رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الاجتياح البرى لقطاع «غزة».. «فخ» للكيان الصهيونى

السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق لـ«الوفد»: مصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية

بوابة الوفد الإلكترونية

سيناء خط أحمر.. ومصر قادرة على حماية نفسها ومقدراتها

التصعيد العسكرى ضد المدنيين.. جرائم حرب ضد الإنسانية

دولة الاحتلال تضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط بسبب دعم الدول الكبرى

30 يونية خلصت الوطن من عبء الجماعات المتأسلمة

«سد النهضة»نقطة فاصلة.. وأثيوبيا ابتعدت عن الأطر الحديثة فى العلاقات الدولية

 

السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق شخصية دبلوماسية مرموقة ومحلل سياسى من طراز فريد. ولد «العرابي» فى 26 يناير 1951 وشغل العديد من المناصب الدبلوماسية الرفيعة، فقد عمل سفيرًا لمصر فى ألمانيا، كما شغل منصب سفير مصر فى كل من الكويت ولندن وواشنطن وتل أبيب، ومنصب مساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية قبل بلوغه سن التقاعد فى مارس 2011.

تولى السفير «العرابي» منصب وزير الخارجية فى 6 يونية 2011وقدم استقالته مساء السبت 16 يوليو رفعًا للحرج عن رئيس الوزراء آنذاك، عصام شرف أثناء مشاوراته لتشكيل وزارة جديدة، وعقب خروجه من وزارة الخارجية انضم «العرابي» لحزب المؤتمر الذى كان يرأسه وقتئذ عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، وتولى «العرابي» رئاسة الحزب خلفًا له حتى تقدم باستقالته من رئاسة الحزب فى 31مايو 2014.

«الوفد» التقت الدبلوماسى الكبير السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق فى ظل الأحداث الجارية الآن على الساحة الدولية والإقليمية والعالمية، حيث أكد خلال الحوار أن العالم العربى يعيش فترة اضطرابات وعدم استقرار نتيجة ثورات الربيع العربى، إلا أن مصر استطاعت التخلص من شرك الجماعات المتأسلمة، مشيرًا إلى أن أى شئ يحدث فى مصر يتأثر به الخليج العربى والمنطقة بالكامل، فمصر رمانة الميزان فى الشرق الأوسط، وإن الإقليم العربى كله يدرك ذلك تمامًا، وعن القضية الفلسطينية حديث الساعة أكد وزير الخارجية الأسبق أن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية، وأن الدولة المصرية وضعت محددات قوية للوضع الحالى والمستقبلى لفلسطين، مؤكدًا أن مصر بجهودها الدبلوماسية تستطيع أن تحشد قدرًا كبيرًا من الضغط على إسرائيل، التى لم تأبه بكافة قرارات الأمم المتحدة ولم تحاول مراعاتها أو تنفيذها، وتعتبر نفسها فوق القوانين الدولية بسبب دعم الدول الكبرى لها، وهو ما يشعل مشاعر الغضب فى المجتمع العربى والشعور بالكيل بمكيالين، لأنها دولة تمارس سطوتها وقهرها للشعب الفلسطينى ولم تنل أى إدانة دولية. فإلى نص الحوار..

< بداية.. كيف ترصد حالة العالم العربى الآن.. ومن المسئول عن الوضع الراهن وهل يمكن إلقاء اللوم على ثورات الربيع العربى فى التسبب فى الحال الذى وصل له؟

<< هذا سؤال مهم جدًا ويحتاج إلى بعض التفكير، فمن المؤكد أن ثورات الربيع العربى أثرت علينا من ناحية النمو الاقتصادى أيضًا، ومن ناحية قضية فلسطين التى تراجع الاهتمام بها تمامًا، ونستطيع القول إنه كانت توجد حالة من الإحساس بأن العمل المشترك لم يعد ضروريًا، ولم يعد له الأولوية الأولى فى العالم العربى، وبالتالى حدث نوع من الإحساس أنَّ كل دولة أصبحت تنظر إلى كيانها الخاص بها بشكل مستقل عن العمل العربى المشترك، وهذا فى حد ذاته أثر تأثيرًا سلبيًا على العمل العربى بوجه عام، فهذه المدخلات الجديدة جاءت نتيجة ثورات الربيع العربى، فالعالم العربى عاش حالة من عدم الاستقرار فى دول كثيرة الآن وحالة استمرار القضايا المزمنة التى بدأت فى 2011 وحتى الآن لا زلنا نجاهد لحل هذه القضايا، بل على العكس ظهرت قضايا جديدة مثل أزمة السودان.. إذن من المؤكد أن هذه الفترة –فى رأيى– أنها كانت فترة اضطراب وعدم استقرار، فترة تراجع فى النمو الاقتصادى، وكل هذا كان أحد أسباب الوضع الحالى الذى نعيش فيه الآن للأسف.

