وسط صمت رهيب من العالم والمجتمع الدولى الذى يدافع عن حقوق الإنسان، حيث التخاذل والعار الذى سيظل يلاحق الدول الداعمة لإسرائيل التى خرقت كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى نصت على منع قتل المدنيين والأطفال والنساء وقت الحرب ولكن الدول العظمى صمت آذانها عن جرائم الصهاينة.

عائلات وأسر كاملة فقدت أغلى ما تملك فى الحرب، حيث أبادت أسلحة الصهاينة أسرا كاملة، ضاربين بالقوانين الدولية عرض الحائط، وكان من بين الأسر التى حزنت على توديع شهداء جدد من سلالتها، أسرة أيقونة المقاومة الفلسطينية الطفل «محمد الدرة» الذى اغتالته رصاصات الصهاينة منذ 23 عامًا وهو يبكى ويحتمى بوالده الأعزل فى مشهد أبكى المسلمين والعرب من كل مكان، حيث ودع جمال الدرة والد الشهيد محمد الدرة، شقيقيه نائل وإياد فى العدوان الأخير على غزة.

وقال جمال: «مر 23 عامًا على استشهاد نجلى وكلما أرى طفلا استشهد أعتبره محمد وأراه فيه، ولم أنسَ صورته يومًا، موضحا أن استهداف الأطفال ليس مجرد صدفة وقعت فى الحرب الأخيرة ولكنه نهج مستمر للصهاينة».

وروى «الدرة» كواليس استشهاد شقيقيه قائلًا: «يوم الجمعة الماضى، وتحديدا خلال صلاة الفجر كنت فى المنزل رفقة زوجتى وأبنائى وأحفادى، وفجأة سمعنا أصوات قصف قوية هزت الأرض، شعرنا وكأن زلزالا يضرب قطاع غزة، تخيلت أن كافة البيوت سوف تدك دفعة واحدة».

وتابع: «حاولنا النزول للطابق الأرضى للهروب من الجحيم الدائر، نزلت بالفعل وفوجئنا بتسونامى من التفجيرات وأشياء تتطاير علينا وعلى أسرتى واعتقدت أن زوجتى وأبنائى وأحفادى استشهدوا فى القصف، ولكننا خرجنا بأعجوبة إلهية».

وواصل: «أخرجت زوجتى وأحفادى من المنزل لمنطقة آمنة بعيدة عن البيت، وعدت ووجدت بيوت جيرانى وأشقائى تم تسويتها بالأرض»، وأضاف، «فى تلك اللحظة تذكرت لحظة استشهاد ابنى، وكان الضحايا فى هذه المرة هم شقيقى نائل وزوجته وشقيقى الآخر إياد وابنته الوحيدة، وأخرجنا من تحت الأنقاض جثة زوجة أخى إياد وثلاثة أطفال كانت أوضاعهم صعبة للغاية».

وقال: «هذه ليست حربا، فالحروب متعارف أنها بين الجنود ولكن ما يحدث فى غزة الآن هو حرب إبادة جماعية لشعب بأكمله، كما أنها ليست حربا إسرائيلية فقط، وإنما كل العالم يحارب فلسطين بموجب قرار اتخذته كل من أمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا».

واختتم «الدرة» حديثه قائلًا: «إن ما يحدث الآن أصعب شيء رأيته عبر التاريخ، فرائحة الدماء تفوح فى كل الشوارع، وأشلاء الأطفال متطايرة فوق المبانى، حتى مستشفى محمد الدرة للأطفال تم استهدافه بالفسفور الأبيض المحرم دوليا».

«هى دى أمي»

«والله هى دى أمى أنا بعرفها من شعرها وما بقدر أعيش من دونها».. كلمات تلفظت بها طفلة صغيرة لم تتجاوز العاشرة من عمرها ظهرت فى مقطع فيديو باكية وهى ترى جثمان والدتها أمام عينيها ولكنها لم تر وجهها وتعرفت عليها من خلال شعرها.

الطفلة دخلت فى نوبة بكاء شديدة، وظلت تردد: «عاوزة أشوفها، أمى وأختى استشهدوا علشان هما كويسين راحوا.. يا ريتك يا رب أخدتنى معها.. أنا ما بقدر أعيش من دون أمي».

وحاول أحد الأشخاص تهدئة الطفلة وهو يقول لها أنهم شهداء، فردت الطفلة قائلة: «بعرف أنهم شهداء.. ومكتفوش موتوا ستى وسيدى وعمتى وأولادها وأمى وأختى، بعرف أنهم شهداء بس أنا مش قادرة أعيش من دونهم».

جرائم جيش الاحتلال وقتل النساء والأطفال العزل وقصف البيوت على سكانها كثيرة، كانت تحدث كل يوم طوال الشهر الماضى على مرأى ومسمع من كل دول العالم المتمدين، ومع ذلك ما زالت أمريكا تساند إسرائيل كاشفة عن وجهها القبيح، وما حدث فى مخيم جباليا خير دليل على ذلك، فقد شاهد العالم كله أبا فلسطينيا ينهار من البكاء، بعدما فقد أطفاله الثلاثة فى القصف المروع الذى شنه جيش الاحتلال على المخيم مرددا: «نفسى ألاقى واحد منهم عايش».

