رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بالكلمة والحرف.. سجل أنا عربى

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

سجل برأس الصفحة الأولى 

 أنا لا أكره الناس ولا أسطو على أحد 

 ولكنى إذا ما جعت آكل لحم مغتصبى 

 حذار حذار من جوعى ومن غضبى» 

الصرخة الكبرى فى وجه المحتل، المواجهة الأعتى والأمضى والأطول أثرًا، تلك التى تكون بالقلم، هكذا تكون المقاومة بسلاح الكلمة والحرف.. ويا لها من مقاومة!

ففى طرحه لأدب المقاومة، يقول د. السيد نجم، فى كتابه «أدب المقاومة.. المفاهيم والمعطيات»: «إن أدب المقاومة يصبح أدباً إنسانياً، موضوعه وهدفه الإنسان، يهدف فى الأساس للكشف عن حقيقة جوهر «الوجود» بالمعنى الفلسفى؛ وعليه فإن رصد التاريخ النضالى للإنسان وحده، هو القادر على كشف الحقائق، وبيان حكمة الوجود الإنسانى».

فيما رأى الكاتب الصحفى الراحل صلاح عيسى 

إن أدب المقاومة هو الكتابة الأدبية المعبرة عن الحروب والمعارك ومقاومة العدو، ويعتبر اصطلاح المقاومة هو الأكثر شمولية من أدب الحرب أو أدب المعارك، ويعبر هذا اللون عن القهر والاستبداد الذى تعانيه الشعوب تحت العدوان والاحتلال، ومن ثم ترسيخ فكرة المقاومة للعدو سواء كان شخصًا أو فكرة.

وفى حديثنا عن ذلك النوع من الأدب الأهم، لا يمكننا أن نغفل أن أوَّل من أطلق مصطلح «أدب المقاومة» هو الأديب الفلسطينى غسان كنفانى، حيث اهتم هذا الأدب بالكتابة عن أوضاع فلسطين السياسية تحت الاحتلال، ومازال مفجرًا ومعبرًا عما يجيش بالنفوس المناضلة، فهو من أهم الأسلحة الفتاكة للشعب الفلسطينى، لأنه بمنزلة صوت الشعب الحر حيث تحدَّى أدب المقاومة الاحتلال، وأصبح حلقة الوصل مع باقى شعوب العالم. 

ورغم شهرته فلسطينياً فإن أدب المقاومة قد تخطى حدود فلسطين إلى غيرها، لكننا هنا سنركز طرحنا على النسخة الفلسطينية من ذلك الأدب الأهم، ذلك أن القضية الفلسطينية فى كل مراحلها تعد مصدر إلهام لغالبية الأدباء العرب، فقلما نجد شاعراً أو أديباً عربياً لم تكن فلسطين أحد أضلاع مثلثه الإبداعى، ويمتد «أدب المقاومة» لعقود طويلة من النضال سبقت نكبة 1948، حيث تعددت مسميات أدب المقاومة الفلسطينى ومر بمراحل عدة منها «أدب النكبة» الذى رصد آثار نكبة العرب فى 1948 وما تلاها، وفى مرحلة الستينيات ارتبط أدب المقاومة بشكل كبير بالوضع العالمى المناهض للاستعمار وموجة الاستقلال الوطنى التى شهدها العالم، ثم جاء ما يسمى بأدب الانتفاضة وهو الذى تفاعل وشارك فى الانتفاضة الأولى التى عرفت بانتفاضة «أطفال الحجارة» «1987- 1993» والانتفاضة الفلسطينية الثانية – انتفاضة الأقصى – «2000- 2005». 

ولأن أدب المقاومة يكرس ويوثق لنضال الفرد والجماعات ضد القوى التى تحاول إيذاء الوطن أو سحق شخصيته أو إمحاء هويته، كما يكرّس الذاكرة، كى لا تنسى الشعوب قضاياها أو يطمسها الطغاة والمحتلون، فقد تعرّض الشعب الفلسطينى وما زال لكل ما ذكرنا، كما عانت شعوب أخرى وخاضت مواجهات كبرى ضد الاحتلال، اغتصاب الحقوق، طمس الهويّة، سلب الأراضى، التهجير القسرى، فرض المعتقدات، الإجبار على نمط حياة معين، الاستغلال البدنى والجنسى، التمييز العنصرى.. وأبشعها بالطبع الإبادة الجماعية التى عانت منها شعوب كثيرة على مرّ العصور ويعانيها الشعب الفلسطينى على يد العدو الصهيونى الغاصب.