< فى رأيك كيف نجحت ثورة (٣٠) يونيه فى استعادة التوازن بالمنطقة فى ظل ما شهدته دولها من اضطرابات كان سببها الربيع العربى؟

<< هذا ليس كلام المصريين فقط، فهذا كلام الدول العربية أيضًا، فأى شىء يحدث فى الخليج يكون متأثرًا بالأوضاع فى مصر، وبالتالى على سبيل المثال فإن فترة صعود الإخوان فى المشهد السياسى كانت فترة قلق كبيرة جدًا بالنسبة للعالم العربى، وبالذات منطقة الخليج، وقد شاهدت ذلك وسمعته بنفسى، فمن المؤكد أنَّ (٣٠) يونيه صنعت نوعًا من الانفراجة فى الحالة النفسية للدول العربية، لأننا تخلصنا من عبء الجماعات المتأسلمة، ونستطيع العودة مرة أخرى إلى طبيعة العالم العربى، وبالتالى (٣٠) يونية كان لها تأثير كبير جدًا على الإقليم العربى، وأعتقد أنَّ الإقليم يدرك هذا تمامًا ولكن لازالت فكرة أن كل دولة تحاول أن ترى مصالحها وتكون إطارًا استراتيجيًا لها طاغية على السلوك العربى فى المرحلة الحالية، بالتوازى مع إطالة واستمرار أمد الأزمات، فى سوريا، واليمن، وليبيا، ودخلنا أيضًا فى السودان، وبعض الاضطرابات فى بعض الدول العربية الأخرى سواء كانت دولاً هشة أو غيرها، وبالتالى فإننى أرى أن الحالة العامة فى العالم العربى غير مطمئنة على الإطلاق.

< عقب ثورة (٣٠) يونيه كانت العلاقات المصرية–الأمريكية على درجة كبيرة من التوتر تحت ذريعة أن ما حدث فى مصر انقلاب فهل ترى أن هذه العلاقة عادت إلى طبيعتها فى الوقت الراهن؟

<< هناك سمة أساسية فى العلاقة المصرية–الأمريكية وهى الصعود والهبوط من حين إلى آخر، فهناك سنوات كانت العلاقة فيها تسير بشكل تصاعدى، وهناك سنوات تكون بها حالة من الركود، وأخرى تكون بها حالة من الهبوط، وهذه طبيعة العلاقة بين دول كبرى فى العالم ودولة إقليمية كبرى فى الإقليم، وهذا شىء طبيعى، ولكن ما أستطيع تأكيده أنَّ هناك حاجة استراتيجية دائمة من قبل الولايات المتحدة إلى مصر، وأنَّ مصر تكون دولة مستقرة، فقد كان هناك وهم ساذج فى فترة من الفترات أنَّ هذا الاستقرار لن يأتى إلا عن طريق إيصال الجماعات الإسلامية إلى الحكم، وأنَّ هذا من الممكن أن يضمن الاستقرار، وفى ذكرى 11 سبتمبر بدأت المفاهيم الخاصة بحاجة الإقليم إلى الإسلام السياسى، وهذا ما دفعهم لمساعدة الإسلام السياسى للوصول إلى الحكم، لكنهم اكتشفوا الآن أنَّ الإقليم لا يحتاج إليهم أبدًا، وأنَّ (11) سبتمبر كانت عملية لها أبعاد بعيدة تمامًا عن الإقليم، خاصة بجماعات إرهابية مختلفة، وأنَّ الإقليم يرفض تمامًا فكرة أن يكون خاضعًا للإسلام السياسى، ليس فى مصر فقط، بل فى تونس والمغرب وفى غيرها من البلدان والأردن، وبالتالى أن التقييم الأمريكى للإقليم دائمًا تقييم بعيد تمامًا عن الواقع الخاص بالإقليم ويعتمدون على بعض الأوهام الساذجة فى التحليل أكثر من أن يلمس الواقع فى الإقليم، وأعتقد أنهم الآن لديهم إدراك بأنَّ أوهامهم الأخيرة لم تكن واقعية ولم تخدم الاستراتيجية الأمريكية، وبالتالى هناك رجوع إلى فكرة الدول المركزية، الدول القوية، فلدينا الآن مناورات النجم الساطع فى مصر، وهذا فى حد ذاته إدراك كبير جدًا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بالقيمة الاستراتيجية لهذه الدولة، فالولايات المتحدة لا تستطيع العيش دون قناة السويس على سبيل المثال، فاستقرار مصر ميزان دقيق جدًا لاستقرار المنطقة، وبالتالى فإنَّ الحفاظ على الاستقرار فى مصر أمر حيوى بالنسبة للولايات المتحدة، ودور مصر فى غزة والسلام الإسرائيلى، كل هذه أدوار تنظر الولايات المتحدة لها بتقدير كبير جدًا، ولا تستطيع الاستغناء عنها تحت أى ظرف من الظروف.

