عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نعيش الآن فى مصر وباقى دول العالم فى ظل موجة تضخمية هائلة صنعت ظرفا اقتصاديا غير مسبوق مما يستلزم آليات جديدة وغير مسبوقة لمواجهة التضخم المتنامى وشبح الركود.. وأهم هذه الآليات على المدى القصير هو تعظيم الاستفادة من موارد النقد الأجنبى من خلال الصناعات التى نمتلك فيها ميزة تنافسية.

إن حالة عدم اليقين المتصاعدة التى تضرب الأسواق العالمية تلقى بثقلها بشكل أكبر على أسواق البلدان الناشئة ومنها مصر وأحدثت فجوة تمويلية بالعملة الصعبة فى العام الفائت أدت إلى ارتفاع كبير فى سعر الدولار مقابل الجنيه.

ولأن السياحة تأتى على رأس الصناعات التى تمتلك فيها مصر ميزات تنافسية وفرصا هائلة للنمو وقدرة أكبر على ضخ العملة الصعبة بشكل «سريع» فى شرايين الاقتصاد، لذلك يعد الاهتمام بزيادة نصيب مصر فى شتى أنواع السياحة أمرا حيويا الآن وقبل أى شىء. وفى هذا المقال نحن بصدد عرض نوع متفرد من السياحة التى من شأنها أن ترتقى بالعديد من القطاعات وزيادة مصادر مصر من العملة الصعبة وهى «السياحة التعليمية»...

 

تهدف السياحة التعليمية إلى جذب أكبر عدد ممكن من الطلاب الوافدين لمتابعة الدراسة فى بلدان أخرى، وتتمثل أهميتها فى تعزيز الروابط الثقافية والحضارية بين الدول من خلال ما يكتسبه الطالب من علوم جديدة وما ينقله من معارف تتعلق ببلده. فالسياحة التعليمية تعنى أن الهدف الرئيسى من السفر هو التعليم، والذى ينتج عنه بالضرورة القيام بأنشطة سياحية وأنشطة يومية حياتية أخرى أثناء اكتساب الطالب الوافد المعارف والعلوم. وتوجد أمثلة ناجحة كثيرة فى دول آسيا والدول الأوروبية وأمريكا، حيث يتوافد الطلاب إليها من جميع أنحاء العالم، حيث ينفق الطلاب على هذه العملية التعليمية ما لا يقل عنه مائة ألف دولار سنويا، وذلك يشمل المصروفات الجامعية والسكن والمواصلات والأكل والإقامة وما غير ذلك مما يحتاجه للإقامة والمعيشة فى البلد التى يدرس بها مما يؤكد بوضوح وجلاء شديدين الأثر الكبير للسياحة العلاجية فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى، فضلا عن تقليل فجوة التمويل بالعملة الصعبة التى تثقل كاهل الاقتصاد المصرى حاليا. إن للمؤسسات التعليمية فى مصر تاريخا عريقا وحاضرا قويا مليئا بالفرص الواعدة، ومن أهم تلك المؤسسات جامعة القاهرة، والتى تحتل حتى الآن مركزا عالميا ضمن أول 400 أقوى مؤسسة تعليمية فى العالم، ولا يقتصر التميز على جامعة القاهرة فقط، ولكن مؤخرا انضم لقاطرة المؤسسات التعليمية العديد من الجامعات الأهلية مثل جامعة الجلالة وجامعة العلمين الجديدة وجامعة الملك سلمان الدولية وأفرع كثيرة من جامعات دولية فى العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها.

إن مصر كانت وما زالت مركزا إقليميا للطلاب الوافدين وتأتى فى مقدمة الدول العربية فى مجال التعليم العالى بالمقارنة مع شقيقاتها من الدول العربية، وهو الأمر الذى يعد حافزا أمام الطلاب الوافدين لاستكمال دراستهم بها؛ حيث وصل إجمالى عدد الطلاب الوافدين إلى حوالى 30 ألف طالب فى العام الماضى بإجمالى إيرادات 500 مليون دولار (وهو ما يجب مضاعفته على المدى القصير)، حيث يجد الطلاب فى مصر المستوى المتميز المطلوب من التعليم فى بيئة تتسم بالاستقرار الأمنى والسياسى ومناخ اجتماعى معتدل ومقومات تاريخية وحضارية، بالإضافة إلى الأسعار المقبولة والتنافسية مقارنة بالدول الأخرى التى تقدم نفس المحتوى التعليمى بل أفضل فى كثير من الأحيان. ولكن هذا الرقم «500 مليون دولار» يعد رقما زهيدا بالمقارنة بالدول الأخرى التى تعد السياحة التعليمية فيها من أهم مصادر الدخل القومى، فمثلا الدخل من السياحة التعليمية فى بريطانيا يصل الى حوالى 35 مليار جنيه إسترلينى بإجمالى عدد طلاب 480 ألف طالب من كافة أنحاء العالم.

من المعلوم أن الحكومة مستمرة فى زيادة الإنفاق على التعليم وتطويره وفق استراتيجية طموحة لمواكبة التحديات المستمرة من مشاكل اقتصادية وزيادة سكانية فى ظل موارد محدودة وتحديات متزايدة وتطلعات كبيرة. ولكل ما سبق يمكننا يقينا أن نؤكد أن التركيز حاليا على السياحة التعليمية والعمل على زيادة نصيب مصر منها يعد بلا جدال حلا إبداعيا لنمو الاقتصاد وتوفير العملة الصعبة على المدى القصير إلى جانب زيادة التعاون الدولى وتقليل البطالة وخلق فرص عمل،

ولذلك يجب أن تعمل الحكومة على إنشاء برامج متميزة لجذب الطلاب الوافدين ليس فقط بتقديم خدمة تعليمية فائقة ومميزة، ولكن بالعمل أيضا على توفير سبل الراحة لهم بداية من توفير إقامة مناسبة مع العمل على تحقيق متطلباتهم والحرص على نيل رضاهم.