لذا فقد تمثل دور أدب المقاومة فى الذود عن الأوطان، استنفار الهمم واستنهاضها لردع المعتدين، كشف مساوئهم وخستهم مقابل استبسال المواطنين فى الدفاع عن أرضهم وقضاياهم الوطنية.

<< أدب المقاومة الفلسطينى 

وقد اختلفت مسميات هذا النوع الأدبى عبر مراحله التاريخية: أدب النكبة – أدب المقاومة الفلسطينية لعرب 48- أدب المنافى – أدب الانتفاضة.. إلخ. وأدب المقاومة الفلسطينية كان يعنى منذ عقد الستينيات، عندما اكتشف رجاء النقاش محمود درويش وقدمه للقارئ العربى، وبعد أن كتب عنه غسان كنفانى (كتابه: الأدب الفلسطينى المقاوم تحت الاحتلال: 1948- 1968)، كان يعنى الأدب الذى قدمه أدباء وشعراء عرب فلسطين المحتلة عام 48 فى ظروف بالغة الصعوبة، فكان كما يقول غسان كنفانى، نموذجاً تاريخياً لثقافة المقاومة، بكل ما فيها من وعى وصمود وصلابة.

كان هناك دائمًا أدب مقاومة ضد الصهاينة وحكومة الانتداب البريطانى منذ نهاية العقد الثانى من القرن العشرين وظل ينمو ويتطور مع اشتداد زيادة حدة الصراع ضد الغزاة الغاصبين، بدءًا من القصيدة الشعبية، كما رصدها نمر سرحان فى موسوعة الفولكلور الفلسطينى عندما تحدث عن الشعر الشعبى الفلسطينى المقاوم والذى كثيراً ما كان يتغنى به الشاعر على الربابة. 

< الشعر المقاوم: 

ظهر فى تلك الفترة العديد من شعراء الثورة (أو المقاومة) أمثال إبراهيم طوقان وعبدالكريم الكرمى (أبوسلمى) وإبراهيم الدباغ وخليل السكاكينى ومحمد إسعاف النشاشيبى وخليل بيدس، وعبدالرحيم محمود، الذى اشتهر بقصيدته «الشهيد».

وقد اتسم أدب المقاومة لعرب 48 بالعديد من السمات من حيث الخصائص الإبداعية ونبرة التحدى للمحتل والتمسك بالهوية الفلسطينية والالتصاق بالأرض، وهو ما تمثل بشكل خاص بشعر محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وروايات إميل حبيبى التى استخدم فيها أسلوبه الساخر سلاحًا ضد المحتل.

وبالتوازى كان هناك أدب فلسطينى مقاوم – بكل أنواعه من شعر ورواية ومسرحية وقصة وأقصوصة- فى غزة والضفة والخارج والذى امتدت دوائره ليشمل دولًا أوروبية (يوسف شرورو فى بريطانيا وأفنان القاسم فى فرنسا مثالًا).

وقد كان هناك دائمًا أدباء وشعراء فى الدائرة الفلسطينية والعربية أمثال الأخوين على وهاشم رشيد، ومحمود سليم الحوت، وسعيد العيسى ومعين بسيسو، وغسان كنفانى، الذى يعتبر ظاهرة جديدة فى فن الرواية العربية، وجبرا إبراهيم جبرا الأديب والمثقف الشمولى، ويحيى يخلف ومحمود الريماوى وعلى فودة وغالب هلسا ورشاد أبوشاور وصالح أبوأصبع وتوفيق المبيض ويحيى رباح وغيرهم.

ولأن الشعر كان الأهم من حيث التأثير المباشر فقد حقق الشعراء انتشاراً واسعاً بين صفوف المقاومة وترددت قصائدهم بين المواطنين لتمثل أحد عوامل القوة والدعم للمقاومة، بينما كان دور الرواية الفلسطينية أهم من حيث توثيق معاناة الشعب الفلسطينى ورصد مراحل تطور القضية الفلسطينية. 

ومن شعراء الأرض المحتلة: «عز الدين المناصرة ومعين بسيسو، محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد». 