< ما تقييمك لتعامل الدولة المصرية مع ملف القضية الفلسطينية (حديث الساعة) ومحددات الموقف المصرى تجاه التصعيد فى غزة؟

<< مصر وضعت محددات قوية للموقف المصرى للوضع الحالى والمستقبلى، فلم يقف الأمر عند احتواء الأمر أو تخفيضه أو حتى إرسال المساعدات الإنسانية، ولكن الموقف تطور للدعوة إلى مؤتمر دولى وإقليمى للوقوف بجانب قضية فلسطينى، فإسرائيل تعتقد أن العمل العسكرى هو الذى سيحقق لها الأمن والمستقبل، وهو بعيد تمامًا عن أفق سياسى وتطورات الأمور فى العالم، ولذا فإنَّ مصر بجهودها الدبلوماسية تستطيع أن تحشد قدرًا كبيرًا من الضغط على إسرائيل، فما يحدث فى فلسطين يعنى أن هناك معادلة جديدة للصراع الفلسطينى الإسرائيلى ومدخلات جديدة للمقاومة الفلسطينية قد تجعل إسرائيل لا تعيد الحسابات مرة أخرى، وأرى أن السمة الأساسية للعصر الحديث هى أن العمل العسكرى لم يصل بنا إلى نتيجة ولابد من التفاوض، ومصر تملك رصيدًا كبيرًا فى مثل هذه المواقف، فدائمًا ينظر إلى مصر ودورها الكبير فى عمليات التهدئة بين إسرائيل وفلسطين، وأعتقد أن وزير الخارجية الأمريكى بلينكن عاد لبلاده بعد لقائه بالرئيس السيسى بشأن تطور الأحداث فى قطاع غزة بصورة واضحة عن الموقف المصرى الذى تبنته القاهرة خلال اجتماع مجلس الأمن القومى برئاسة الرئيس السيسى وكان موقفا صلبا وقويا، فمصر لم تنظر إلى ما يجرى فى غزة فقط، وإنما نظرت للحلول الجذرية للمشكلة نفسها، وبالتالى حدث تدرج من إرسال المساعدات لوقف إطلاق النار ثم الانطلاق لعملية سياسية جادة تستطيع منها تحقيق أمانى الشعب الفلسطينى، فمصر قدمت خارطة طريق كاملة من الممكن أن تعالج جذور المشكلة فى فلسطين لتجنب دائرة العنف، فلابد من الانطلاق لعملية سلام شاملة تحقق طموحات الشعب الفلسطينى، فالجهود المصرية تركز على إضافة زخم سياسى كبير وإجماع دولى لتحريك القضية الفلسطينية فى الإطار السياسى، فلن يتحقق سلام فى الإقليم دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم، وبالتالى يجب أن تكون هناك مقاربة للتعامل مع القضية الفلسطينية وإجماع دولى على عودة حقوق الشعب الفلسطينى، ولابد أن تكون هناك قرارات ملزمة دولية للطرف الإسرائيلى، فإسرائيل لا تأبه بكافة قرارات الأمم المتحدة التى طرحت خلال القضية الفلسطينية، ولم تحاول مراعتها أو تنفيذها، وتعتبر نفسها فوق القوانين الدولية نتيجة دعم الدول الكبرى لها، وهو ما يشعل مشاعرالغضب فى المجتمع العربى، والشعور بالكيل بمكيالين، لأن دولة تمارس سطوتها وقهرها ضد شعب كبير ولم تنل أى إدانة من المجتمع الدولى، فما ترتكبه إسرائيل اليوم لا يدخل تحت بند الدفاع عن النفس وإنما هو عدوان صريح من جانب دولة على المدنيين العزل.

