رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لغتنا العربية جذور هويتنا (5)

كانت صيحات الكتّاب الأحرار عبْر العقود المنصرمة من حياتنا أجراسًا ومنارات، انطلقتْ من الواقع الأليم مستشرفة المستقبل متنبّئة به، فاستثارتْ، من ثمّ، الهمم والعزائم؛ فتتابعتْ المحاولات تلْو المحاولات فى مجال قضايا الرأى والفكر، وما يتبعهما.

وكان من حسن الحظ، ومن فضْل الأدب أنْ نجا مبدعون لجأوا إلى اللغة الأدبية الرفيعة التى تتقنّع بالأقنعة الفنية حينًا، وتتزيّى بالإيحاء والرمز والتلميح حينا؛ فانتشرتْ أعمالهم بين الناس، وبلّغوا رسالاتهم. لكنهم لم يكتفوا بما يثْريه القناع والإيحاء والرمز والتلميح من دلالات، وما يدرّه من معان، غير مقتصرين على ما تحتضنه اللغة الأدبية الرفيعة فى أجناسها الأدبية المتنوعة من اكتناز المعانى والإشارات.

وفى الثالث من أغسطس سنة 1952 كتب طه حسين إلى توفيق الحكيم يقول: «يخيل إليّ أن للأدب حقه فى هذه الثورة الرائعة، هيّأ لها قبل أن تكون..».

وهكذا تعددتْ ألوان الإبداع التنبؤي؛ لنجد أن الإبداع الأدبى المتنوع فى أجناسه قرأ الواقع، وعايشه، وشارك جماهيره معاناتهم؛ فكان الأدب خير معبّر عن مجتمعه، وبذلك تفاعل فكر المبدع مع وجدانه؛ فقرأ الأحداث، واستشرْف المستقبل. 

فاض بذلك ديوان الشعر المصرى الحديث بالكثير، ومنه قصائد عديدة لمحمد إبراهيم أبو سنة مثل قصيدة «من الذى اغتربْ؟»، من ديوانه تعاليْ إلى نزهة فى الربيع) الصادر سنة 2009، وكتبها فى التاسع من أبريل 2008، من خلال السؤال الحائر المتكرر.

ومن قبل تلك القصيدة كانت قصيدته «أيها السادة المذنبون» بخطورة دلالاتها، وخطورة تقنياتها الفنية، وغيرها من قصائده التى تستحق وقفة خاصة.

تجلى ذلك الدور فى تلاحم عنصريْ الأمة، وأبدأ برأس الشواهد، وأهمها، والذى أعدّه رأس الشعراء الأقباط، وشيخهم، وهو قداسة البابا شنودة «نظير جيد روفائل» المولود سنة 1922، والمتوفى سنة 2012، والذى أصدر فى وقت باكر ديوانه الشعرى (انطلاق الروح)، وعرف بحسه الأدبى، وخفة ظله فى جلساته، ومحادثاته.. ولن ألجأ إلى السهل بإحالة النظر فى أسماء أصدقائى وصديقاتى من الأدباء الأحياء الذين يدفئون حياتنا الثقافية بعطائهم فى فنون الأدب، فلعل لذلك فرصة أخرى قادمة، ولكنى أعود إلى الماضى قليلا لأذكر كيف أن الأدباء المصريين أقباطا ومسيحيين أسهموا فى إرساء القيم الجمالية فى النفوس، وأبدأ باسم شهير فى الحياة الأدبية فى مصر فى القرن الماضى، وهو الشاعر الناثر القصاص الباحث، والذى منحتْـه الهيئة العامة للاستعلامات فى القرن الماضى جائزة تشجيعية لتأليفه كتابه الشهير (أعلام الإسكندرية)، وهو «نقولا يوسف» المولود فى دمياط 1904، والذى كان إلى جانب كتابه هذا على صلات أدبية بأدباء عصره وفى مقدمتهم: توفيق الحكيم، ومحمود تيمور. وعلى الأخص الشاعر عبدالرحمن شكرى، الذى اشتهر نقولا يوسف فى تاريخ الأدب بأنه صاحب الإسهام الأكبر والأشهر فى كتابة مقدمة ديوان ذلك الشاعر الكبير «أزهار الخريف « سنة 1919، ثم إسهامه فى نشر الديوان الكامل لأستاذه ذاك. عبدالرحمن شكرى أحد بل أكبر أعضاء الثلاثى زعماء مدرسة الديوان مع عباس محمود العقاد، وإبراهيم عبدالقادر المازنى، وهو، أيضا، كاتب مقدمته سنة 1960، وبذلك أصبح فى مكانة مشهورة فى تاريخ الأدب العربى الحديث فى مصر، إذْ صار ذكْر الشاعر الكبير عبدالرحمن شكرى، وذكر ديوانه قرين ذكر نقولا يوسف، وسر شهرته الأدبية، وحضوره فى تاريخ الأدب العربى الحديث.

 ومنهم القمص «يوسف ميخائيل يوسف» المولود فى سنورس بالفيوم فى مطلع القرن الماضى وعلى وجه التحديد سنة 1905، ذلك الشاعر الذى لم يمنعه انشغاله، حين ترسّم كاهنًا على كنيسة المحروسة فى قنا، ثم قمّصا، من أن يكون أديبا وأحد خطباء ثورة 1919، وأن يكون من دعاة الوحدة الوطنية، اشتهر بالخطابة، وكان يخطب، لا فى الكنائس فحسب، بل فى المساجد.

 

عضو المجمع العلمى، وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس.