رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

إخفاء الإصابة بالأمراض يهدد ببطلان العقود:

غش الزوجية!!

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

«منى» اكتشفت مرض زوجها بعد 5 سنوات عِشرة.. و«محمد» يفكر فى الطلاق بسبب مرض زوجته 

شهادات الفحص الطبى «المضروبة» حولت المبادرات إلى «حبر على ورق» 

الكشف المبكر عن الأمراض النفسية أهم لحماية الأسرة من التفكك

خبراء: ما بنى على باطل فهو باطل.. ومن حق الزوج المتضرر فسخ العقد 

 

حكايات أغرب من الخيال وروايات تحدث خلف الأبواب المغلقة وقصص مليئة بالأسرار الخفية حول الزواج، ذلك الرباط المقدس القائم على المشاركة والصدق والصراحة والمودة والرحمة، إلا أن بعض الأزواج يختارون الكتمان والغموض وإخفاء الحقائق تجنبا لأى رفض أو تراجع فى استكمال المشروع الذى لا يخصهم وحدهم، بل من الممكن أن يؤثر بالسلب على مستقبل الأسرة بالكامل.

فى الكثير من حالات الزواج، وبعد فترة قصيرة يفاجأ أحد الزوجين أن الآخر يحتاج إلى رعاية طبية مستمرة بسبب معاناته من مرض مزمن لم يُصرح له به قبل الزواج، والأخطر من ذلك إن كانت أمراضا نفسية تحتاج إلى علاج، فالشخص الذى كان يبدو بكامل قواه العقلية أثناء فترة الخطوبة، فجأة يعانى من أمراضٍ نفسية بحاجة إلى تعاطى العقاقير والأدوية والرعاية والمعاملة الخاصة لعلاج هذه الاضطرابات. 

وبعد الاكتشاف يكون الزوج أو الزوجة الذى اكتشف حقيقة مرض شريك حياته فى حالة من الصدمة والحسرة، خاصة إذا كان هذا المرض يحتاج إلى علاج طويل الأمد، ويكون فى حيرة ما بين الاستمرار فى الزواج وتحمل الرحلة بما فيها، أو ينفصلان ليضيع الحلم الجميل وتزيد حالات الطلاق أكثر وأكثر.

على جانب آخر تستمر جهود الدولة فى إطلاق المبادرات للكشف الصحى على المقبلين على الزواج بهدف بناء أسرة صحية سليمة خالية من الأمراض، لها مستقبل أفضل على المستوى الصحى والنفسى، والحد من فرص الإصابة بالأمراض الوراثية والمعدية، والتى تؤدى إلى إنجاب أطفال مشوهين أو مصابين بأمراض خطيرة.

وتستهدف مبادرة الكشف على المقبلين على الزواج المصريين وغير المصريين المقيمين على أرض مصر، لإجراء الفحص الطبى، واستخراج الشهادة الصحية، مع ضرورة إجراء التحاليل قبل موعد إتمام الزواج بمدة لا تقل عن 14 يومًا.

وتشمل المبادرة حزمة من الفحوص الطبية للكشف عن العديد من الأمراض المعدية وغير السارية، للتأكد من خلو المقدمين على الزواج من تلك الأمراض التى قد تؤثر عليهما فى المستقبل أو احتمالية انتقال الأمراض بينهما، وتشمل هذه الفحوص الكشف عن أمراض (السكر، ارتفاع ضغط الدم، والسمنة)، وكذلك الأمراض المعدية مثل (فيروس بى، وسى، وفيروس نقص المناعة البشري)، بالإضافة إلى إجراء تحاليل فصيلة الدم، وRh، والهيموجلوبين.

 وفى حالة اكتشاف الإصابة بأى أمراض يتم تطبيق نظام الإحالة وتوجيه الطرفين لتلقى الخدمات الطبية والعلاج اللازم، بما يحد من مضاعفات الإصابة للطرف المصاب، وكذلك منع انتقال العدوى بينهما، وفى حالة سلبية جميع الفحوصات يتم تشجيع الطرفين على وضع خطة للوقاية من الأمراض غير السارية والأمراض المعدية.