وظهر الأب المكلوم، فى الفيديو الذى تم تداوله على السوشيال ميديا، وهو منهار ويبكى، ويبحث عن أبنائه الثلاثة تحت الأنقاض، على أمل أن يجد أحدهم على قيد الحياة وردد قائلًا: «ولادى ماتوا بدون ما يأكلوا».

وقد أسفرت هذه المجزرة البشعة عن استشهاد وإصابة أكثر من 400 فلسطيني.

انهيار أم يوسف

ظلت أم فلسطينية تبحث عن ابنها صاحب الـ7 سنوات داخل المستشفيات بعدما قصفت قوات الاحتلال منزلهم، وكانت تردد كلمات «يوسف أبيضانى وحلو وشعره كيرلي»، حتى أبصرت الأم ابنها جثة هامدة داخل أحد المستشفيات.

فور رؤية الأم المكلومة جثمان طفلها، ظلت تصرخ ولم تتمالك نفسها وانهارت من البكاء هى وابنها الأصغر وزوجها الذى يعمل طبيبا فى المستشفى.

بينتقموا منا فى أولادنا

فوجئ المراسل الصحفى وائل الدحدوح، أثناء تغطيته لما يحدث داخل قطاع غزة، وبالتحديد قصف إسرائيل لمخيم النصيرات، باستشهاد عدد من أفراد أسرته منهم زوجته وابنه وابنته، ودخل «الدحدوح» فى نوبة بكاء شديدة وردد: «بينتقموا منا فى أولادنا.. معلش، الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون، دموعنا دموع إنسانية وليست دموع جبن وانهيار، فليخسأ جيش الاحتلال».

مذابح يومية

قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إن إسرائيل تقتل 120 طفلًا يوميًا فى قطاع غزة، وذلك جراء القصف المتواصل على القطاع، وحذرت الحركة التى تعد واحدة من أهم المنظمات الحقوقية التى تأسست فى جنيف من حدوث أزمة إنسانية كبيرة لدى أطفال غزة.

وحذرت المنظمة من حدوث أزمة إنسانية كبيرة فى القطاع متوقعة أن يتجاوز عدد الشهداء الفعلى العدد المعلن عنه بكثير مع استمرار القصف الصهيونى لمنازل وأراضى الغزاوية.

وأوضحت أن أعداد الشهداء بمن فيهم الأطفال فى قطاع غزة، غير نهائية، لأنه يوجد نحو 1400 شخص فى عداد المفقودين تحت أنقاض المبانى المدمرة.

وقالت: «الأطفال الناجون حتى الآن من القصف الإسرائيلى المكثف يعانون من أزمة إنسانية كبيرة، ما يؤدى إلى تفاقم الصدمات العصبية والنفسية لديهم، خاصة بسبب ما يعانونه منذ 16 عامًا من الحصار والهجمات العسكرية الإسرائيلية على القطاع».

وتابعت: «الصدمة التى يعانى منها الأطفال الفلسطينيون فى غزة تمتد إلى ما هو أبعد من المعاناة الشخصية، فرؤية مقتل أطفال آخرين تؤدى إلى تفاقم محنتهم، ما يترك ندوبًا لا تُمحَى تؤثر على سلامتهم العقلية».

وحذرت من أن إبادة عائلات بأكملها فى غمضة عين، يؤدى إلى تحطيم أسس هذه الأسر، فالأطفال الذين كانوا يجدون الأمان والراحة فى أحضان عائلاتهم، أصبحوا الآن أيتامًا.

لعبة الشهيد

ورغم كل ما يعانيه أطفال غزة من مشاهد الموت والدمار اليومية، إلا أنهم ضربوا أمثلة رائعة للصبر والصمود، فقد ابتكر هؤلاء الأطفال لعبة جديدة وأطلقوا عليها اسم «لعبة الشهيد»، عبارة عن وضع طفل فى ملاءة وحمله كأنه شهيد وأصحابه وإخوته يطوفون به ويرددون «الشهيد حبيب الله»، العالم بأكمله عرف اللعبة الجديدة من مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعى لأطفال فى سن الزهور وهم يحملون صديقهم الصغير على ملاءة ويرددون «لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله»، المقطع المصور تعاطف معه الملايين، منهم من فرح وأعجب بوحدتهم وتماسكهم وشجاعتهم وعقيدتهم وإنهم لا يهابون الموت، وآخرين بكوا وحزنوا على حالهم وضياع طفولتهم فى الحرب.

