رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكايات الشقيانين في حقول الذهب الأصفر

بوابة الوفد الإلكترونية

وجوه شاخت فى عز شبابها، رسم الشقاء على وجوههم تجاعيد تشق جباههم شقاً..

فرسان من البشر لا يعرفون إلا العمل والشقاء، ولا يملكون قيراطًا من الأرضِ، ولكنهم يملكون أفدنة من الألم.

ينتظرون موسم الحصاد، أملاً فى جمع شىء من القمح، أو كسب حفنة جنيهات، وأجر يوم طويل من العمل لا يسد جوع بطون أسرهم التى تئن فى بيوت هشة قسا عليها الفقر.

تدور الشمس فى كبد السماء فى تمام الواحدة ظهرًا، فوق رؤوسهم العارية، وهم يعملون فى همّة، يتصبب العرق ملحًا فوق عيونهم الحزينة وشفاههم المتشققة عطشاً، راغبين فى لقمة عيش حلال، قلّ الأجر أو كثر لا يهم، فاليقين فى بركة الرزق تؤمن مكائد الحياة. 

أراض شاسعة على امتداد البصر مدببة بجذور قمح، كشظايا زجاج، يهرولون فوقها بأقدام «حافية» وأفضلهم حظاً يحمى قدميه بحذاء بال مزقته أيام العمل وليالى الشقاء، ورغم ذلك لا يشغلهم سوى عملهم، وهو ضم عيدان القمح وتقديمها إلى آلة الدرس لفصل القمح عن العيدان، وتعبئته فى أجولة. 

فى أحد حقول القمح، بإحدى قرى مركز العياط، أقصى محافظة الجيزة، التقت الوفد بفرسان حقول القمح.. أول من التقينا صاحب «الدراس». . رجل طويل القامة عريض المنكبين تكسو الحُمرة وجهه، تجاوز الخمسين من عمره، قال: حصاد القمح موسم ولكنه أشغال شاقة، لعمال القمح الذين يتولون حصاده ودرسه»

وأضاف» يبدأ موسم الحصاد باستخدام العمال آلة حادة «الشرشرة» لحصد عيدان القمح بفصلها عن جذورها المغروسة فى تراب الأرض، ويكون بداية عملهم بعد غروب الشمس لتقليل الفاقد من سنابل القمح وعدم تكسير العيدان. 

ويتدخل عامل فى الحديث فيقول: نحصد القمح بـ«الشرشرة» ثم نجمع عيدانه فى حزم متوسطة الحجم نربطها بعناية، وتتركها فى مكانها حتى تجف وتحمصها الشمس تمامًا، ويكون ذلك مع بداية شهر أبريل.

ويضيف: «بعد أن تجفف الشمس عيدان القمح المحصود، نجمع حزمه المربوطة إلى جوار بعضها البعض، بوضع كل أربعة منها فى مقابل بعضها البعض، ونظل فى تجميع حزم القمح حتى نكون جرن القمح ويكون المحصول كله حول بعضه واقفا على جذوره، بجوار بعضه بعضاً، وفى اليوم التالى يتم عملية درس القمح، وهى المرحلة الأخيرة للحصول على غلة القمح، التى توضع فى «شكاير»، ويتم ربط كل منها ليسهل حملها ونقلها إلى المنازل». 

ويواصل: من الأفضل ضم القمح خلف «الدراس» يوم الحصاد، ثم «مناولته» إلى عامل الدراس مباشرةً، فى عملية ضم القمح ونقله أكثر من مرة تكسر سنابل القمح. 

وعلى مقربة من آلة الدرس وقف عامل، هلل مرحبًا، ثم بدأ فى سرد حكايته وزملائه مع حقول القمح فقال: نحن الذين رضينا بـ «الشقا» ولكنه لم يرض بنا، جئنا نعمل فى هذا العمل الشاق من أجل الأبناء، لنوفر لهم فى نهاية اليوم ما يكفى لإطعامهم.

 والتقط منه طرف الحديث عامل آخر كان يقف بجواره، وكان ذا بنية جسدية هزيلة ويعانى ضعف النظر فقال: كان بصرى حاداً، ولكن أتربة وغبار «درس القمح» وراء أوجاع عينى، والعرق وحرارة الشمس، تكاد تحرقهما حرقاً، ولكن ما باليد حيلة، ويجب أن أعمل فأنا لا أملك أرضاً وليس لى وظيفة أخرى. 

استراحة تحت الشمس

كان حديثنا معهم عابراً واقفين على الأقدام خلال عملهم على الدراس، وبعد برهة من الوقت، افترش عمال الحصاد الأرض فى استراحة قصيرة، تحت عين الشمس الحمئة، يجففون عرقهم، ويمسحون الغبار عن أعيونهم، ويتبادلاون الحديث ويرتوون بالماء، ليخففوا من لهيب العطش الذى يكاد يحرق جوفهم كانوا يجلسون وبجوارهم «راكية نار» يغلى فوقها الماء، فيما يعد كل منهم الشاى والسكر فى كوب زجاجى انتظاراً لصب الماء الساخن عليه، لشرب الشاى الذى يعتبرونه أمراً أساسياً أثناء العمل، وأثناء جلسة الشاى، واصل أحد العمال الحديث عن حاله وزملائه، فقال:

مكتوب علينا الشقا، وأن نجنى الخير لغيرنا، وأجرنا لا يسمن ولا يُغنى من جوعٍ، فقط 100 جنيه يحصل كل واحد منها عليه بعد عمل ثمانى ساعات من العمل الشاق، قد تقل أو تكثُر. 