< وماذا عن مطالبة إسرائيل لسكان قطاع غزة بمغادرة منازلهم والاتجاه جنوبًا؟

<< هذه المطالبات تعد جريمة، تخالف القواعد الدولية الإنسانية وتمثل استمرارًا لمخطط التهجير القسرى للفلسطينيين من أرضهم بهدف القضاء على مبدأ حل الدولتين، فمصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية، فالتصعيد العسكرى والتهجير القسرى وقطع المياه والكهرباء والإنترنت وكافة الخدمات عن أهل غزة والمطالبة بإخلاء المستشفيات من المرضى، كل هذه إجراءات تؤكد أن دولة الاحتلال تتحذ قرارات غير محسوبة العواقب وتشكل جرائم ضد الإنسانية، فحصار وتجويع أهل غزة ونزوح السكان إلى الجنوب ستكون له عواقب خطيرة على الوضع الإنسانى فى غزة، وأرى أن استعداد الجيش الإسرائيلى لتنفيذ اجتياح برى لن يحقق السلام الإسرائيلى وستدخل فى ورطة، أو فخ، وسيؤدئ إلى توسيع دائرة العنف والانتقام، والعالم جميعًا يعلم أن أرض سيناء خط أحمر، وقد أعلنها الرئيس السيسى خلال حفل تخريج دفعة جديدة من الأكاديمية العسكرية أن قدرة مصر على تأمين وحماية نفسها كافية.

استعادة مصر لدورها الإقليمى بشكل أكثر فعالية فى المحيط العربى هل من شأنه أن يسهم فى التصدى للتدخلات الإقليمية فى المنطقة؟

<< نحن نعيش فى وقت غير مسبوق بالنسبة للتدخلات الإقليمية فى المنطقة، فدول الجوار الإقليمى كان تتدخل فى الإقليم بطرق مختلفة، فالآن كل الطرق أصبحت طرقًا خشنة، فإيران، تركيا، إسرائيل، إثيوبيا، تتبع الأسلوب الخشن فى الإقليم، وبالتالى أعتقد أن توجه مصر توجه رصين، ولكن فى الوقت نفسه يجب على دول الإقليم أن تراعى أو تضع فى الاعتبار فكرة التدخل الخشن من دول الجوار الأربعة المهمة؛ وهذا فى حد ذاته يتطلب أن تكون هناك استراتيجية معينة للتعامل مع هذا الجوار الجغرافى، فليس المطلوب أن نكون فى حالة تحدٍ أو منازلة لهذه الدول الأربع، ولكن فى النهاية يجب أن تكون هناك استراتيجية عربية واحدة فى التعامل مع هذه الدول.

< توليت وزارة الخارجية فى توقيت صعب بعد ثورة يناير فما تقييمك للدبلوماسية المصرية، وهل نجح الإخوان زمن حكمهم فى اختراق هذه المؤسسة أم كانت عصية عليهم؟

<< حقيبة الخارجية كانت عصية على الإخوان بالطبع، ولابد أن نشير إلى فضل الوزير محمد كامل عمرو أنه استطاع أن يحمى وزارة الخارجية بأساليب مختلفة، مرة بالمواجهة، ومرة بتمرير بعض الأمور، لكن فى النهاية خرجت الخارجية سليمة تمامًا من هذا العصر، فهناك شخص اسمه الدكتور عصام الحداد كان يرى فى نفسه أنه يستطيع أن يدير السياسة الخارجية بعيدًا عن الوزارة، وبالتأكيد هذا كان فشلا ذريعًا، وفى الوقت ذاته حمت الوزارة نفسها بنفسها، من التدخلات، فلوزارة الخارجية ميزة وهى أنها كيان قوى بأبنائه وعلمه ومن الصعب أن تحيد عن هذا الطريق، ولدينا اعتقاد راسخ كأبناء لهذه الوزارة العظيمة أننا ندافع عن الأمن القومى المصرى، وندافع عن قضايا التنمية داخل الدولة المصرية، ففى النهاية نحن محامون للشعب المصرى فى الخارج، نحترم علم مصر ورئيسها.

