رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أتواجد كمقيم فى السعودية للعمل منذ أكثر من عشرين عامًا، وخلال تلك الفترة ‏عاصرت جميع المتغيرات التى مرت بها المملكة، ومن هنا سأجيب عن السؤال ‏المتداول وهو كيف نهضت المملكة بهذه السرعة وبتلك القوة؟

قبل أن أتجول بكم داخل أروقة المتغيرات لابد أن أشير إلى شيء هام، وهو أن ‏الجهاز الحكومى لمعظم الدول العربية مرجعتيه هو الجهاز الحكومى المصرى ‏القائم منذ أن أسسه محمد على باشا منذ مائتى عام، والذى تعمل به مصر إلى ‏وقتنا هذا، ومع المتغيرات العالمية السريعة داخل دائرة الثورة العلمية ومشتقاتها ‏المختلفة سياسيًا واقتصاديًا وعلميًا أدى ذلك إلى تغيير مسار كل الأجهزة الحكومية ‏فى العالم لتلائم وتواكب سرعة وقوة مؤثرات الثورة العلمية، ولكن ظلت الحالة ‏المصرية حبيسة الماضى البعيد مما أدى إلى تكوين عقل جمعى صلب متجمد غير ‏قابل للاختراق أو التغيير، منفصل تمامًا عن مؤثرات الثورة العلمية وإحداثياتها فى ‏الخارج.‏

ولكن فى المملكة حدثت المتغيرات المطلوبة لركوب سرعة المتغيرات العالمية عن ‏طريق خطة عمل قوية قائمة على العلم وأبعاده وعلى الرأس تشكيل وبناء إنسان ‏يكون ابنًا للثورة العلمية ومشتقاتها من الثورة الرقمية وأبعادها فى تكون الذكاء ‏الاصطناعى بمختلف المجالات، فمنذ سنوات طويلة قامت المملكة ببعثات تعليمية ‏لشبابها فى دول مختلفة، مما أدى إلى تنوع المكون الثقافى داخل المكون الإنسانى ‏وخلق جيل جديد قادر على اختراق المكون البيروقراطى للجهاز الحكومى الذى هو ‏على شاكلة الجهاز الحكومى المصرى ووليد منه.‏‏

تمثل ذلك فى قيادة مجموعة من شباب الثورة العلمية والرقمية بقيادة سمو الأمير ‏محمد بن سلمان ولى العهد ورئيس مجلس الوزراء والذى تولى مقاليد مهام ‏منصبه فى يونيو 2017 أى منذ 5 سنوات، وهى تلك المدة التى نهضت فيها ‏المملكة كقوة إقليمية وعالمية بشكل جعل جميع المراكز البحثية المتخصصة تعجز ‏عن طرح أسباب تلك النهضة القوية.‏

وبما أننى مقيم فى المملكة منذ سنوات طويلة بجانب اهتمامى كمحلل سياسى ‏وكاتب صحفى، فأستطيع أن أطرح لكم الأسباب بكل وضوح وشفافية، لكى تكون مرجعًا ‏أو مسارًا يقتدى به الآخرون فى كيفية التغير والعمل من خلال محاور التنمية ‏الشاملة بشكل سريع ومبسط وغير مكلف.‏

ما حدث فى المملكة هو نتاج رؤية تنموية شاملة للشاب الأمير محمد ولى العهد ‏السعودى، الذى اتخذ قرارات شجاعة وتاريخية بمساندة الشعب السعودى، وكان ‏أهمها خلع عباءة الوهابية عن جسد وروح المملكة، فتلك القرارات أوضحت مولد ‏زعيم عربى تاريخى صاحب مقومات وقدرات كبيرة للمنطقة، جاء فى وقت كانت ‏تواجه فيه دول المنطقة حرب اللاوجود والضياع، وبجانب ذلك أعاد قرار المملكة ‏السياسى إلى الاستقلال بعد أن كان حبيس سياسة «البترودولار»، وبدأ فى تشكيل ‏سياسة قائمة على أهداف المصلحة الوطنية مع كل دول العالم، مما جعله يكتسب ‏احترام وتقدير كل الدول ويكون منصة ومرجعية سياسية لدول المنطقة.‏

وعلميًا عمل على توطين الأدوات العلمية داخل المملكة كبديل عن سياسة البعثات ‏للخارج، فقام بثورة على مناهج التعليم للتخلص من موروثات الماضى ومن ‏مكونات المناهج المصرية التى كانت تسيطر على التعليم السعودى، وتم وضع ‏مناهج مبسطة من أهدافها تكوين شخصية ذات أبعاد إنسانية وعملية مرتبطة ‏باحتياجات سوق العمل، وتكوين الجامعات العلمية بكامل أدواتها البحثية ‏والدراسية والتى تضارع أعظم جامعات العالم.‏

وكان من أعظم إنجازاته التى تمثل قاطرة التنمية هو تحويل شامل وكامل لمكونات ‏مؤسسات الدولة العامة والخاصة إلى دائرة الرقمنة والحوكمة، مع الضرب بيد من ‏حديد على منافذ الفساد والإرهاب المالية والثقافية، مما أدى إلى وجود مجتمع لا ‏أبالغ إن قلت إن الجريمة والفساد فيه يمثلان «صفرًا».

أما اقتصاديًا «فحدث ولا حرج» تقوم رؤية المملكة 2030 على تنوع اقتصادى ‏كبير يقود التنمية بعيدًا عن البترول، تلك الرؤية مدعومة بقرارات اقتصادية قوية ‏أهمها الاستثمار وأدواته ومتطلباته التى جعلت المملكة المقصد الأول فى الشرق ‏الأوسط للمستثمر الذى يبحث عن أمان شخصى ومالى لتواجده.‏

وفى المقال القادم سنستكمل بإذن الله الكتابة عن التجربة السعودية. ‏