 ‏ 

مشاكل بعد الزواج ‏

 

لم أعد احتمل كل ما يحدث لى، ولم أعد احتمل حياتى، ولا الألم الذى أشعر به، الذى أصبح كالحبل حول عنقى.. بهذه الكلمات وصفت منى البالغة من العمر 35 عاماً حالها، بعد أن تزوجت بعد حب استمر لمدة خمس سنوات، إلا أنها لم تعد تحتمل المعاناة بعد اكتشاف مرض زوجها المزمن والذى أخفاه عنها خوفا من تركه فبدأت حالته الصحية تتدهور، قائلة: أنا الآن أصبحت تائهة لا أعلم ماذا أفعل بعد خداعى فقد كان أقرب لى من نفسى فهل اتركه وحيدا فى أكثر وقت يحتاجنى أم أكمل حياتى معه؟.

أما محمد فيقول إنه بعد الزواج اكتشف أن زوجته تعانى من عدة أمراض وتعالج منها واخفت عنه هى وأسرتها حقيقة هذا المرض قبل الزواج، وفجأة وجد نفسه مضطراً للانتقال بها من طبيب إلى آخر ما جعله يشعر بأنه تعرض للخداع، متسائلاً إذا كان يحق له أن يطلقها لأنها لم تصارحه بمرضها قبل الزواج؟

ويحكى إسلام انه بعد 4 أشهر اكتشف بأن زوجته مريضة مرضًا نفسيا وإنها كانت تتناول أقراصاً لعلاج هذا المرض لمدة 6 سنوات، وبعد الزواج بثلاثة أشهر حدث حمل وهى فى الشهر الثالث الآن، وبسبب انقطاعها عن الدواء ظهرت عليها علامات وأعراض مثل: الانتحار، وأشياء أخرى قائلا: أنا الآن لا اريد أن ابقى معاها لأنها لا تؤتمن على نفسها، وفى نفس الوقت لا اريد أن اظلمها أو اظلم الطفل المنتظر

 

شراء الشهادات كارثة 

 

قالت ريهام أحمد عبدالرحمن الباحثه فى الارشاد النفسى والتربوى بجامعة القاهرة أن هناك العديد من المبادرات التى تقدمها الدولة لفحص المقبلين على الزواج من الناحية الصحية والنفسية، ورغم أن هذه المبادرات قوبلت بحماس كبير من الشباب، إلا أنها أصبحت مجرد حبر على ورق، حيث يتم شراء الشهادات فى حالة من غياب الوعى الكامل بضرورة الفحص الصحى والنفسى للمقبلين على الزواج بهدف تقليل فرص تعرض الأجيال القادمة للإصابة بالأمراض الوراثية، والكشف عن الأمراض المعدية، مثل: فيروس التهاب الكبد C أو B، فيروس نقص المناعة البشرية، الثلاسيميا، الهيموفيليا وغيرها من الأمراض التى يستوجب معها الفحص الطبى واتخاذ الاجراءات اللازمة.

وأضافت أن عدم الاهتمام بالفحص الطبى وشراء الشهادات الطبية مقابل مبلغ مالى يعرض مستقبل الأسرة للتفكك والانهيار وتعرض الأطفال للإصابة بالأمراض الوراثية الخطيرة، وفى بعض الحالات الحرمان من الإنجاب، بالإضافة إلى احتمالية الإصابة بمضاعفات خطيرة أثناء الحمل بسبب اضطرابات الغدة الدرقية، وفقر الدم، وأمراض السكر والمناعة وغيرها من الأمراض المزمنة.

وشددت ريهام عبدالرحمن على ضرورة الاهتمام بالفحص النفسى للمقبلين على الزواج وسط مجتمع انتشرت فيه الأمراض النفسية، رغم أن هذا الفحص يعد أحد أهم الفحوص التى لابد أن تجرى للزوجين لمنع حدوث الجرائم الزوجية، وللحد من زيادة نسب الطلاق، ولتجنب الخلافات الزوجية التى ينشأ عنها أبناء غير أسوياء نفسياً وقد يحملون نفس الجينات والمرض النفسى وراثيا.

