رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أثْبت واقع الحياة الإبداعية العربية استمرار المقولة الخالدة: ( الشعر ديوان العرب)؛ إذْ تنوعتْ قوالب الشعر فى لغة عربية، ونشط فرسانه على نحو يؤكد تجدد شباب الحركة الشعرية العربية، وتضاعفتْ كمًّـا وكيْـفًا، كما ارتبط الإبداع الشعرى بالإبداع النقدى بشكل فاق الارتباط بين الإبداع النثرى والإبداع النقدى، ومن ناحية ثالثة تنوع الموضوع والهمّ الشعرى تنوعًا فاق تنوعه فى أى عصر مضى، وارتبط بالواقع ارتباطًا فاق ارتباطه فى أى زمن سابق، وكان منه: الشعر الجديد، وشعر العامية التى هى تحول من الفصحى، وكان منه الأغنية: العاطفية والاجتماعية والوطنية ... إلخ.

وعلى مستوى الآداب العالمية، ومع الثورة العلمية فى بداية عصور النهضة، ومع ارتفاع أسهم العلْم، ومنافسته الفنون، وعلى رأسها الشعر، رأى «رتشاردز» فى كتابه مبادئ النقد الأدبى والعلم الشعر ص 438، والذى ترجمه فى وقت باكر، مصطفى بدوى وقدم له وعلق عليه، وراجعه كل من لويس عوض، وسهير القلماوى:

«إنّ للشعر مستقبلًا هائلًا؛ لأن الإنسانية ستجد فى الشعر الجدير بهذا المستقبل مسْتقرًّا لها يتجدد الاطمئنان إليه على مر الأيام».

 ورأى «موريس ميترلنك» الحائز على جائزة نوبل فى المعاناة الشعرية، والحصول على الأفكار بمثابة الجنة، وإخراجها إلى حيّز الوجود هو الجحيم، حتى رأى البعض أن الشاعر: منْ يشعر بما لا يشعر به غيره، وسمّى شاعرًا لفطنته، ولهذا نجد نزار قبانى صادقًا حين صدّر أحد دواوينه بعنوان ورقة إلى القارئ:

إذا قلت إنى أحس كفاني ولا أطلب الشاعر الأوحدا

ويقول عن الشعر والشاعر:

نرفض الشعر مسرحًا ملكيًّا من كراسيّه يحْرم البسطـاء

نرفض الشعر أن يكون حصانًا يمتطيه الطغاة والأقوياء

نرفض الشعر أرنبًا خشبيًّا لا طمــوح له ولا أهـواء

نرفض العاطلين فى قهوة الشعر دخان أيامهم وارتخاء

شعرنا اليوم يحفر الشمس حفرًا بيديه فكل شىء فضـاء

شعرنا اليوم هجمة واكتشاف. لا خطوط كوفية وحداء

كل شعر معاصر ليس فيه غضب العصر نملة عرجاء

ما هو الشعر إنْ غدا بهلوانًا يتسلـّى برقصه الخلفـاء

ما هوالشعر حين يصبح فأرًا يستوى الفكر عنده والحذاء

يصْلب الأنبياء من أجْل رأى فلماذا لا يصلب الشعراء؟ّ!. 

 وإذا كان هذا رأى أهل النقد والفكر ، من ناحية، ورأى أهل الإبداع الشعرى من ناحية ثانية، فقد بات حقا علينا، الآن، أنْ ندافع عن اللغة والشعر، أو بمعنى أدقّ، تلك الوثائق التاريخية؛ لأنها أقوى دليل على وجودنا العربى المتجذّر ـ منذ قرون، ومنذ حلـّق الشعر العربى  فوق كل ربوة، أو تلّ، أو جبل، أو شعب، أو ثنيّة، أو سهل، أو وادٍ، بل نقش فوق كل حصاة، وفوق كل ذرّة رمل من بر وبحر وفضاء؛ حين رحل الشاعر القديم مع قبيلته شمالا وجنوبا، وشرّق وغرّب، بحرّيّة تامة، فى بيت رحب فسيح، وبذلك فإن المحافظة على وجود ذلك الفن العريق فن الشعر، هو فى الآن نفسه، محافظة على وجودنا الأزليّ، ودليل دامغ اسْتعْصى على الأعداء نقْضه أو تزييفه، لتظل ثنائية اللغة والشعر الوشيجة، وحبْل الوصْل بيننا وبين أرضنا، ولتظل اللغة العربية بقاء لنا، بقدْر ما يكون بقاؤنا بقاء لها، فى مواجهة موقف الوافد، أو المهاجر، أو المستوطن، أو الغازى، أو المعتدى؛ ليظلّ الشعر بلغته العربية فنّـا قوميا، وأساسا حضاريا منذ الأزل، حتى أنهم قالوا بسجدة الشعر وسجدة الشعراء، وقيل لسعيد بن المسيب: «هاهنا قوم نساك يعيبون إنشاد الشعر»، فأجابهم: «نسكوا نسكا أعجميا»، ورأى العقاد أن الشعر العربى فى «الأيديولوجية» أكثر من أن يكون أدبًا، بل إنه تعبير عضوى.

 ولن نستطرد فى عرْض مخططات الصهيونية، ونكتفى بإشارة إلى لمحة منها لم ينتبه إليها أحد من الباحثين، وهى مجلة الكاتب المصرى التى رأس الدكتور طه حسين تحريرها فى أربعينيات القرن الماضى، تلك التى صدرتْ عن (شركة الإعلانات الشرقية)، ومن العجيب والمدهش أن نجد الروائى الشهير «جيمس جويس» قد أشار إليها فى روايته الشهيرة (عوليس)، حيث نشرتْ شركة الإعلانات الشرقية تلك فى مقرها فى «دبلن» إعلانًا عن (بيع أراض مملوكة للخلافة العثمانية، معروضة للبيع فى فلسطين!).

< عضْو المجْمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس.