رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى سان بطرسبرج الروسية انعقدت القمة الروسية الأفريقية الثانية، وهى القمة التى تأتى مختلفة عن القمة الأولى فى سوتشى عام 2019، حيث المحددات الجيوستراتيجية والتحولات الدولية، والنسق الإقليمية جميعها مختلفة. 

فالتنافس الصينى الروسى على أشده على مستوى القارة، والتنافس الصينى الأمريكى الروسى على مستوى العالم لم يحسم بعد، القمة الأفريقية مجال تنفس جديد للقيصر الروسى فى ضوء الضغوط الأمريكية الغربية، وتعقد الأوضاع على مستوى الجبهة الأوكرانية؛ لذلك سعى بوتين لاستغلال القمة وتحقيق أقصى مكاسب ممكنة لتثبيت دعائم التغلغل الروسى فى أفريقيا، وهو ما دفع موسكو لوصف القمة ب»الحدث المهم»، بما فى ذلك المناورة بتوفير الحبوب مجانا للدول الأفريقية فى ضوء الانسحاب الروسى من اتفاق البحر الأسود لتصدير الحبوب، وهو الاتفاق الذى يسمح بتصدير القمح الأوكرانى عبر البحر الأسود، والتداعيات السلبية لذلك على أسعار الغذاء عالميا ونقص المعروض من المحاصيل الرئيسية بشكل عام.

القمة تمثل رسالة مهمة من موسكو للخصوم فى واشنطن والاتحاد الأوروبى بعدم تأثر موسكو بالعقوبات المتزايدة، وأن الاقتصاد الروسى لا يزال متماسكا رغم كل العقوبات والضغوط، وأن حلم التعددية القطبية الذى تمثل فيه روسيا قطبا رئيسيا لا يزال قائماً.

لكن رغم ذلك؛ لا تزال موسكو فى مؤخرة ترتيب سباق التنافس الدولى المحموم فى أفريقيا، حتى الآن لا تزال المبادلات الأفريقية الروسية هى الأدنى مقارنة بكل من الصين، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبى وحتى الهند وتركيا ودول الخليج. فالاستثمارات الروسية لا تمثل سوى 1% من إجمالى الاستثمارات العالمية فى القارة. وحتى بعد القمة الروسية الأفريقية فى 2019 والتى تعهد بوتين فيها بزيادة حجم التبادلات التجارية بين الطرفين بمقدار خمسة أضعاف، تراجع حجم التبادل التجارى بين روسيا ودول القارة بما يوازى 3 مليارات دولار، 20 مليار دولار إلى 17.7 مليار فى الفترة ما بين 2017 و2021. ارتفعت بمقدار ضئيل فى عام 2022 لتصل لنحو 18 مليار دولار. فى المقابل وعلى العكس من ذلك يأتى التنين الصينى فى المقدمة من حيث حجم التبادل التجارى مع دول القارة، حيث سجل 282 مليارا من التبادلات مع أفريقيا، والاتحاد الأوروبى 254 مليار دولار، بينما احتل أبناء العم سام المرتبة الثالثة بنحو 83 مليار دولار. فيما بلغت استثمارات دول الخليج فى أفريقيا ما يقرب من 100 مليار دولار نهاية 2021، ونحو 70 مليار دولار تبادلا تجاريا. فما الجديد الذى تقدمه روسيا لأفريقيا؟ إفريقياً؛ وعلى المستوى الأيديولوجى، قد يرفض البعض تلك القمم سواء الروسية الأفريقية، أو الأمريكية الأفريقية، أو الصينية الأفريقية، ويراها بمثابة عودة الاستعمار القديم فى ثوب جديد. ولكن الوضع الآن مختلف، فما الفرق؟

الفارق الآن أن الدول الأفريقية أغلبها تحت حكم ديمقراطى مستقر، معدلات النمو والتعليم فى عديد الدول فى تصاعد رغم تحديات الوباء والإرهاب، والنخب الحاكمة فى أفريقيا أصبحت أكثر وعياً بالمصلحة الوطنية للدول الأفريقية، وأكثر ذكاء فيما يتعلق باستغلال الموارد والثروات المتاحة على مستوى القارة، حتى لا تصبح أفريقيا أغنى القارات وأفقرها فى ذات الوقت، وهو ما يجب على العالم احترامه والتعامل مع الدول الأفريقية من هذا المنطلق؛ منطلق الشراكة الاستراتيجية والمصالح المتبادلة.