رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

من 400 إلى 5 آلاف جنيه شهرياً:

دور الحضانة «بيزنس» استغلال المرأة العاملة

حضانة
حضانة

الصيف موسم الرعب من الحضانات بسبب الأمراض.. والأمهات «ما باليد حيلة» 

سلامة التراخيص.. وجود كاميرات مراقبة.. النظافة وسهولة التواصل.. أهم شروط الأمهات 

12 ألف حضانة غير مرخصة والسجن والغرامة عقوبة أصحابها

مع زيادة الأعباء الحياتية على المرأة ولجوئها للعمل الذى لم يعد الاستغناء عنه أمراً سهلاً، وجدت العديد من النساء العاملات أنفسهن أمام مشكلة كبيرة ألا وهى أزمة دور الحضانة التى توفر الرعاية الجيدة لأبنائهن، ومع قدوم فصل الصيف تزداد الأزمة أكثر فمن ناحية تظهر بعض الأمهات إلى إلحاق أطفالهن الذين كانوا فى الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية بهذه الدور، خوفاً من بقائهم فى المنزل وحدهم، ومن ناحية أخرى تزداد مخاوفهن بسبب أمراض الصيف وسهولة انتقالها بين الأطفال، ليصبح البحث عن حضانة آمنة ونظيفة وسعرها معقول مهمة صعبة تؤرق معظم السيدات العاملات فى مصر.

تبدأ معاناة معظم السيدات العاملات منذ انتهاء إجازة الوضع إذ تضطر غالبية الأمهات للعودة إلى العمل، لتجد نفسها تدور فى دائرة البحث عن مكان ذى مواصفات خاصة تأمن فيه على فلذة كبدها، خاصة فى غياب الجدة أو تلك التى تقدر على رعاية الطفل، وتكون الأم أمام خيارين، أما ترك رضيعها بالحضانة أو إحضار مربية بالمنزل، الأمر الذى يتطلب تخصيص ميزانية مناسبة تضمن لها الشعور الأمان تجاه من يحتضن ابنها خلال فترة غيابها عنه وانشغالها فى عملها. 

وفى وقتنا الحالى أصبحت أسعار الحضانات أزمة تؤرق كل بيت بعد أن تحولت إلى بيزنس فى العديد من المناطق، وهو الأمر الذى دفع عدداً كبيراً من السيدات للتأكيد على أهمية تفعيل مقترح إنشاء دور للحضانة فى مقر العمل لاستضافة أبناء العاملين سواء فى الجهات الحكومية أو الخاصة.

ومع رصد أسعار الحضانات غير المرخصة بكل منطقة وجدنا تفاوتاً كبيراً فيها بين المناطق الشعبية والراقية، والتى قد تصل لـ5 آلاف جنيه شهرياً بالتجمع الخامس وأكتوبر ومصر الجديدة ومدينة نصر، فى حين تتراوح بين 400 إلى 2500 جنيه شهرياً للطفل الواحد فى أحياء المعادى والهرم والمنيل للحضانات الجيدة، بينما متوسطة الخدمة تتراوح أسعارها بين 500 و1000 جنيه شهرياً، فى حين تظل الحضانات الشعبية هى الأرخص والأنسب لميزانية معظم الأسر رغم تراجع نسب الأمن والسلامة فيها مقارنة بالآخرى.

لجنة وطنية

وبعد توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى للجهات المعنية بشأن توفيق أوضاع الحضانات من خلال اشتراطات تراخيص الحضانات، من أجل مكافحة أى عنف قد يمارس ضد الأطفال بكافة صوره وأشكاله المختلفة، سواء كان هذا العنف داخل حضانة مرخصة أو غير مرخصة، أعلنت وزيرة التضامن الدكتورة نيفين القباج تشكيل لجنة وطنية مكونة من 14 وزارة معنية؛ لمنح التراخيص لدور الحضانة وتيسيرها وحصر عددها ووضع معايير محددة بشأن تراخيصها، وذلك لتغير الواقع المعاش لهذه الفئة من السيدات العاملات، فوزارة التضامن هدفها الدائم مساعدة الناس على تخطى مشكلاتهم وتقديم الدعم والعون، كما أعلنت وزيرة التضامن الاجتماعى عن نحو 14800 حضانة مرخصة مقابل 12 ألف غير مرخصة أى تقريبًا نصف العدد الإجمالى. 

