رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا 

لا يوجد فى الدنيا قرار يمكن أن يعالج كل المشاكل دفعة واحدة، فالكمال لله وحده، ولكن يبقى الاجتهاد مطلوبا وفق رؤية تضع ترتيبًا لأولويات القضايا المطلوب التعامل معها، فالدواء الذى يصفه الطبيب للمريض قد لا يخلو من آثار جانبية يتم حسابها جيدًا ويمكن احتمالها إذا كان المطلوب علاج مرض أكبر. ويبقى لكل قرار غاياته الكُلية التى يتم تقييمه فى إطارها. وأرى أن القرار الذى اتخذه بنكا «الأهلى» و«مصر» برفع أسعار الفائدة وطرح شهادات بفائدة تصل إلى 25% سنويًا و22.5% شهريًا، خطوة مصرفية مهمة وجريئة وعبقرية، انتظرها المجتمع طويلًا لإصلاح العديد من أوجه الخلل فى إطار الدور الحيوى الذى يقوم به القطاع المصرفى، وهو بمثابة القلب النابض فى جسد الاقتصاد.

قد يتحدث البعض عن أن رفع سعر الفائدة له أثره على تكلفة تمويل المشروعات، وزيادة العبء على الموازنة العامة، وزيادة تكلفة خدمة الدين، وهذا صحيح، غير أن إيجابيات هذه الخطوة على المستوى القومى -حاليًا-  تفوق بكثير أى آثار سلبية، ومن أبرز هذه الإيجابيات:

- إن سعر الفائدة يعد سلاحًا قويًا للحفاظ على قيمة العملة الوطنية ومواجهة ظاهرة «الدولرة» ولجوء العديد من المواطنين لاكتناز الدولار، إذ إنه كفيل بأن يغرى كثيرا من حائزى العملات الأجنبية وفى مقدمتها الدولار على بيعها أملًا فى الاستفادة من هذا الرقم غير المسبوق، وكان لابد من وقفة حاسمة لحماية الجنيه بعد تجاوز الدولار رقم 26 جنيهًا، وتخطى الدينار الكويتى حاجز الـ 85 جنيهًا، والريال السعودى 7 جنيهات والدرهم الإماراتى 7 جنيهات.

- إن رفع سعر الفائدة سيسهم بشكل كبير فى استقرار قيمة الجنيه، وسيؤدى إلى إيقاف ظاهرة خروج الأموال الساخنة، حيث شهدت الفترة الماضية خروج بعض الأموال التى لها رصيد من النقد الأجنبى، يقدرها البعض بنحو 26 مليار دولار، وبالتالى سيسهم ذلك الإجراء فى جذبها للاستثمار فى أذون الخزانة للاستفادة من سعر فائدتها.

- أيضًا سيسهم هذا القرار بلا شك فى التصدى لظاهرة التضخم، من خلال تجفيف معدلات السيولة الزائدة، حيث سيغرى المواطنين على إيداع أموالهم فى البنوك للاستفادة من الفائدة المرتفعة، وبالتالى يقل الطلب على السلع والمنتجات بالأسواق، فتكون زيادة العرض وتراجع الطلب فينخفض معدل التضخم، لقد شهدت الأسواق خلال الفترة الماضية ضغوطًا تضخمية من جانب الطلب، وزيادة الركود التضخمى، وزيادة معدلات نمو السيولة المحلية. والمؤكد أن تلك الخطوة سيتؤدى إلى استقرار الأسعار فى إطار التزام البنك المركزى بذلك على المدى المتوسط.

- ويرتبط بما سبق أنه يتواكب مع اتجاه البنوك المركزية العالمية مؤخرًا لرفع أسعار الفائدة، فى ظل موجة التضخم المتسارعة، بسبب الوضع الاقتصادى العالمى.

- وأهم ما فى الأمر أنه خطوة تعويضية مهمة للحفاظ على جزء من أموال مودعى البنوك التى تأثرت بسبب ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الجنيه بعد عمليات التعويم التى تمت منذ 3 نوفمبر 2016. ومن المعروف أن القطاع العائلى يسهم بأكثر من 80% من إجمالى ودائع البنوك بحسب تقرير البنك المركزى حتى نهاية أغسطس 2022.

لا شك أن لكل قرار إيجابياته وسلبياته، ولكن يبقى للخطوة التى اتخذها بنكا الأهلى ومصر مؤخرًا إيجابياتها التى تتجاوز أى سلبيات فى الوقت الراهن.

 

[email protected]