ومع تأسيس منظمة التحرير الفلطسينية 1964 احتضنت عدداً كبيراً من الشعراء وقدمتهم للعالم وتحول بعضهم إلى رموز للشعر العربى بشكل عام وليس شعر المقاومة الفلسطينية فقط.

وحظى محمود درويش بمكانة خاصة بين شعراء فلسطين، وصار أكثر شعراء العرب تأثيراً وحضوراً خاصة بعد قصيدته «سجل أنا عربى». 

كما قدم سميح القاسم لقضية وطنه كل إنتاجه الأدبى تقريباً ودفع ثمن تمسكه بالأرض وتحريضه المستمر على المقاومة سنوات من السجن خلف قضبان الصهاينة.

«كل سماء فوقكم جهنم/ وكل أرض تحتكم جهنم/ تقدموا/ يموت منا الطفل والشيخ/ ولا يستسلم/ وتسقط الأم على ابنائها القتلى/ ولا تستسلم». 

<< المقاومة فى الرواية:

زخر الأدب الفلسطينى بعشرات الأعمال الروائية التى تكرس لمقاومة الشعب ضد الاحتلال وترصد معاناة الشتات، وصدرت أول رواية فلسطينية بعد النكبة عام 1955 وهى رواية «صراخ فى ليل طويل» لجبرا إبراهيم جبرا. وتناولت صدمة المبدع الفلسطينى، وفى الخمسينيات تم نشر روايتىْ «المتسلل» و«بتهون» لـتوفيق معمر.

ومن أبرز تلك الأعمال تأتى رواية «غسان كنفانى» أحد أهم الروائيين العرب والفلسطينيين «رجال فى الشمس» تلك الرواية التى صدرت عام 1963 والتى تعبر بقوة ومرارة عن معاناة الشتات وتمثل واحدة من أروع ما قدم حول الفلسطينيين فى المنفى. 

أدب المقاومة عند غسان كنفانى 

ناقش كنفانى مبكرًا أدبيات المقاومة، وأثرها على القضية الفلسطينية وانعكاسها على الأدب العربى. وحتى رحيله ترك لنا دراسات متعلقة بهذا المضمون أهمها: (أدب المقاومة فى فلسطين المحتلة، 1966)، و(فى الأدب الصهيونى، 1976)، و(الأدب الفلسطينى المقاوم تحت الاحتلال، 1968)، و(المقاومة ومعضلاتها، 1970)، و(ثورة 36-39 فى فلسطين 1972). وفى تناوله لنصوص أدب المقاومة فإنه يعرف شعرها على سبيل المثال بأنه «الرفض، والثورة، واطّراح رواسب العفن الماضى، والطموح إلى عالم أفضل».  (مجلة مواقف، عدد9، ص141).

نشرت مجلة الآداب فى عددها السابع، الصادر فى يوليو 1966 مقالًا لغسان كنفانى بعنوان: (أدب المقاومة فى فلسطين المحتلة)، شدّد فيه على مصطلح المقاومة الأدبية فى مواجهة الاحتلال، إيمانًا بأهمية الكلمة، وقوتها فى مواجهة الغاصب المحتل، وارتباط الكلمة بالأرض. لقد عرض كنفانى نماذج مختلفة من الشعر المقاوم للاحتلال، فتناول الشعر الشعبى وحضوره فى القرى والأعراس والمآتم والمناسبات، وقوته فى إيصال الكلمة والتعبير بها فى وجه السلاح ذلك الوقت، كما أطلق هذا المصطلح فى تبنيه للشعر الفصيح لا سيما عند محمود درويش ورفاقه، الذى كما يرى أنهم بلغوا شأوا فى التخلص من قيود الأغراض التى كانت عليها القصيدة الغزلية فى فلسطين والتى ربما أُريدَ لشعرائها أن يكتبوها فى تلك الفترة لشَغْلهم عن قضيتهم الأولى. 