وعلى الرغم من ذلك فإن للحضانات إيجابيات وسلبيات، بحسب روايات أولياء الأمور حيث نشر ولى أمر على إحدى صفحات التواصل الاجتماعى أن ابنه كان ضحية لواحدة من الحضانات غير مرخصة، فبعد أن انفصل عن زوجته وجد نفسه مسئولاً عن طفله البالغ من العمر 3 سنوات ولم يكن قادراً على الاعتناء به بشكل دائم بسبب عمله، فاضطر للاستعانة بحضانة قريبة من منزله فى مدينة 6 أكتوبر، إلا أنه بعد فترة، لاحظ إصابة الطفل بحالة من الإعياء الشديد والصمت طوال الوقت دون الإفصاح عما حدث له، فنصحه بعض المقربين بالذهاب لطبيب نفسى الذى أخبره بأن الطفل تعرض لاعتداء جنسى داخل الحضانة، ما جعله يدخل فى حالة صدمة واكتئاب منعته من القدرة على التعبير عما حدث له من قبل مالك الحضانة الذى استغل انشغال الأب عن الطفل وكان يقضى معه وقتاً طويلاً داخل مكتبه الخاص بعد انصراف الأطفال والمشرفين من الحضانة.

لم يستوعب الأب ما كشفه الطبيب بعد الجلسات النفسية التى نجح الطبيب خلالها من اكتشاف ما عاشه الطفل داخل الحضانة، ليتجه الأب مسرعًا إلى قسم شرطة ثالث بمدينة 6 أكتوبر ويحرر محضرًا ضد مالك الحضانة، وحينها بدأت الجهات المعنية التحقيق وشكلت وزارة التضامن الاجتماعى لجنة مختصة لتقصى الأمر وأثبتت أن الحضانة غير مرخصة. 

وأشارت «منال» - ولية أمر- إلى أنها جربت العديد من الحضانات ولكنها لم تجد فيها الرعاية والاهتمام الكافى، لذلك قررت توفير مربية له بالمنزل رغم تخوفها مما تسمعه وتقرأ عنه حول الجرائم التى ترتكب فى حق الأطفال، مضيفة أن ظروف عملها جعلتها مضطرة لترك طفلها الوحيد فى إحدى النارين، إما الحضانة أو المربية، ورغم أنها تدفع لها مبلغاً كبيراً من المال إلا أنها تخرج من عملها باكراً فى كثير من الأحيان، وأحياناً أخرى تغيب عن العمل خوفاً على أبنها، مبينة أن ذلك سبب لها العديد من المشكلات فى عملها، ما يجعلها عرضة للاستغناء عنها، ولكن ما باليد حيلة فصحة الابن أهم. 

معايير اختيار الحضانة

تقول رنا محمد ولية أمر الطفلة تيا، إن اختيار الحضانة أمر ليس بالسهل والبحث عن المواصفات المناسبة أهم، فدخول الطفل الصغير الحضانة يكون هو المرة الأولى التى يبعد فيها الصغير عن والديه لساعات، يتعامل خلالها مع أشخاص غرباء، لذا أن يتم اختيار هذا المكان بعناية وبمواصفات محددة للتأكد من سلامة الطفل.

وأوضحت رنا أنه من الأولويات عند اختيار الحضانة: زيارة المكان والتأكد من مطابقة الحضانة للمواصفات واشتراطات التراخيص وخضوعه لإشراف ومراقبة وزارة التضامن الاجتماعى، والتأكد أيضاً من كيفية تعامل العاملين فى الحضانة مع الأطفال وتوفير وسائل الحماية من العدوى أو التعرض لأى خطر، بالإضافة إلى الحفاظ على النظافة الشخصية والعامة لضمان أمن وسلامة الطفل بالشكل الكافى، وكذلك ضمان أنه سيتعلم شيئا مفيدا.