ويواصل عامل آخر: إذا كان صاحب الأرض الذى نعمل عنده من أهل الكرام « يراضينا» ويعطينا بعض القمح إضافة إلى الأجر، والبعض يزيد فيقدم الطعام والأجر والغلة. 

وأضاف عامل ثالث: مائة جنيه مقابل عمل ساعات طويلة لكى نلبى مطالب أطفالنا. 

إنتاجية الفدان

سألنا صاحب الأرض عن إنتاجية فدان القمح هذا العام، فقال: الرزق من الله كله خير، وأغلب الأراضى القديمة تنتج ما بين17 أو 18 أردب قمح للفدان، (الأردب يعادل 150 كيلوجراماً) أى 3 أطنان للفدان. 

وعن توريد القمح للحكومة قال: الحكومة حددت سعر كيلو القمح بــ 9.75 جنيه، فى حين أنه يباع فى الأسواق الحرة بــ 15 و16 جنيهاً، وسعر الحكومة لا يغطى تكلفة ولا شقا الفلاح وأسرته طول موسم الزراعة، والمستأجر خسارته أكبر لأنه يدفع إيجار وأسمدة وتقاوى غير شقاه وتعبه فى زراعة الأرض ورعاية الزرع. 

توريد القمح 

ويقول حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين الزراعيين، إن الحكومة لا تجبر الأهالى على توريد القمح.

ويواصل: الفلاحون زرعوا القمح وكان السعر الذى أعلنته الحكومة هو ألف جنيه للأردب، وفى منتصف الموسم وصل إلى 1500 جنيه، أى أن الحكومة أضافت 500 جنيه لكل أردب بعد الاتفاق الأول الذى سبق الزراعة، والحكومة ليس عليها ملامة فى المسألة.

وواصل: الوضع الاقتصادى السبب الرئيسى فى إحداث هذه البلبلة ورفع أسعار الحبوب الأخرى، بالتالى ارتفعت أسعار القمح، ويؤكد: أن الحكومة تأخذ القمح من اجل صنع رغيف الخبز أو مكرونة. 

وأشار نقيب الفلاحين إلى أن الحكومة سعرت أردب القمح بــ 1500 جنيه، والذى يزن 150 كيلو من القمح، وبالتالى سعر الكيلو 10 جنيهات، بينما القمح الذى يباع فى الأسواق الحرة « القمح البلدى»، وقمح المكرونة يُباع فى الأسواق بــ 1450 جنيهاً للأردب، وأقل من سعر الحكومة. 

وبسؤاله عن كميات القمح التى وصلت إلى صوامع الحكومة حتى الآن، قال « أبوصدام»: إنه وصل إلى صوامع الحكومة نحو مليونى و600 ألف طن قمح تقريبًا، والكمية فى زيادة، لأن هناك توريداً للصوامع يوميًا. 

وقال: كميات القمح التى تم توريدها قليلة بالنسبة لهذا الوقت، خاصة مع اقتراب انتهاء موسم الحصاد، لأن ارتفاع الحبوب الأخرى تسبب فى تباطؤ عملية توريد القمح إلى حد ما. 

ويضيف: غالبية الفلاحين تقول نخلى القمح للبيت بدلاً من شرائه مرة أخرى بأسعار السوق الحرة، ومن معه المال لا يرغب فى التوريد من الأساس. 

وتابع: الحكومة تستورد القمح الأوكرانى والروسى بأقل من أسعار التوريد داخل مصر، لذلك يمكن الاستعاضة عن الكميات الناقصة من عمليات التوريد من الفلاحين بالاستيراد، والقمح الروسى أرخص من المصرى، ولكن أسعار الردة أعلى من أسعار القمح فى الأسواق، لذلك يجب على الحكومة إعادة النظر فى أسعار الردة ودعم الفلاح وتوفير حوافز له تشجعه على توريد القمح عبر مساواة الأسعار بأسعار السوق الحر، ومنحه ردة وأسمدة مدعمة، من أجل تحسين أحوال الفلاح المصرى وتشجيعه على مزيد من الإنتاج.

 

قمح توشكى والعوينات.. بشائر خير المشروعات الجديدة

البحوث الزراعية: 5 أصناف جديدة و7 آلاف حقل إرشادى لرفع إنتاجية الفدان

القمح موال مصرى، وهو ككل موال حزين ولكنه ملىء بالحكمة ويبشر بالأمل.. ويعتبر القمح المصرى من أجود أنواع القمح فى العالم، وعملت الدولة على التوسع فى مساحة الأراضى المنزرعة بالقمح، ليصل إجمالى عام 2022/2023 إلى 3.2 مليون فدان، وفى مقدمة تلك المشروعات، مشروع توشكى الخير والذى شهد زراعة 150 ألف فدان من القمح، إلى جانب مشروع شرق العوينات، ويشمل زراعة 146 ألف فدان من القمح.