لقد كان محمود درويش وسميح القاسم وعدد من الشعراء الشعبيين حاضرين فى كتابات كنفانى واستطاع تحليل نصوصهم وربطها بالمقاومة والمنفى والسجن ومقارعة المحتل. يقول مثلاً عن تجربة محمود درويش: «وسنرى فى شعر درويش، الذى قاله فى أواسط الستينات، ذلك المزج العميق، الهادئ، المتدفق بين المرأة والوطن ليجعل منهما معًا قضية الحب الواحدة التى لا تنفصم. إنّ ظواهر من هذا النوع قد شهدها -فى وقت لاحق- أدب المنفى، إلا أنّ أدب المقاومة فى الأرض المحتلة صاغها ببساطة أعمق وأكثر قوة على الإقناع، وأكثر قربًا من المرأة والوطن معًا». (مجلة الآداب، عدد7، ص65).

ويناقش غسان كنفانى فى موضوع آخر بعنوان (الشخصية اليهودية فى الرواية الصهيونية)، نشرته مجلة الآداب فى عددها الثالث، الصادر فى مارس 1963م، حضور شخصية البطل اليهودى فى الرواية الصهيونية محملة بصفات تتميز «بالتفوق الفكرى والخلقى والبدنى» لهذا البطل، والذى يأتى تماشيًا مع هدف رئيس مبرّرُهُ إقامة دولة يهودية فى فلسطين، ولكن كنفانى يرى أنّ هذا المبرّرَ «ناقص»، ويطرح سؤاله: «إذا كان التفوق اليهودى هو مبرّر البطل الروائى الصهيونى فى إنشاء دولة يستحقها وتستحقه فما مبرراته «لاقتلاع» شعب آخر فى سبيل السيطرة على مكانه؟». 

< رواية «رجال فى الشمس»:

تقوم رواية «رجال فى الشمس» لغسان كنفانى، على المقاومة التى تهدف إلى الصراع الطويل مع الآخر المحتل، ومن خلالها يحاول كنفانى فى كتابته الروائية أن يصنع من المقاومة بُعدًا مختلفًا عن المقاومة المباشرة مع المحتل، إنه يصنع من القضية الرئيسية قضية أخرى قائمة على التهجير والنزوح بحثاً عن الرزق، لذا تطرح الرواية قضية أربع شخصيات مختلفة فى طبائعها وسماتها الداخلية، تجرى خلف هدف واحد وهو الوصول إلى بلاد أخرى للحصول على فرصة للحياة، ومعها يقوم الراوى بعرض نفسيات كل شخصية، ومأزقها الحى، وصراعها الداخلى، وقضيتها الأولى التى تسبب بها الكيان الغاصب لأرضها.

يتحدث غسان كنفانى عن روايته (رجال فى الشمس: 1963) قائلاً: «فى رجال فى الشمس دعوتُ بصوتٍ شديدِ العلوِّ إلى المقاومة والعنف». (مجلة مواقف، عدد9، ص142). 

< رواية (عائد إلى حيفا: 1969):

هنا يُقدّم غسان كنفانى المقاومة فكرًا وإبداعًا، إذ تقوم الرواية بالنبش فى الماضى والصراع مع الآخر، وغربته المكانية، أراد غسان كنفانى من العودة إلى حيفا البحث عن فتيل الأحداث وإشعال جذوته. 

<< المقاومة عند إميل حبيبى: 

وتعد «الوقائع الغريبة فى اختفاء سعيد أبى الحسن – المتشائل» للكاتب إميل حبيبى، من أهم روايات المقاومة، ويتناول خلالها الفلسطينيين داخل أراضى الاحتلال فى فترة الحكم العسكرى الذى فرضته إسرائيل على العرب مستخدما منهج الكوميديا السوداء. ولعل فى اسم الرواية التى جمع فيها كلمتى المتشائم والمتفاعل فى لفظة واحدة هى «المتشائل» دلالة على تلك الحالة الساخرة والمرتبكة أيضا. 

< مقاومة مريد البرغوثى:

وترصد رواية الكاتب والمفكر مريد البرغوثى «طال الشتات» أيضا مرارة وقسوة الشتات وتبشر بالعودة إلى الوطن مؤكدة «قل إننى سأموت دون مداخل الوطن الذى تعطى الحجارةَ والصغارَ مشاتلُهْ» 

ومن أبرز التجارب فى الرواية الفلسطينية التى رصدت مآسى وقسوة الإحتلال تجارب كتابة السيرة الذاتية التى كان لعودة منظمة التحرير وكوادرها أثر بالغ فى ظهورها ومن أهمها «رحلة جبلية رحلة صعبة» لـ فدوى طوقان.. كما كتب كثير من رجال المنظمة تجارب عودتهم من خلال سيرهم الذاتية، وكان فيها الكثير من التجارب المرة مثل «رشاد أبوشاور»، «رائحة التمر حنة» و«الرب لم يسترح فى اليوم السابع»، وفيصل حورانى «دروب فى المنفى»، ويحيى يخلف «بحيرة وراء الريح» وغيرها.

