رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يعتبر النمو السكانى المطرد تحديا كبيرا يواجه دول العالم المتقدمة والنامية فى الوقت الراهن، فالزيادة السكانية لم تعد أزمة محلية أو إقليمية وإنما امتدت إلى أبعد من ذلك، لتصبح واحدة من أكبر التحديات التى تواجه العالم الآن، وهو ما يتطلب آليات جديدة لمواجهتها والتصدى لها، والزيادة السكانية من القضايا الكبرى التى تلتهم ثمار التنمية وتمثل عائقا أمام خطط التنمية المستدامة وجهود الدولة لتحسين حياة المواطنين.

خلال الأيام الماضية استضافت مصر المؤتمر العالمى للسكان، تناول مناقشات جادة حول قضية الزيادة السكانية التى لم تعد مواجهتها خيارًا، بل باتت ضرورة حتمية يجب أن تشارك فيها جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى والمواطن، فخلال المؤتمر حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على تنبيه العالم بمخاطر الزيادة السكانية، مقترحا تنظيم الهجرة الشرعية بين الدول التى تعانى من زيادة فى السكان والدول التى تعانى من تراجع معدلات الإنجاب بما يؤثر سلبا على معدلات الإنتاج، وهو اقتراح يجب أن يكون محل اهتمام من جانب المجتمع الدولى للحفاظ على معدلات النمو فى العالم ودفع عجلة الإنتاج.

والحقيقة التى يجب أن يعيها الجميع أن الزيادة السكانية تدفع الحكومات فى كل العالم إلى توجيه الموازنة العامة لتلبية احتياجات المواطنين، بدلا من توجيهها إلى إنشاء مزيد من المشروعات الاقتصادية والتنموية، أو تحسين مناخ الاستثمار، ومن ثم عرقلة تقدم الدول، وهو ما تواجهه مصر بوضوح، حيث تخطى عدد السكان الـ 105 ملايين نسمة بالإضافة إلى ما يقرب من 10 ملايين أجنبى يعيشون على أرض مصر، ويستفيدون من الموارد والخدمات المتاحة، وهو ما يمثل ضغطا غير عادى على موارد الدولة المصرية، ومن المتوقع أن تزداد الأمور تعقيدا إذا استمرت الزيادة السكانية بنفس المعدلات، إذ يقدر تعداد المصريين فى 2030 بنحو 132 مليون نسمة، أى بزيادة قدرها 31 مليون نسمة فى غضون 10 أعوام فقط، وهو رقم ضخم لم تصل إليه بعض الدول الكبرى فى العالم منذ نشأتها وحتى الآن.

لذلك يجب وضع خطط واضحة للتعامل مع هذه القضية، باعتبارها قضية تمس الأمن القومى المصرى، وأعتقد مواجهتها تبدأ بمعالجة الثقافة المجتمعية السائدة بين المصريين منذ عقود، فما زالت هناك أفكار ومعتقدات ترتبط بالعزوة والسند وأن زيادة عدد الأسرة رمز للقوة الاجتماعية والاقتصادية، حيث تلجأ الكثير من الأسر فى الريف والصعيد إلى تشغيل الأبناء فى عمر مبكر، بالإضافة إلى تفاقم ظاهرة الزواج المبكر والتى يجب التصدى لها بكل حزم، فضلا عن تغيير المعتقدات السائدة بشأن تنظيم الأسرة واعتبارها من الأمور المحرمة دينيا.

ولقد أدركت القيادة السياسية خطورة القضية السكانية؛ لذلك وضعتها على أولويات عمليات الإصلاح والبناء التى تقوم بها الدولة، حيث تم إطلاق عدد من المبادرات والبرامج المعنية بمواجهة المشكلة، التزاما بما نص عليه الدستور المصرى الذى ألزم بوضع برنامج قومى يُحدث توازنا بين الزيادة السكانية والموارد المتاحة، كما أطلقت الدولة الاستراتيجية القومية للسكان (215-2030) التى تستهدف خفض معدلات الزيادة السكانية لإحداث التوازن المفقود بين معدلات النمو الاقتصادى والسكانى، من خلال خفض معدلات الإنجاب، وإعادة رسم الخريطة السكانية فى مصر عبر إعادة توزيع السكان، وتحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق تقليل التباينات فى المؤشرات التنموية بين المناطق الجغرافية.

ورغم هذه الجهود، فإنها لم تؤتِ الثمار المرجوة وهو ما يتطلب مراجعة جادة للاستراتيجية لتحقيق هذه الأهداف، وتقديم حوافز حقيقية للأسر التى تلتزم بإنجاب طفل أو اثنين لتشجيع الالتزام بخفض معدلات المواليد، وضرورة إنشاء وزارة للسكان تكون معنية بضبط أداء النمو السكانى وتحسين الخصائص السكانية للمصريين، مع دراسة التجارب الدولية المماثلة التى نجحت فى السيطرة على معدلات النمو السكانى مثل التجربة الفيتنامية، وتنظيم حملة إعلامية موسعة تستهدف رفع الوعى المجتمعى حول مخاطر الزيادة السكانية، ورفع كفاءة خدمات تنظيم الأسرة، وتفعيل دور المجلس القومى للسكان ونقل تبعيته لرئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء. 

عضو مجلس الشيوخ

عضو الهيئة العليا لحزب الوفد