وأشارت إلى أن التوافق الزواجى لا يعنى التوافق الصحى فقط، فقد تكون الأجساد سليمة ولكن العقول والقلوب خربة وبالتالى فالتوافق يبدأ بالتوافق الفكرى والنفسى ثم الاجتماعى، وهذا بالطبع سيظهر عند خضوع الطرفين للكشف النفسى الذى يضمن لهم الخلو من الأمراض النفسية التى تنتقل بالوراثة، مثل: مرض الفصام Schizophrenia، اضطراب ثنائى القطب bipolar Disorder، الاكتئاب الحاد، التوحد، تشتت الانتباه وفرط الحركة وغيرها. 

واستكملت حديثها مؤكدة ضرورة قيام وسائل الإعلام والمجتمع المدنى والجامعات بدورها حيث إنها تلعب دوراً كبيراً ومهماً فى التوعية بأهمية الكشف المبكر عن الأمراض النفسية والصحية لضمان حياة زوجية مستقرة تخلو من الصراعات والمفاجآت الصادمة.

الواقع أكد أن كلام الدكتورة ريهام جزء من الحقيقة فقد كشفت لنا س.ع أنها توجهت للوحدة الصحية القريبة من منزلها لإجراء فحوص ما قبل الزواج هى وخطيبها، فما كان من العاملين بالمركز إلا أن قالوا لها ألف مبروك طالبين منها مبلغاً من المال و«حلاوة» الزواج وطلبوا منهما أن يعودا بعد أسبوع للحصول على الشهادات دون إجراء أى تحاليل أو فحوص تذكر.

 

حكم الدين

وبسؤال الدكتور إبراهيم أمين من علماء الازهر الشريف ما هو حكم الدين فى اخفاء مرض أحد الزوجين عن الآخر؟ وهل يكون عقد الزواج صحيحا؟ وهل يأثم أحدهما إذا طلب الطلاق؟

أجاب قائلاً: إن عدم الشفافية والغموض مشكلة نعانى منها فى كل مناحى الحياة، إلا أنه طال الزواج أيضاً رغم أنه لابد أن يقوم على الصراحة فى الأساس، والغش فيه لا يجعل الحياة تستقيم، فإذا كان هناك مرض يجب أن يخبر به الطرف الآخر، وذلك ليس لأن عقد الزواج سيصبح غير صحيح، ولكن لأن هذا الأمر سوف يسبب مشاكل كثيرة فيما بعد، ففى بعض الحالات نجد أن الزوج أو الزوجة لا يريدا أن يكملا الحياة مع الشخص الذى كذب عليه، وتكون النتيجة وقوع الطلاق وخراب البيت مؤكدًا أن الوضوح أفضل.

وأضاف إنه يجب على كل من الخاطبين إخبار الآخر بالأمراض المصاب بها، وقد حددها العلماء بالأمراض التى قد تمنع العلاقة الزوجية أو الأمراض المعدية التى يمكن أن تنتقل للطرف الآخر عن طريق العلاقة الزوجية.

وأضاف إبراهيم أمين خلال حديثه للوفد أنه ليس من الضرورة على الخاطبيين إخبار أحدهما الآخر بتاريخ العائلة المرضى فى حالة عدم تأثيرها على الزواج، فهى مسألة شخصية، فإذا أراد أن يخبر بها يكون أفضل ولا مانع فى ذلك، مؤكداً أنه لا يأثم أيضاً على عدم القول. طالما أنها لا تؤثر فى الطرف الآخر.