وتبلغ مساحة القمح المنزرعة فى مشروع مستقبل مصر الذى يعتبر باكورة مشروع الدلتا الجديدة 70 ألف فدان، فضلاً عن مشروع الفرافرة وتبلغ مساحة الأراضى المنزرعة من القمح به 4500 فدان، إلى جانب مشروع عين دالة وتبلغ مساحة الأراضى المنزرعة من القمح به 4000 فدان. 

صوامع القمح

وبلغ عدد صوامع القمح نحو 75 صومعة خلال العام الجارى 2023، بالإضافة إلى تنفيذ 60 صومعة حقلية بسعة 10 آلاف طن للواحدة، فضلاً عن بلوغ السعة التخزينية للصوامع 3.6 مليون طن عام 2023.

وتعمل الدولة على التوسع الرأسى فى مشروعات تحسين إنتاجية القمح، والتى تشمل التوسع فى توفير التقاوى من خلال استنباط وهجن أصناف من القمح، واستنباط مركز البحوث الزراعية نحو 5 أصناف جديدة تصل بإنتاجية الفدان إلى أكثر من 20 أردبًا، إلى جانب التوسع فى إنشاء الحقول الإرشادية، التى وصلت إلى 7 آلاف حقل إرشادى فى المناطق الأكثر زراعة للقمح وهى منصة مهمة لتوعية الفلاح، فضلاً عن إطلاق الحملات القومية التى تستهدف نقل فكر الحقول الإرشادية للمزارعين.

وزادت حوافز توريدات القمح وجهود تنظيم عمليات التوريد عام 2022/2023، وشملت حوافز الدولة لتشجيع المزارعين على توريد القمح لموسم 2023، عبر تخصيص 45 مليار جنيه، لشراء القمح المحلى من المزارعين بزيادة أكثر من 19 مليار جنيه عن العام الماضى، وبلغ إردب القمح فى موسم 2023، نحو 1500 جنيه للأردب، مقارنة بــ و820 جنيها للأردب فى موسم 2022. 

نقاط استلام القمح

وتشمل جهود تنظيم عملية التوريد وزيادة عدد نقاط استلام القمح،420 نقطة تجميع لاستقبال الأقماح من الموردين لموسم 2023، بالإضافة إلى توفير عمليات الدفع للمزارعين إلكترونيًا وبشكل فورى خلال 48 ساعة.

وزادت مؤشرات تحسن القمح فى مصر بنسبة 8%، العام الجارى، كما زادت التغطية من التقاوى المعتمدة لمحصول القمح بمقدار 35 نقطة مئوية، لتصل إلى 70% عام 2022/2023، مقابل 35% فى المواسم الماضية. 

السيسى يفتتح مشروع شرق العوينات 

وافتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى، افتتاح موسم حصاد القمح عبر مشروع شرق العوينات ومصنع البطاطس، ويؤكد أنه حال حدوث أى أزمة فى سلاسل التوريد الخاصة بالقمح.

ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسى، رجال الأعمال والمستثمرين، للعمل فى المشروعات الجديدة، مؤكدًا أن مشروع شرق العوينات متاح لكن بشروط الحفاظ على حجم الأراضـى بالدورة الزراعية التى تخدم المحاصيل الاستراتيجية.      

المشروعات الزراعية الجديدة

ويؤكد الرئيس، أن المشروعات الزراعية الجديدة، ستوفر فرص عمل للشباب عبر استصلاح مليون فدان والتصنيع الزراعى، ويضيف الدولة المصرية تهتم بالتصنيع الزراعى وفق أحدث الأبحاث والدراسات وفى إطار تلبية احتياجات السوق. 

مشيرا إلى أن الدولة المصرية تسعى للحصول على مليون طن قمح من المشروعات الزراعية الجديدة فى توشكى والعوينات، ويؤكد أن الدولة تدفع ٤٠٠ مليون دولار سنويًا فاتورة استيراد القمح. 

القطاع الخـاص

ووجـه السيسى الدعوة إلى القطاع الخـاص ورجـال الأعمال والمستثمرين المهتمين بالاستثمار الزراعى بالمشاركة فى المشروعات الزراعية بتوشكى وشرق العوينات وعين دلة، بقوله: «رجال الأعمال والمستثمرون المهتمون لديهم الفرصة.. المشوار الكبير والصعب إحنا خلناه دلوقتى بقى متاح». 

يعمل فى المنطقة 22 شركة استثمارية، تزرع مساحات شاسعة تُقدر بـ220 ألف فدان بالمحاصيل المتنوعة على آبار المياه الجوفية، والمستهدف الوصول بحجم الرقعة الزراعية إلى مليون فدان بمنطقة شرق العوينات بحلول عام ٢٠٣٠.