رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بروفيل|عبدالرحيم حمزة.. العيون التي نقلت إلى العالم جماليات الصعيد

الفنان الراحل عبد
الفنان الراحل عبد الرحيم حمزة

الحقيقة عند «عبدالرحيم حمزة» هي من ضرورات الحياة تمامًا مثل الهواء الذي يستنشقه في رحاب سيدي عبد الرحيم القناوى والماء الذي يشربه من أسبلة الشيخ القرشي. 

 كان ذلك العبقري، يطلعنا كل يوم على حقيقة جديدة في محيطنا هي موجودة منذ زمن ولكننا لا نستطيع رؤيتها فالعين التي تلتقط أطراف الحقيقة ليست عين عادية أنها مختارة فيها هبة ربانية وربما مسحة صوفية. 

 عين  «عبد الرحيم حمزة» التي تعرضت فى سنوات عمره الأخيرة، لانتكاسه بسبب خطأ طبي، كانت ثروة لا تقدر بمال تلك العين اكتشفت على مدار 53 عامًا حقيقة الصعيد وبلدانه وظواهره اليومية بالفوتوغرافيا ذلك الفن الذي يحيلنا دائما للدهشة والاستغراق في جمالياته. 

بدأ فنان التصوير الفوتغرافى البارع رحلته في البحث عن الحقيقة والجمال في الصعيد في خمسينيات القرن الماضي وجد الشمس تنظر إليه فخاطبها وأقام حوارًا معها بأول آلة تصوير قبضت عليها يديه المرهفتين؛ ومنذ تلك اللحظة لم تفارق الكاميرا  «حمزة» وخطى إلى كل جنبات الصعيد قراه ونجوعه وكفوره يمشى وعلى كتفه آلة التصوير وعقله وعينيه منسلختان عن جسده مثله مثل ذلك المجذوب الذي كرس حياته ليُعيد طلاء أضرحة الأولياء. 

عين «حمزة» التي هامت لسنوات في بلاد الله كشفت لنا عن حقيقة الصعيد وجماله وهدوءه وخصال أهله الطيبين فمن خلال لقطاته وتوثيقه للحرف اليدوية مثل الفخار والفركة النقادية وجريد النخيل وتراث الصعيد أفراحه وموالده وأحزانه أنتج ذلك الفنان الذي يتملكه صوت شاعر يرتجل  ثروة إنسانية تشخص عذوبة الصعيد وخصوصيته وأمكنة  التي تحتفظ بالاصالة وعبق التاريخ بحرفية فطرية. 

 وتلك الحرفية هي التي دعت الفرنسي «جان روش» رئيس قسم التصوير بجامعة السوربون الفرنسية وعميد سينما الحقيقة بفرنسا أن يدعو «حمزة» إلى فرنسا للدراسة في السوربون. 

وهناك أبهر عبدالرحيم حمزة الفرنسيين بطلاسمه وبعالمه الخاص ولقطاته الإنسانية وهو لا يخفى أنه حقق انتصارا على آلة التصوير هناك. 

يقول فى مقابلة سابقة مع «الوفد» قبل رحيله،  تعلمت من جان روش كيف اجعل الكاميرا أداة طيعة في يدي تنتظر أوامرى ولا ترى إلا بعيني ولا تتغذى إلا بإشعاعات عقلي بعد ذلك يمكنك أن تامنها وتفضي لها بأسرارك وتصبح كالصديق الأمين!. 

تأثر  عبدالرحيم حمزة، كثيرا بالمهندس المصري حسن فتحي مبتكر عمارة الفقراء والمهمشين في مصر حيث إلتقيا في فرنسا فقد كان المهندس المصري دائما البحث والاكتشاف للعبقرية الفطرية عند البناءين المصريين حتى أنه أطلق اسم أحد عماله على قاعة باريسية بعد أن اهتدى لبناء قبة بلا أساسات خشبية. 

 الصورة تألقت بعد العودة من فرنسا وبعد تأثيرات حسن فتحي وجان روش هناك في بلاد حمزة وليس في القاهرة التي تنقض الوضوء وتخون المبادى !  تلك المدينة التي يراها حمزة غير طاهرة لأنها انسلخت عن مبادئها ويخون فيها الأصدقاء بعضهم البعض كل لحظة وهو يتذكر شكاية الأديب يحيى الطاهر عبد الله له وللشاعر عبد الرحيم منصور من ذلك.

 عاد حمزة مسرعا إلى الصعيد من فرنسا ليلتقط أطراف الحقيقة والجمال من جديد، الجمال الذي يكمن عند عبد الرحيم حمزة، في أنثى تنكب على تشطيب الفخار وهى تمد ساقيها لتنجب كائنا جديدا من الطين ؛ الصورة الفتوتغرافية عند الرجل كانت مثل روحه تماما لذلك فهو لا يطيق العيش بدونها حتى عندما كان يغسل كليتيه بمستشفى الهلال الأحمر يدهشنا بعشقه لفنه وبإرادته فليس من الغريب أن المستشفى تحولت يوما إلى معرض فني. 

 فأثناء احتجازه للعلاج اقترح أن يقيم معرضا لصوره وقبلت إدارة المستشفى ونسى حمزة مرضه ليستقبل زوار معرضه ويطلعهم على لقطاته ؛ وكأنه يجعل من صوره العبقرية هي الدواء لمرضه اللعين الذي جعل جسده الفارع يتآكل. 

 عبد الرحيم حمزة فنان الفوتوغرافيا العبقري الذي اطلعنا على الصعيد بموهبته المتفجرة و أقيمت له معارض بإيطاليا والولايات المتحدة والعراق والأردن فضلا عن معارض بغالبية بيوت الثقافة في مصر وثلاثة أفلام تسجيلية قصيرة هي الناس والطين والفركة وجريد النخيل ووصل للعالمية بحصوله على عدة جوائز لم يغادر قنا رفض الانضمام للمهرولين للعاصمة ولم يتاجر بفنه ظل كما عرفته قنا الفنان المولود من رحم الحزن المصري صاحب عدسة الحقيقة والجمال والشاعر المرتجل والمخرج والممثل المسرحي الموهوب؛ كان الرجل قيمة لا ترى غير الجمال والحقيقة في عالم يسوده القبح والزيف.       

توفي عبدالرحيم حمزة فى سنة 2009 بعد رحلة نجاح فى فن الفوتغرافيا  لم يسبقه أحد إليها، فقد حصل عن المركز الأول عن  معرض الناس والسوق فى إيطاليا، والمركز الأول عن معرض ذكريات شاب عمره 5 آلاف عام فى فرنسا، والمركز الثاني عن معرض القاهرة فى عيون العالم فى ألمانيا.