كما ظهرت مقاطع فيديو لأطفال آخرين وهم يتحدون جيش الاحتلال، إذ ظهرت فى إحداها طفلة تتحدث إلى جنود إسرائيليين قائلة: «فلسطين هتتحرر فى يوم من الأيام.. نحن ما بنهابكم» بينما ظهرت طفلة أخرى فى مقطع فيديو تنعى والدها قائلة «إنه استشهد وهو كان بيبغى هدا.. هو فى الجنة» وفى مقطع ثالث ظهرت طفلة توجه حديثها لجيش الإحتلال قائلة: «أنتم فئران.. نحن أسود.. نحن الأقوياء.. أنتم دولة إحتلال»

الشهادة وكره الصهاينة

وتعليقا على هذا قال الدكتور محمد عبدالعزيز، الخبير التربوى، إن الحرب على غزة وقصف المنشآت والمنازل، لها تأثير كبير على الأطفال الفلسطينيين، وهذا التأثير سلاح ذو حدين، فعند مشاهدة الانفجارات والقصف الصهيونى، ينتاب الأطفال الخوف مما قد يؤثر على التركيبة النفسية لهم، كما أن الطفل الفلسطينى ينمو على كراهية الصهاينة مما يعزز دافع الانتقام لديهم.

وأكد «عبدالعزيز» أن الحرب على غزة حرب عقائدية قامت بناء على فكر عقائدى، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال يخشى الحرب وجها لوجه قائلًا: «مبيقدرش يواجه لازم يحارب من وراء جدار».

وأضاف، أنه عند تعرضهم لضربات موجهة من قبل المقاومة فإنهم يلجأون لقصف المدنيين وقتل الأطفال والنساء، موضحًا أن 40% من ضحايا الحرب على غزة أطفال.

وواصل «عبدالعزيز» تصريحاته لافتًا إلى أن الصهاينة لديهم عقيدة وهى أن كل ما هو غير صهيونى يجوز قتله، منوهًا إلى أن للصهاينة هدفا خبيثا وهو القضاء على أهل فلسطين بالكامل، حيث إنهم يتبعون سياسة الأرض المحروقة، بمعنى أنهم يقومون بقصف الأراضى وهدم المنازل، حتى إذا تعافى المصابون الفلسطينيون من إصاباتهم وجروحهم لم يجدوا مأوى لهم فيضطروا للهجرة لمكان آخر لتخلو الأرض لهم، وليفرضوا سيطرتهم على كامل الأراضى.

وفى سياق متصل، أكد الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، أن للحرب تأثيرا نفسيا كبيرا على الأطفال ولكنها تزيدهم قوة وكره للعدو الصهيونى، موضحًا أن للصهاينة معتقدات دينية خاطئة حيث يعتقدون أن العرب أعداؤهم وسوف يمحونهم من التاريخ، وبالتالى يقوم جيش الاحتلال بحملات الإبادة للخلاص من الشعب الفلسطينى.

وأضاف «فرويز» أن الحرب لها تأثير كبيرة على الأطفال يختلف طبقًا لعدة معايير، أهمها إذا كان الطفل فقد أحد أبويه فى الحرب، أو جاره أو زميله، وهل شاهد القصف بعينه أم لا، فكل هذا يؤدى إلى انعكاسات على شخصية الأطفال، ويزيدهم كرها للكيان الصهيونى، مشيرا إلى أن الصهاينة تسببوا فى حدوث اضطرابات فى الأكل والنوم والاكتئاب لأهل غزة، حيث إنهم منعوا دخول المساعدات لتجويعهم، بالإضافة إلى أنهم يقومون بالقصف الليلى لإحداث اضطرابات فى نومهم، مشيرًإلى أن كل هذه الأفعال تزيد الأطفال قوة وتقتل عندهم الرغبة فى الحياة وتزيد من رغبة الاستشهاد والانتقام منهم.

السلام حق لكل الأطفال

علقت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، على وفيات وإصابات الأطفال فى المستشفى الأهلى والقصف الوحشى على سكان قطاع غزة، وقالت فى بيان لها: «أشعر بالرعب إزاء التقارير التى تفيد بمقتل وإصابة أطفال ونساء إثر هجوم على المستشفى الأهلى فى قطاع غزة، وبينما لا تزال التفاصيل تتكشف، ولا يزال يجرى إحصاء أعداد القتلى، فإن المشاهد على الأرض مفزعة».

وتابعت: «هذا يؤكد الأثر المميت لاستمرار هذه الحرب على الأطفال وأسرهم، ففى غضون 11 يوما فقط، قتل مئات الأطفال بشكل مأساوي -ولا يشمل هذا العدد وفيات اليوم- كما جُرح آلاف آخرون، وهُجّر أكثر من 300 ألف طفل من منازلهم.

وأضافت: «إن الهجمات على المدنيين والبنى التحتية المدنية كالمستشفيات غير مقبولة ويجب أن تتوقف فورًا»، مؤكدة أن اليونيسف تكرر نداءها العاجل من أجل الوقف الفورى للأعمال العدائية، وضمان حماية الأطفال من الأذى، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأطفال المحتاجين بشكل آمن وسريع، فالسلام حق لكل الأطفال فى كل مكان.