وأشارت إلى ضرورة التأكد من وجود كاميرات مراقبة وأفراد أمن باستمرار، وسهولة التواصل مع العاملين فى الحضانة سواء من خلال الهواتف أو وسائل التواصل الاجتماعى فى أى وقت للحفاظ على أمن وسلامة الأطفال.

 وأكدت رنا أيضاً ضرورة متابعة تصرفات الطفل وحالته الصحية وإذا كان فى سن تسمح بالتحدث، قائلة: «اسأليه عن يومه.. فإذا كان الانطباع جيداً استمرى، إذا لاحظتِ اكتسابه عادات خاطئة أو حالته الصحية ليست على ما يرام فتوقفى عن إرساله فورا»، لافتة إلى أن هذه الشروط تجعل من اختيار الأم للحضانة أمراً مرهقاً بدنياً ونفسياً وذهنياً ومادياً بعدما تحولت الحضانات لبيزنس كبير، ومع ذلك تجد الأم نفسها مجبرة على دفع مبلغ كبير من المال من أجل سلامة ابنها أو ابنتها والاطمئنان عليه. 

الوقاية من الأمراض

وأكد الدكتور وجدى جرجس، استشارى الأطفال وحديثى الولادة، أن الأطفال يتعرضون يومياً للعديد من الجراثيم عند الذهاب للحضانة، وهذا ليس ناتجاً عن الحضانات فى حد ذاتها، ولكن لأن الأطفال دائماً يضعون أيديهم وألعابهم المتسخة فى أفواههم، وقد يقومون بوضع أيديهم على عيونهم أو أفواههم، كما أن اختلاطهم بأطفال مرضى يسهل من إصابتهم بالأمراض المختلفة التى تنتشر بسرعة بين الأطفال. 

وأوضح الدكتور وجدى أن أشهر الأمراض التى تنتشر بين الأطفال منها: نزلات البرد، التهابات الجهاز التنفسى، التهاب العين واحمرارها، التهاب المعدة والأمعاء والنزلات المعوية، الجديرى المائى، وحشرات الرأس خاصة للفتيات.

وعن طرق حماية الأطفال من هذه الأمراض، أشار إلى أن دور الآباء فى حماية أطفالهم هام للغاية وذلك بالاهتمام بالنظافة الشخصية للطفل، تشجيع وتعليم الأطفال على غسل أيديهم بالماء والصابون خاصة قبل تناول الطعام، منح الطفل التطعيمات التى تحفز جهاز المناعة لديه ضد الأمراض، تعليم الطفل عدم لمس الوجه والعين والأنف، عدم الاقتراب من الأطفال المصابين بأى عدوى، تنظيف أدوات الطفل وألعابه جيداً بالمنزل، اتباع نظام غذائى صحى للأطفال لتعزيز الجهاز المناعى، الاهتمام بالملابس بصورة تؤدى إلى تدفئة الطفل جيداً فى فصل الخريف والشتاء، توفير قسط كاف من النوم للأطفال، ممارسة الرياضة والأنشطة الاجتماعية، والمتابعة الدورية لصحة الطفل مع طبيب الأطفال لضمان نموه وتطوره. 

كما أن للحضانة دوراً مهماً أيضاً بحسب الدكتور وجدى وذلك من خلال الالتزام بالاشتراطات الواجب توفرها لسلامة وصحة الأطفال بحسب قوانين إنشاء الحضانات، وجود شخص مؤهل ومدرب على أساليب مكافحة العدوى، تخفيض عدد الأطفال حفاظاً على التباعد الاجتماعى، توفير كاشف حرارى عن بعد لقياس درجة حرارة العاملين والأطفال بالحضانة يومياً، عدم السماح بدخول أى فرد تظهر عليه أعراض إصابة، منع استخدام الألعاب المصنوعة من الأقمشة وأوراق التلوين، خلع الأحذية عند باب الحضانة، التزام العاملين بإجراءات مكافحة العدوى، دخول الأطفال بحقيبة جلد بها أدوات النظافة الشخصية يحتوى على «صابون، فوطة، مناديل، ومطهر»، تخصيص غرفة عزل طبى للمصابين لحين اتخاذ الإجرائات اللازمة، غلق الحضانات غير المرخصة، اتباع معايير صحة وسلامة الأطفال، توفير الحماية للأطفال من العدوى والأذى والإساءة والتنمر والاستغلال، تثقيف الأطفال حول المخاطر والأوبئة التى يواجهونها، وتعقيم كل الأشياء التى تلامس الأطفال.