 

صحة العقد

وعند سؤال دكتور أسامة أمين مدرس الحديث وعلومه بجامعة الأزهر وعضو مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية عن مدى صحة العقد فى حالة الكذب بشأن الحالة الصحية لأحد الزوجين، وهل يحق للزوج رفع دعوى فسخ عقد الزواج للغش؟

 

 قال إن الزواج هو الميثاق الغليظ والرباط المقدس الذى جمع الله تعالى به بين الرجل والمرأة، وهو حصن المجتمعات ضد أنواع الانحرافات الخُلقية المتعددة، والميولات الشاذة الدخيلة، وقد انتشر فى كثير من بلدان العالم فى الآونة الأخيرة وجود مراكز معتمدة لإجراء بعض الفحوصات الخاصة للمقبلين على الزواج، والغرض منها هو الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية أو العضوية أو النفسية التى يمكن أن تأثر سلباً على نجاح العلاقات الزوجية، وهى بهذا خطوة استشارية ناجحة لتحقيق التكافؤ والتوافق بين شريكى الحياة، والهدف من إجراء هذه الفحوصات هو بناء أسرة قوية متكاملة البناء، ففى صحيح الحديث الشريف: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف»، والقوة المقصودة فى الحديث تشمل القوة البدنية والصحية والعقلية والنفسية كما تشمل القوة الإيمانية. 

‏واستكمل حديثه قائلاً: أنها خطوة وقائية أيضاً، والوقاية خير من العلاج، كما أنها وسيلة لحفظ النسل الذى هو إحدى الضرورات الخمس فى شرعنا العظيم، كذلك يُلحق هذا الأمر بمسألة رفع الضرر عن الغير، لحديث النبى (صلى الله عليه وسلم): «لا ضرر ولا ضرار».  وبالتالى فلا مانع من إجراء هذه الفحوصات كخطوة استشارية تمهيدية للاطمئنان على النواحى الصحية لكل من الزوجين، ولكننا لسنا بحاجة لهذه الفحوصات فقط، بل نحن بحاجة للتوعية الفكرية أيضا بأحكام الخطبة وحقوق الزوجين من النواحى الشرعية، كما أننا بحاجة لدراسة هذه الجوانب من النواحى النفسية والتربوية بل والقانونية.

 ‏وأشار دكتور أسامة أمين إلى أن مركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية قد خصص عدداً من الدورات الهادفة لتنمية هذه الثقافة لدى المقبلين على الزواج، وهى خطوة سباقة مثمرة كعادة المركز فى إثراء المجتمعات بالحلول الناجحة للمشكلات المعاصرة.

وأكد أنه من الواجب على الخاطب والمخطوبة أن يخبر كل منهما الآخر عن حالته المرضية إن كان هناك ما يُعالج منه، فهذا من باب الأمانة المطلوبة فى الزواج، وإخفاء مثل هذا من الغش المحرم شرعا، و«من غشنا فليس منا» كما قال نبينا (صلى الله عليه وسلم)، وإذا ثبت الضرر بهذا المرض لأحد الطرفين فللطرف الآخر الحق فى فسخ عقد الزواج، ويحق للزوج استرداد ما قدمه من مهر وهدايا- إذا كان المرض فى الزوجة- لأن هذه الهدايا غالباً تعتبر جزءاً من المهر، قال ابن قدامة فى المغنى: وكل موضع ثبت له الخيار ففسخ قبل الدخول فلا مهر عليه. وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى - «والقياس: أن كلَّ عيبٍ ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصُل به مقصودُ النكاح؛ من الرحمةِ، والمودةِ، يُوجِبُ الخِيَار».  

 

شروط 

ومن جانبه، أكد زكريا عبدالمطلب المحامى بالنقض والخبير القانونى أن من شروط صحة عقد الزواج وفقاً لقانون الأحوال الشخصية ألا يبنى العقد على الغش والتدليس وإخفاء العيوب التى يستحيل معها العشرة.

وأشار «عبدالمطلب» الى أن القانون أجاز للزوجة رفع دعوى طلاق للضرر من زوجها بسبب عيب او مرض يصعب التعامل معه اصيب به قبل الزواج ولم تعلم به أو حدث بعد العقد ولم ترض به عقلياً كان أو عضوياً.

واستكمل حديثه بأن القانون أسقط حق الفسخ فى حال كان طالب الفسخ عالماً بالمرض الذى بالشريك الآخر قبل عقد الزواج، أو رضى بالمرض الذى بشريكه بعد العقد صراحة أو ما يدل على هذا الرضا.