كما تمتلئ الساحة الفلسطينية خاصة خلال النصف الثانى من القرن العشرين بعشرات الكتاب الذين اتخذوا من أدب المقاومة نوعاً مؤثراً من المواجهات.

<< مقاومة ناجى العلى: 

شهد «العلى» المولود فى عام 1938 فى قرية الشجرة فى فلسطين، النكبة التى هجّرت ثلاثة أرباع الشعب الفلسطينى وحوّلتهم إلى لاجئين فى دول الجوار على يد العصابات الصهيونية.

وكان قدر العلى وأسرته أن يستقروا كلاجئين فى مخيم عين الحلوة فى لبنان، ذلك المخيم الذى أصبح بخيامه ومعاناة سكانه رمزاً لمأساة شعب. 

جعل العلى من هذه القضية مادة لرسومه التى بدأ يبدعها منذ سن مبكرة، على جدران المخيم أولاً ثم فى مسابقات فنية كانت تقام فى أروقته، ولاقت إحداها والتى عنونها بـ«البركان» ومثلت يد اللاجئ الغاضب تخرج من خيمته على شكل فوهة بركان ثائر، لاقت استحسان الكاتب الفلسطينى الشهيد غسان كنفانى فنشرها فى مجلة «الحرية» مقدماً العلى للإعلام لأول مرة. 

ومع انتقاله للعمل فى الكويت فى الستينيات، استمرت مسيرة العلى فى نقد الأوضاع العربية، فكانت رسومه على صفحات صحيفتى الطليعة والقبس تحمل انتقادات لاذعة لما رآه سلبيات المجتمعات العربية النفطية.

إلا أن العلى كان يدرك أيضاً أن أيقونته الكاريكاتورية «حنظلة» التى ابتدعها عقب نكسة ٦٧ ستستمر بعد موته، مجسّدة جملة القيم التى آمن بها ودافع عنها وقتل من أجلها. 

كان حنظلة حاضراً فى الانتفاضتين الأولى والثانية، فى رسوم الأطفال وعلى قمصان الشبان وكحلى تتزين بها الفتيات، مؤكداً أن الرمز لا يموت، وإن رحل مبدعه عن هذا العالم. 

<< المرأة مقاومة

شاركت المرأة الفلسطينية الرجل على الساحة الأدبية، كما على الساحة النضالية فى حمل رسالة المقاومة ضد المحتل رواية وقصيدة ونصًا، فكانت فى كافة تلك الصور بطلة ومبدعة وأيضًا شهيدة، فها هى فاطمة خليل غزال، التى استشهدت فى ثورة 36 والشهيدة شادية أبوغزالة، التى كانت تردد دائمًا، «أنا إن سقطت فخذ مكانى يا رفيقى فى الكفاح» وليلى خالد، ودلال المغربى وآيات الأخرس، وأسمى طوبى التى تعتبر من أوائل كاتبات المسرح فى فلسطين، والتى قدمت لنا أول إنتاجها (على مذبح القضية) الذى طبع فى فلسطين عام 46، وفدوى طوقان وهيام الدردنجى وسحر خليفة وسلمى الخضرا الجيوسى وسلوى البنا ومى صايغ وليانا بدر وفدوى فؤاد عباس وليلى الأطرش وسميرة عزام، التى كانت قاصة وشاعرة فى آن وغيرهن، واللاتى اشتركن معًا – كما يقول الدكتور مصطفى عبدالغنى فى كتابه (المقاومة والمنفى فى الرواية الفلسطينية) فى التعبير عن قضية المرأة وارتباطها بالوطن ومعاناته. 

هكذا يبقى أدب المقاومة صرخة فى وجه الغاصب المحتل، أشد وأنكى من فعل الصواريخ والقنابل، 

نعم، سيبقى حتى يرحل المحتل أو يفنى فى الأرض المحتلة.