< ما تقييمك لحصول مصر على عضوية «بريكس» وما الذى سيعود عليها من وراء ذلك؟

<< الدراسة العلمية لهذا الموضوع تقول إنها خطوة جيدة، وأنَّ مصر ستستفيد ولكن ليس بالأسلوب الذى تصوره البعض بأنه سيتم القضاء على الدولار، لكن من المؤكد أنه ستكون هناك بعض الاستفادات التجارية، وبعض التسهيلات الاستثمارية، وهذا فى حد ذاته سيفيد الاقتصاد الوطنى، لكن أى اقتصاد وطنى لا يعتمد فقط على الخارج، لكن يعتمد أيضًا على البناء الداخلى للاقتصاد، ومن المؤكد أنه ستكون هناك قيمة مضافة اقتصاديًا نتيجة التواجد فى «البريكس» لكن ليس سريعًا أو بسهولة، بدليل أن نفس دول البريكس (أصل العضوية) لم يحدث فيها التكامل الاقتصادى نتيحة هذه المجموعة، فالمجموعة لديها مشاكل وتناقضات حتى فى داخلها، ولكن فى النهاية فمصر تفتح لنفسها بابًا جديدًا قد يكون به تسهيلات أكثر للتجارة، وفى الوقت ذاته عملية التبادل التجارى ستكون أسهل أكثر من الماضى، لكننى مع الرأى الذى يقول إنه لا داعى لرفع الآمال بشكل كبير فى هذه القضية، ولابد أن نلجأ إلى بناء الاقتصاد الوطنى داخليًا ثم بعد ذلك إلى بناء علاقتنا الاقتصادية الدولية.

< ما مدى أهمية مشاركة مصر فى قمة الـ(20) التى عقدت فى نيودلهى فى الوقت الراهن فى رأيك.. وما أهم المكاسب التى من الممكن أن تجنيها مصر من هذه القمة؟

<< تواكب دخولنا إلى البريكس مع تواجدنا فى قمة الـ(20) هذا فى حد ذاته يعطى الإحساس بالاستقرار السياسى الداخلى والنمو الاقتصادى، وهو أمر مهم جدًا، وفى الوقت نفسه اعتراف بأن مصر استطاعت بالرغم من المصاعب الاقتصادية الموجودة فى العالم كله أن تستمر فى خطة التنمية الخاصة بالدولة.

< ما تقييمك للقمة المصرية–التركية فى نيودلى وهل من الممكن أن تدفع العلاقات بين البلدين فى التفرة القادمة؟

<< هذا تطور إيجابى طبيعى، فمصر كانت لها نهج خاص فى هذا الأمر، ومصر لها محدداتها الرصينة فى التعامل مع هذا الملف والتى تقوم على المصلحة والأمن القومى المصرى، وبالتالى فإنَّ الخطوات التى تسير فى مصر تجاه تركيا، أعتقد أنها خطوات رصينة جدًا، وفى الوقت نفسه تلبى المبدأين اللذين أشرت لهما وهما الأمن القومى المصرى والمصالح المصرية، فهناك تدرج إيجابى تصاعدى فى العلاقة المصرية–التركية، ولذلك أستطيع أن أقول بتفاؤل إننا مقبلون على استعادة العلاقات، ومن الممكن أن يكون الرئيس أردوجان قال: إننى أرى أن العلاقات المصرية التركية سوف تصل إلى المستوى الذى يتواكب مع قيمة الدولتين، فقيمة مصر وتركيا كبيرة جدًا فى المنطقة ولهما إسهام دولى كبير.

