رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

إحدى أميرات الأسرة الملكية، عاشت فى قصر بمنطقة «شدس» بالإسكندرية، والدها النبيل عباس حليم حفيد محمد على باشا، كان رئيسا لنادى السيارات، ووالدتها توحيدة مدحت يكن حفيدة الخديو إسماعيل، دخل والدها السجن بسبب دفاعه عن الفلاحين لتصبح هى أميرة على الورق، محرومة من دخول السرايا والاستمتاع بما فى داخلها.

استقر والدها فى مصر، وعرف عنه حبه الشديد للمصريين، لا سيما العمال والفلاحين، حتى أنه فى عهد حكومة إسماعيل صدقى باشا نشر خطابا مفتوحا فى الصحافة، يطالبه فيه بضرورة تغيير الدستور وتصحيح الوضع القائم وحذره من احتراق البلد بسبب سياساته.

قام الملك فؤاد بسجنه وجرده من لقب «نبيل»، ولم يخرجه من السجن إلا بعد أن أضرب عن الطعام، لكنه لم يعد له اللقب حتى أعاده إليه الملك فاروق.

وكانت قواعد البلاط الملكى تقضى بعدم خروج الأميرات من القصر قبل سن 18، لكن عندما وصلت الأميرة نيفين إلى سن 15 عاما وافقت والدتها على ذهابها للمدرسة، حيث كانت تريد الالتحاق بالجامعة وكان لابد من الحصول على شهادة، فالتحقت بمدرسة «الانجليش سكول» فى مصر الجديدة، فأصبحت من «دراويش» أم الدنيا، تشربت حبها، وسرت فى دمائها جينات عشقائها الذين يهيمون حبا فى معشوقتهم، ولا يستطيعون الفكاك من هواها الذى سلب عقولهم، ليعترفوا بهذا العشق دون خجل، ويعلنوا انضماهم إلى قائمة المتيمين بها.

تقول الأميرة نيفين عباس حليم عاشقة مصر، خلال أيام النفى العصيبة، كنت دومًا أتذكر مصر التى كانت مرتبطة لى بالضوء وأشعة الشمس ولا أقصد بذلك أشعة شمس منتصف الظهيرة الحارقة، ما أقصده -وإن كان صعبا وصفه - هو شعاع غروب الشمس الذى نراه عبر النيل أو عند الأهرامات، أو على ساحل البحر الأبيض المتوسط فى الإسكندرية أو تلك الأشعة البيضاء الساطعة فوق البحر الفيروزى فى سيدى عبدالرحمن والساطعة على ساحل البحر الأحمر، هى الاشعة الوردية الذهبية التى تلامس الرمال وأشجار النخيل وأنت تبحر فى النيل من الأقصر إلى أسوان».

مصر بالنسبة لى كضوء النهار الخفيف الذى لا تستطيع وصفه، ولا يمكننى أبدا أن أحصى مظاهر جمال مصر، نعم هناك بعض الجوانب السلبية وهذا منطقى فكل شىء له جانب سيئ وحتى إن بدأت فى التفكير فى السلبيات، ستطغى عليك الايجابيات التى تمثل قمرا أبيض ضخما يحول أى قبح إلى جمال».

وتضيف الأميرة العاشقة لتراب المحروسة «هناك ضوء آخر هادئ وناعم ومضىء فى نفس الوقت، مع نسمات هواء الخريف التى تجعلك لا تشعر بأى شىء حولك حتى المبانى الشاهقة، فهذا الضوء أشعر به عند الفجر بعد يوم شاق أو عند السفر مبكرًا إلى المطار، أما فى الليل عند عبور أحد جسور النيل المزينة بمصابيح ذات لون أصفر، أرى نهر النيل الذى يعكس ضوء القمر والنجوم، حينها لا تركز فى شىء آخر سوى الضوء والنهر مع صوت الأذان الجميل الذى يدعو للصلاة».

وتستطرد الأميرة العاشقة «كنت أتابع أخبار مصر باستمرار ولن أنسى أننى قضيت فيها أجمل أيام حياتى، خاصة فى الإسكندرية، صحيح مرت علينا أيام صعبة بسبب اشتغال والدى بالسياسة، ووقوفه إلى جوار العمال وتأسيسه أول حزب عمالى مصرى، لكننا كنا سعداء لأننا نعيش فى مصر»، وتؤكد انها كانت تقرأ كل ما ينشر عن مصر وتتابع جميع أخبارها بدقة، خصوصًا ما يتعلق بنشاط أعضاء ثورة يوليو.

ومنذ أيام قليلة رحلت عن دنيانا الأميرة نيفين عن عمر ناهز 93 عامًا لتبقى قصة نبلها ووفائها وعشقها لمصر صفعة قوية على وجه من لا يعرفون قيمة أم الدنيا.

رحم الله الأميرة وحفظ مصر وأهلها

 

[email protected]