وبسؤال استشارى الأطفال وحديثى الولادة عن التعرض للجراثيم بصورة متكررة ودوره فى تعزيز جهاز المناعة عند الأطفال، أجاب بقوله: من الناحية النظرية فهذا صحيح فبمجرد تعرض الطفل للجراثيم يقوم جهاز المناعة بمكافحة هذه الجراثيم وتتولد لديه أجسام مضادة لها، موضحاً أن بعض الڤيروسات لديها سلالات عديدة، مثل ڤيروس الإنفلونزا، والإصابة به لا تمنع تكرار الإصابة.

وأضاف الخلاف دائماً يكون بين الحاجة للنظافة للوقاية من الأمراض والحاجة إلى التعرض للميكروبات والجراثيم التى تعزز المناعة، فبعض العلماء ينصح بعدم حجب الأطفال عن الحياة العامة وما بها من جراثيم معللاً ذلك بأن هذه الجراثيم لها دور مهم فى تحفيز جهاز المناعة.

وشدد دكتور وجدى جرجس على ضرورة الفصل بين الطفل المريض وباقى الأطفال، فلا ينامون معاً فى نفس الغرفة، مع عدم مشاركة الأغراض الشخصية بين الأطفال كالأكواب والملاعق والفوط وعدم لمس الأطفال للأماكن التى تنقل العدوى، مثل الأرض، الموائد، الكراسى، مقابض الأبواب والشبابيك والألعاب.

شروط

ولتدارك الكوارث الناتجة عن دور الحضانة وضعت وزارة التضامن الاجتماعى شروطاً معينة لإقامتها رصدتها الخبيرة القانونية داليا عبدالمطلب وهى: التوجه للإدارة الاجتماعية التى تقع الدار تحت نطاقها الجغرافى، والإقرار بإعداد لائحة داخلية للحضانة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدور الترخيص، وإذا كان مقر الحضانة مؤجرًا، فإن مدة عقد الإيجار لا تقل عن 5 سنوات، بالإضافة إلى وجود إقرار بعدم سبق الحرمان المؤقت أو النهائى لصاحب الحضانة من إدارة مؤسسة تربوية، وأن تقع الحضانة بالدور الأرضى وتكون المساحة مناسبة ويفضل وجود حديقة بها، فضلاً عن موافقة سكان العقار على إقامتها.

وأشارت إلى أنه من بين الشروط أن يتم ملء بيانات نموذج طلب استخراج ترخيص للدار، وتقديم صور مستندات إثبات الشخصية وصورة بطاقة الرقم القومى لصاحب المشروع، كما يتم تقديم أصل صحيفة الحالة الجنائية «فيش وتشبيه»، وتقديم نسختين من عقد الملكية أو الإيجار لمقر الحضانة، والحصول على تقرير من الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية المختصة التابع لها المقر للتأكيد على صلاحية المبنى إنشائياً ليكون مقراً لدار حضانة أطفال، كما لا بد من الحصول على تقرير من الدفاع المدنى بصلاحية المقر.

وبشأن العقوبة القانونية لإنشاء حضانة بدون ترخيص قالت داليا عبدالمطلب: أن المادة 44 من قانون الطفل نصت على أن يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أنشأ أو أدار دارًا للحضانة أو غير فى موقعها أو مواصفاتها قبل الحصول على ترخيص من السلطة المختصة.

وأضافت الخبيرة القانونية أن العقوبة تكون الحبس مدة لا تقل عن سنة إذا لم يتوافر فى الدار أحد الشروط المقررة بالبنود 1، 2، 3 من المادة (34) من هذا القانون، كما يجوز للنيابة العامة بناء على طلب مديرية الشئون الاجتماعية أن تأمر بإغلاق الدار المنشأة بغير ترخيص مؤقتًا لحين الفصل فى الدعوى، ولصاحب الدار أن يتظلم من هذا الأمر إلى القاضى الجزئى المختص خلال أسبوع من إخطاره به.