< سد النهضة مصدر قلق للكثيرين داخل مصر وخارجها فإلى أى مدى تصل خطورته على الأمن القومى.. وكيف ترى التعنت الأثيوبى فى مشكلة السد وفشل المفاوضات لحل الأزمة؟

<< السد الأثيوبى هو نقطة فاصلة فى العلاقة المصرية- الأثيوبية، لأنَّ هذه العلاقة مرت منذ قديم الزمن بفترات صعود وهبوط، وأعتقد أنَّ الجانب الأثيوبى لم يلتقط بعد المفهوم المصرى أنَّ الشراكة فى التنمية أهم من المواجهة، وأنَّ حوض وادى النيل هو حوض تنمية، ومصر لم تقف ضد التنمية فى أثيوبيا على الإطلاق، ولكننى أرى أنَّ أثيوبيا تستخدم السد فى إطار سياسى أكثر منه إطارًا تنمويًا، وهذا شيء مضر بالنسبة لهم وبالنسبة للإقليم كله، ثانيًا: أثيوبيا بها مقر الاتحاد الأفريقى والرئيس جمال عبدالناصر كان مصرًا على أن تكون «منظمة الوحدة الأفريقية» (الاتحاد الأفريقى حاليًا) على أن تكون فى أديس أبابا، ولا أرى أنَّ الدولة الأثيوبية تسير بمفاهيم العصر الحديث، فالعالم كله يبحث عن شراكات الآن، فالحكم فى أثيوبيا لازال يعيش فى أوهام تاريخية قديمة، وفى الوقت ذاته لم يسع إلى تطوير نفسه والاندماج مع الركب المصرى الخاص بالتطوير والتنمية، مثل قيام مصر بالتنمية فى ليبيا، ومد الكهرباء مع اليونان، ومع السودان، فمصر لديها هدف تنموى واسع النطاق وللأسف أثيوبيا لم تره، فهى ترى أنَّ أسلوبها الانفرادى سوف يحقق لها التنمية وهذا لن يحدث، فمصر تبنى سدًا فى تنزانيا، وأعتقد أنه يكون هناك تعاون مفتوح وصادق فى إدارة المياه فى الثلاث دول (مصر أثيوبيا والسودان)، ولذلك أرى أنَّ أثيوبيا ابتعدت كثيرًا عن الأطر الحديثة فى العلاقات الدولية.

< ما الدور الذى من المفترض أن تعمل به الجامعة العربية فى ظل الظروف الراهنة فى الوطن العربى.. وكيف قرأت عودة سوريا إلى مقعدها فى الجامعة العربية؟

<< سؤال جيد، عندما ننظر إلى الجامعة العربية فإننا ننظر إلى تجميع إرادات للدول المنفردة، فعندما تكون الإرادة السياسية فى كل الدول الأعضاء بالجامعة العربية موحدة إذن الجامعة العربية من الممكن أن تتقدم للأمام ويمكن أن يكون لها دور أكبر، لأنَّ الجامعة فى النهاية هى تجميع لهذه الإرادات، فلا نستطيع أن نقول إنَّ الجامعة بمفردها تستطيع فعل شيء ما، فلابد أن تكون الدول العربية كلها لديها الإرادة السياسية أن تدفع هذه المنظمة المهمة والضرورية، أما بالنسبة لسوريا، فأرى أنه لا جديد فى الأمر، فهى عودة مقعد فقط لا تمثيل دولة وللأسف أعتبر أنَّ الدولة السورية محتلة من ثمانية جيوش أجنبية، وعندما تحتل دولة من 8 جيوش أجنبية تكون مسلوبة الإرادة، ولذلك لا أعتقد أنَّ سوريا استفادت ولا الجامعة العربية أيضًا استفادت على أرض الواقع من عودتها إلى حضن الجامعة.

< علاقة مصر وإيران هل ترى أنَّ العائق فيها الأمريكان أم مصلحة مصر مع دول الخليج أم أنه صراع سنى–شيعى؟

<< لا أرى شيئًا من هذه الثلاثة أسباب، فالدولة المصرية لها محددات خاصة بها بعيدة تمامًا عن التأثير سواء كان إقليميًا أو دوليًا، وبالتالى عندما يكون هناك اتفاق سعودى إيرانى، فهذا لا يتطلب بالضرورة أن يكون هناك اتفاق مصرى إيرانى، فمصر لها محددات خاصة بها، أيضا الولايات المتحدة على تواصل مع إيران، فالأمر بعيد تمامًا عن هذه المؤثرات، فهناك سفارة مصرية فى طهران، وتوجد فى القاهرة سفارة لإيران والاتصالات الرسمية تتم بشكل رسمى، أما عملية توسيع العلاقة أو رفعها إلى مستوى السفراء فيما بعد فأعتقد أنها ستأتى لكنها تحتاج إلى ترتيب عن أى دولة أخرى.

