رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

أرجو تشكيل لجنة لتقصى الحقائق تشارك فيها كل الأجهزة الرقابية للتحقيق فى الحريق الذى شهدته «دار الحرية» للأيتام منذ أيام وما تلاه من إجراءات جائرة، إذ إنه لا يعقل أن يُترك مسئولو الدار ومشرفو الأمن والدفاع المدنى، ويتم الزج بأربعة أطفال أيتام -لا حول لهم ولا قوة- فى الحجز وسط المجرمين والخارجين على القانون بينهم طفل عمره 14 عامًا، وحرمانه من حضور امتحانات المرحلة الإعدادية، لمجرد الرغبة فى تحميل هؤلاء الأطفال القضية حتى يفلت الجانى الحقيقى من العقاب، وتقديمهم على أنهم مجموعة من عُتاة المجرمين.

المعلومات المتوافرة من داخل الدار تؤكد أن هؤلاء الأطفال بذلوا جهدًا كبيرًا فى إنقاذ أخوتهم «الأيتام» عندما اندلع الحريق، بل إن مديرة الدار شهدت بأن أحدهم لم يكن موجودًا وقت الحادث، والآخر كان فى المدرسة، بما يطعن فى جدية ومصداقية الاتهام.

إياكم ودمعة اليتيم، فإنها سهم يخترق حجب السماء، وقد حذر الله من ذلك بشكل قاطع.. «وأما اليتيم فلا تقهر»، ويجب أن نتذكر أن هؤلاء «الأيتام» وغيرهم استقبلتهم الدنيا استقبالًا جافًا قاسيًا حُرموا فيه من الأهل، وحُرموا من دفء العائلة وأمانها. يكفى ما فعله الزمن بهم، وليس من العدل ولا الضمير أن نكون نحن والزمن عليهم.

لقد سبق أن زرت «دار الحرية» أكثر من مرة لمتابعة مجموعة من الأطفال تم نقلهم إليها بعد إغلاق الدار التى كانوا بها على خلفية اتهامات طالت المشرفين بالتعذيب والإهمال بعد وفاة طفل متأثرًا بالسرطان، وما تردد وقتها عن عدم علاجه ومتابعته. وعلمت أثناء متابعتى لهم بوقوع جريمة حين قام أحد المشرفين بضرب طفل بسلسلة مفاتيح فى وجهه، فألحق به عاهة مستديمة أفقدته النظر فى إحدى عينيه، لقد تأثرت جدًا حين رأيت الطفل وما تعرض له من أذى، وعرضت الأمر على الدكتورة غادة والى وقت أن كانت وزيرًا للتضامن الاجتماعى حين التقيتها فى أحد المؤتمرات بالعاصمة الإدارية يوليو 2019، فطلبت منى الوزيرة إمهالها يوما واحدا للسؤال عما حدث فى هذه الدار، وفى اليوم التالى قابلتها فى ذات المؤتمر، فأبلغتنى بأن الواقعة صحيحة، وأنه تم توقيع جزاء على المشرف الذى أحدث عاهة بالطفل.

يا سلام.. بكل هذه البساطة يفقد طفل إحدى عينيه، ويكون عقاب المجرم جزاء إداريا، لأن هذا الطفل ليس له أهل يسألون عنه، ولا عزوة تأتى له بحقه.

أيقنت وقتها حجم الواقع المرير الذى يعيشه الأطفال الأيتام، خاصة أن هذه الدار كان يوجد بها طفل اسمه «على» جاء إليها من دار أخرى بعد أن تم اقتلاع عينه اليسرى بالكامل وسرقتها، وعندما سألته لمعرفة ما حدث، أوضح أنه لا يتذكر ما وقع له عندما كان صغيرًا، ولكنه لا ينسى الألم الذى أصابه عندما أخذوا عينه منه، وأنه لا يعلم من ارتكب هذا الفعل الشنيع.

هذه مشاهد بسيطة أقدمها لما رأيته بنفسى فى «دار الحرية» للأيتام.

أناشد المستشار الجليل حمادة الصاوى النائب العام بالتدخل وإجراء تحقيق تحت رعايته المباشرة للوقوف على حقيقة ما حدث فى حريق «دار الحرية»، كما أناشده باطلاق سراح الأطفال الأربعة من قسم الشرطة، ومراعاة حقوقهم كأطفال أولًا، ثم كأيتام ليس لهم سوى الله وأصحاب الضمير فى هذا البلد.

 

[email protected]