< الحرب الروسية- الأوكرانية هل من الممكن أن يلجأ الرئيس الروسى للسلاح النووى لو شعر باقتراب الهزيمة بفضل المساعدات الأمريكية والأوروبية لأوكرانيا.. وهل نحن على شفا حرب عالمية ثالثة؟

<< استخدام السلام النووى بعيد تمامًا، لكن فى النهاية الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى تغيير حاد فى العلاقات الدولية، فحلف الناتو كاد ينهار لكنه أصبح أكثر تماسكًا الآن، ودول مثل استراليا لم يكن لها دور فى العلاقات الدولية أصبحت الآن فاعلًا رئيسيًا فى التعاون مع أمريكا، الهند دولة صاعدة أيضًا ولها علاقات مع الجميع، ومصر تسير فى إطار توازن دقيق جدًا مع كل القوى، إذن فقد فرض على المجتمع الدولى إعادة تقييم سياسات والانخراط فى سياسات معينة، فمصر لم تدخل تحالفًا مع أى دولة، ولكن اتجهت إلى التجمعات الاقتصادية الكبرى لمحاولة الانتماء إليها، وفى الوقت ذاته صنعت توازنًا دقيقًا جدًا بين المبادئ والمصالح.

< هل نستطيع القول إننا على شفا حرب عالمية ثالثة؟

<< لا.. فهذا أمر مستبعد، فهناك كلمة أعجبتنى قالها رئيس وزراء الهند للرئيس بوتين: «انتهى وقت الحروب»، ومن المعلوم أنَّ الدبلوماسية الهندية تمتلك قدرًا كبيرًا من الرصانة والحكمة منذ «غاندى»، وكذلك الرئيس «السيسى» فى مؤتمر شرم الشيخ كان أول من نادى بوقف الحرب، فالدول الصاعدة كلها ضد مفهوم الحرب أو استعمال القوة.

استعادة العلاقات المصرية الأفريقية بعد ثورة 30 يونيه كيف ترى ذلك؟

<< مصر تقوم بدور مهم جدًا، فهى تفتح كل المعاهد الدبلوماسية والشرطية والعسكرية للأفارقة بشكل كبير جدًا، ومصر لديها منهج خاص بها وهو منهج التنمية، وأتمنى أن تتعلم منه الدول الكبرى أنَّ التنافس والهيمنة ليس بقصد السيطرة على الدول، ولكن بقصد تنمية هذه الدول، ومنهج مصر فى التعامل مع الدول الأفريقية أعتقد أنه هو المنهج المطلوب، فمصر تساعد أوغندا وجيبوتى وتنزانيا والسودان وغينيا الاستوائية، أنجولا، فمصر لها منهج خاص بها وهو منهج حضارى تنموى.

< ما تقييمك للأوضاع فى السودان وهل من الممكن أن ينجرف إلى حرب أهلية تأكل اليابس والأخضر؟

<< لا أحب كلمة حرب أهلية، فقط أستطيع القول «السودان يحارب السودان».

< من حين لآخر تشن بعض المنظمات العالمية المعنية بحقوق الإنسان هجومًا على مصر فلماذا فى رأيك؟

<< سوف يستمر هذا الهجوم على مصر، فمصر دولة مهمة، وهذا الملف هو المدخل لزعزعة سمعتها وقيمتها الدولية.

< هل أنت راضٍ عن دور الإعلام العربى فى التعامل مع الأزمات؟

<< لا أرى أنَّ الإعلام العربى يقوم بدور إلا نقل الخبر، فهو لا يقوم بدور توعوى، فنحن كنا نرى مأساة المغرب لحظة بلحظة على سبيل المثال لكن فكرة التوعية فلدينا قصور بها.

< ماذا عن رؤيتك للمشروعات التنموية التى تقوم بها الدولة الآن؟

<< لو قارنا مصر فى 2013 بمصر فى 2013 فسوف نرى تغييرًا شكلًا ولا ينكر ذلك إلا جاحد، أما المشاكل الاقتصادية فهى موجودة.

< أخيرًا ماذا يأمل وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابى؟

<< آمل فى الاستقرار فهو سلعة أو مفهوم وعنوان نحن ننعم به، فالاستقرار لا يقدر بثمن.